هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الدولة التي تسمح قوانينها بسرقة أعضاء الموتى في المستشفيات الحكومية دون إذن أو وصية، هي نفسها التي تلقي القبض على شباب صغير، يعمل ليأكل، بدعوى التهريب، قرنية عين المريض التي سرقها الأطباء في القصر العيني وتركوا الجثة تنزف وغادروا بسرعة اللص قبل أن يلحظهم أهل الميت، لا تعد تهريبا، بل هي شغلة شريفة لخدمة الإنسانية.
أما "الحرام" من وجهة نظر امرأة المحشي التي كانت تستوجب أطفال سوهاج، فهو أن تشقى وتتعب وتطفح الكوتة حتى تطلع قرنية أهلك لتنفق على خمسة أنفار، شباب من سوهاج، أقصى الجنوب، ويعملون في بور سعيد، أقصى الشمال، لأن بلادهم ليس بها عمل.
وبدلا من أن تخجل الحكومة من نفسها تسائلهم لماذا لا تبحثون عن شغل شريف بدلا من التجارة في الملابس التي تضر باقتصاد البلاد؟! يصرخ الصغير: "الكام دستة دول هما اللي هيضروا البلد؟! أصحاب الملايين يمرون بأطنان من المهربات، "بيعدوا زي السلام عليكم"، والشرطة في خدمة التهريب على ألا يقل رأس مال المهرب عن مليون جنيها.
أما الغلابة فهم من يقبض عليهم ويجري تعسيفهم ثلاث مرات، مرة بقطع الرزق، وأخرى بالسجن، وثالثة بالتشهير بأطفال قصر لاستعراض عضلات الدولة التي تحارب الفساد وتهاجم أوكار التهريب وتضرب جامد ...
دافع بعض الأطباء عن منطق الاستيلاء على الأعضاء دون إذن أهل الميت، أو وصية صاحب الجسد نفسه، مبررات قطع القرنية، دون إذن، هي نفسها مبررات قطع الرزق، مع الفارق، فالأولى تخدم الدولة، والثانية تخدم بها الدولة، والنتيجة في الحالين واحدة، ليس لنا من الأمر شيء، أحياء وأمواتا!
من حيث المبدأ، لا أحد يشجع على التهريب، لكن حين تسمح الدولة بالتهريب للتجار الثقال، عيني عينك، بمنتهى البجاحة، فلا تسأل "حدثا" لم يكمل السن القانونية، دفعته ظروف العيش المريرة لمفرمة السوق بدلا من أن يكمل تعليمه ويحلم بمستقبل، لماذا تهرب قمصانا وبنطلونات، لتأكل؟! لا تسأل من لم توفر له عملا شريفا لماذا نحت لنفسه من الصخر عملا، دون أن يتاجر في المخدرات، أو يهرب الآثار كما يفعل بعض من ألقوا القبض عليه، أو من يشغلونهم؟!
من حيث المبدأ، لا يوجد شرع ولا دين ولا مبدأ يجرم الحصول على القرنية، أو غيرها من أعضاء متوفى، لإنقاذ آخر، حي، إلا أن التذرع بالقوانين المصرية التي تسمح بالتعدي على حقوق الجسد، خطأ مهني من الطبيب قبل أن يكون تجاوزا أخلاقيا من المشرع، كان أولى بالأطباء أن يكونوا أول المعترضين على حرمان المريض وأهله من أبسط حقوقهم في "الإذن" باستخدام أعضائهم، أو أعضاء ذويهم، خاصة في ظل ثقافة، وبيئة عمل، عاطفية، لا تسمح بالتعامل مع الجسد بهذا الشكل المادي!
الدولة قبضت على "العيال" لأنهم تحايلوا ليأكلوا، ومنعت زراعة القرنية في القصر العيني، عقابا للمواطنين الذين اعترضوا على قوانين تحرم الناس من حقوقهم في أجسادهم، انتقموا ممن يبحث عن الرزق، وانتقموا ممن يبحث عن العدل.
سيدة الكرنب، كانت تعاير الأطفال على كونهم رجالا، قبل الأوان، نزلوا إلى السوق وكافحوا وكسبوا لقمتهم، وتأمرهم بالشغل في الاستثمار، أو النظافة، بعض الأطباء بدورهم يشاركون الدولة في توبيخ الصحفيين، والنشطاء، الجهلة، غير المسؤولين، الذين أثاروا لا إنسانية القانون ولا أخلاقيته، ولم "يطرمخوا" لمصلحة الغلبان، وصلات من التقريع على طريقة روحوا اشتغلوا في الاستثمار.
روحوا ازرعوا للفقرا بأنفسكم، خل مواقع التواصل ترد للعميان نظرهم، خلوا الإعلام ينفع الغلابة، وكأن الصحفي الذي قام بعمله، أو الناشط، أو المدون، الذي كتب رأيه، هم المسؤولون عن تخلي الدولة عن مسؤولياتها 3 مرات، مرة حين سنت قانونا ظالما، وأخرى حين عاقبت من يعترض عليه، بحرمان غيره من بصره، وثالثة حين مارست ابتزازا رخيصا، شاركها فيه بعض الأطباء للأسف، بأن "المعارضة" هي السبب في حرمان الفقير من القرنية المجانية، وخل الثورة تنفعكم!