مقالات مختارة

هل يتراجع النفوذ الروسي في سوريا؟

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600

منذ اليوم الأول استهدف الطيران الروسي والصواريخ الروسية المدنيين السوريين وبناهم التحتية من أسواق ومساجد ومشافٍ ومدارس، والذي نجم عنه تشريد مئات الآلاف من المدنيين، مع نزيف أخلاقي ومعنوي يتواصل ويستمر منذ تلك الفترة.

 

لكن السقوط الحر تزايد في الفترة الأخيرة، لا سيّما بعد إعلان روسيا عن مشاركة عملية ومباشرة في معارك الشمال السوري عبر قواتها الخاصة "السبيتناز"، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفها، مع عجز لثلاثة أشهر متواصلة عن تحقيق انتصار عسكري -ولو بسيط- على فصائل تفتقر إلى أبسط الأسلحة النوعية التي تقف في وجه دولة عظمى مثل روسيا.

 

بل وذهب خبراء في مجلة "فورين بوليسي" إلى أن هذه الحرب الروسية الضخمة لم تستولِ سوى على 1% من الأراضي السورية.

فشل الفيلق الخامس، الذي شكّلته روسيا نتيجة المصالحات في درعا وريفي دمشق وحمص، في إحراز أي تقدّم عسكري بمعارك ريفي حماة وإدلب، التي كانت تأمل أن تستغني من خلاله عن القوات الإيرانية ومليشياتها الطائفية التي وضعتها روسيا بدورها على طاولة المساومات مع الأمريكيين والإسرائيليين؛ فكانت النتيجة انهيار الفيلق الخامس، بل وتعرّضه لانشقاقات كبيرة والتحاق المنشقين بصفوف الثوار من جديد، ونشوب اقتتال داخلي كبير بينه وبين قوات النظام السوري، وصل إلى حد تصفية قوات النظام بعض عناصره بحجة هروبه وعدم صموده في وجه الثوار.

ترافق هذا مع التوتر الصامت الحاصل بين الوجود الروسي والإيراني في سوريا، مع رفض طهران المشاركة في القتال الأخير إلى جانب القوات الروسية في معركة ريفي حماة وإدلب، زاد من الفجوة بينهما الضغوط الدولية على إيران وحاجة الأخيرة إلى تركيا كقاعدة اقتصادية خلفية لها بسبب الحصار المضروب عليها، بينما صعّدت أنقرة من المواجهة الصامتة مع روسيا، بدعم فصائل الثوار بالصواريخ والقذائف، فوصلت لأول مرة بأن تستهدف فصائل موالية لها قاعدة حميميم الروسية، وهي التي كانت هدفاً حصريا لهيئة تحرير الشام، المتهمة دائماً روسياً باستهداف القاعدة، وهو المبرر لها بشنّ هجمات على المناطق المحررة.

الواضح أن الاستنزاف المالي والبشري الروسي في سوريا إلى تصاعد، فوجود ما يقارب 62 ألف جندي روسي، بالإضافة إلى العمليات العسكرية المتزايدة، يكلّف الخزينة الروسية الكثير من المال

 

هذا إن علمنا أن أقل طلعة جوية لطائرة حربية روسية عادية تكلف في حدود 75 ألف دولار، فلنا أن نتخيل إذا كان عدد الطلعات الجوية الروسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 3000 طلعة جوية، ناهيك عن الاحتياجات الأخرى الضخمة.


بالتأكيد، فإنه لا مصلحة لموسكو بقطع العلاقة مع أنقرة، ولا مصلحة للأخيرة بقطعها مع موسكو. وفي ظل الحاجة المتبادلة، ومع رغبة موسكو في إبعاد أنقرة عن "الناتو" بصفقة الـ "أس400"، وهو ما يقلق الغرب وأمريكا تحديداً، تظل اللعبة في سوريا أقل بكثير من مصالح الطرفين الكبرى؛ ولكن الأوضح اليوم هو أن النفوذ الروسي يتراجع في سوريا، لا سيّما مع الاستنزاف النخبوي العسكري الكبير واليومي لقوات النظام الموالية لها، بالإضافة إلى صراعها هي نفسها على كسب المراكز والمناصب العسكرية والأمنية للنظام مع الإيرانيين.

 

(عن صحيفة العرب القطرية)

التعليقات (2)
ابو العبد الحلبي
الأربعاء، 24-07-2019 02:07 م
الجواب على السؤال : 1) أيام عبد الناصر ، كان كثير من الناس يظنون أن مصر تابعة للاتحاد السوفيتي لوجود جيش و مستشارين و مدربين سوفيت بل إن بعض الساذجين تصوروا أن ضرب القاهرة يعني ضرب موسكو و أن الاتحاد السوفيتي سيتدخل عسكرياً لصالح مصر عام 1967 . بالطبع لم يحصل هذا ، و كانوا "محايدين" كالمعتاد ! 2) في بداية الستينات ، قام الرئيسان كينيدي و خروتشوف بالتصديق على سياسة الوفاق الدولي لتتعاون أمريكا مع الاتحاد السوفيتي بشكل أكبر في الساحة الدولية مستبعدين دول الاستعمار القديم و متقاسمين النفوذ في العالم . وافق الاتحاد السوفيتي على أن تكون منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا تابعة لأمريكا لا ينافسها فيها و إنما يساعدها فقط في منطقة نفوذها حسب الطلب. اعترفت أمريكا بروسيا الاتحادية كوارثة للاتحاد السوفيتي و احتل مندوب روسيا مقعد مجلس الأمن الدائم مقابل شروط منها أن تلتزم روسيا بما جرى الاتفاق عليه . لم يملك بوتين أي خيار حين توجه له اوباما و كيري طالبين تدخل الروس عسكرياً في سوريا و كل ما أثاره معهما هو النفقات العسكرية لهذا التدخل فطمئناه إلى أن هنالك دولة عربية خليجية على الأقل ستتحمل التكاليف ، و بعد وصول الشيك الأول من أمير خليجي ابتدأ الروس عدوانهم الوحشي في نهاية سبتمبر 2015 و المستمر حتى اليوم. لم يكن تدخل الروس لبناء نفوذ لهم في سوريا و إنما بحدود المهمة الموكولة . إذا ارتأت أمريكا أن مهمة الروس قد انتهت أو أن الروس لم يلتزموا بأمر هام أو قاموا بعمل فيه تهديد للمصالح الأمريكية ، فمن الممكن إنهاء تواجد الروس في سوريا بين عشية وضحاها كما حصل في مصر أيام السادات (بتعليمات الأمريكان ) حيث طلب منهم الانسحاب فانسحبوا سريعاً و عادوا إلى موسكو بخفي حنين .
عبدالله
الأربعاء، 24-07-2019 10:11 ص
فلاديمير بوتين يروج للوطنيه والارثوذكسيه ,حتي بات بعض القوميين يدعون الي Russification حيث انه معلوم ان روسيا بلد متعدد القوميات والديانات, بالمناسبه بوتين و اغلب جهازه الحكومي يهود.