كتاب عربي 21

الشوشرة لا تغير الحقائق.. عن سوريا وثورة شعبها

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

استغلت فرق التشبيح العربي (بكل ألوانها الطائفية والمذهبية والحزبية والأيديولوجية)، المسرحية السخيفة التي صاغها وأخرجها الثلاثي (ترامب، ماكرون وماي) في سوريا، كي تشن هجوما صوتيا على من يساندون الشعب السوري في مواجهته مع الطاغية وحلفائه، وكي يوحوا أن موقف جماهير الأمة ليس كما هو معروف من وقوفه ضد الطاغية، وضد العدوان الإيراني، والوحشية الروسية، أو أنه سيتغير تبعا للهجوم المسرحي، حتى لو عارضته (وقد عارضناه) من منطلق رفض تدخل الولايات المتحدة التي لها في وعي الأمة عداء هائل.


تتميز الفئات التي تساند العدوان الإيراني، وطاغية سوريا أنها فئات مثقفة نسبيا ومؤدلجة، أعني أنها نخبوية الطابع، إذا استثنينا الحشد المذهبي المعروف الذي سيصفق لخامنئي ولو هدم الكعبة، إلى جانب القليل من الفئات التي تحفزها هواجس طائفية، وتتخذ موقفا مناهضا لكل ربيع العرب، تبعا للونه الإسلامي.


ولأنها كذلك (يسارية وقومية غالبا)، سيكون بوسعها إثارة جلبة سياسية هنا وهناك توحي بأن منطقها واسع الانتشار، بينما الحقيقة أنه ليس كذلك بأي حال، ولا حاجة للاستشهاد باستطلاعات رأي تؤكد ذلك، لأن من يعيش بين الناس؛ هنا أو في أي مكان من العالم العربي يدرك هذه الحقيقة أيما إدراك.

 

لسنا في شك من موقف الغالبية من الأمة، فنحن نعلم أن ضميرها لا يمكن تزييفه، وأن إنسانيتها بخير، ولم تسقط في وحل السياسة و"الأدلجة"، كما حصل مع بعض أولئك، لكننا نكتب هنا، لأن بعض الطيبين قد أخذتهم الجلبة التي أثارها أولئك، وظنوا أن الموقف الشعبي قد تغير.

والحال أن الموقف من إيران تحديدا، كان سابقا على تدخلها في سوريا، فضلا عن جريمتها المفضوحة في اليمن، بجانب طائفتيها في العراق، وما أدت إليه من موت ودمار، وبعد ذلك استمتاع "حشدها" بغطاء الطيران الأمريكي هناك. ويكفي أن نذكّر أن إعدام صدام حسين فجر عيد الأضحى قبل 12 عاما كان كافيا لقلب المزاج الشعبي العربي والإسلامي (الغالبية السنيّة) ضدها على نحو حاسم.


أما قتل الشعب السوري وتهجيره لأنه خرج يطلب الحرية والكرامة، ضمن أجواء العربي، فجاء ليؤكد هذه المعادلة على نحو أكثر حسما، ثم جاءت اليمن لتضيف المزيد لهذه المعادلة، بخاصة أن أي مبرر له الحد الأدنى من القيمة لا يحضر هنا.


سيكون على فرق التشبيح إياها، أن تقنع نفسها والغالبية الساحقة من الأمة، أن مسرحية خلاصتها صواريخ تُطلق على أماكن مُدمَّرة وليس فيها أحد، بدعوى الرد على استخدام السلاح  الكيماوي، بينما يعلن مطلقوها أنهم لا يستهدفون النظام، ستمنح الأخير شهادة قومية وثورية ووطنية!!


لسنا في شك من موقف الغالبية من الأمة، فنحن نعلم أن ضميرها لا يمكن تزييفه، وأن إنسانيتها  بخير، ولم تسقط في وحل السياسة و"الأدلجة"، كما حصل مع بعض أولئك، لكننا نكتب هنا، لأن بعض الطيبين قد أخذتهم الجلبة التي أثارها أولئك، وظنوا أن الموقف الشعبي قد تغير.


هذه أمة لديها مخزون من الوعي يصعب تزييفه، ولو كانت لدى أولئك قدرة على العبث بضميرها الجمعي، لترجموا ذلك حضورا في الشارع، ونستثني من جديد كما قلنا من قبل، ذلك الحشد المذهبي المعروف، والذي سيدرك لاحقا أية مصيبة دفعه إليها خامنئي؛ بوضعه في حالة عداء مع الغالبية الساحقة من المسلمين، وهو ما يقوله عقلاء من الشيعة في لبنان، وبعض الدول الأخرى.
 

4
التعليقات (4)
منير
الأحد، 22-04-2018 10:47 ص
مقال يضع النقاط على الحروف ويفضح جبهة الممانعة المزورة ولا يترك لهم حجة. في بداية ثورات الربيع العربي وتحديدا قبل ان تصل شرارتها الى سوريا كان الموقف الايراني مع الثورات لكن ما أن وصلت شرارتها الى سوريا، حليف ايران الطائفي في المنطقة، انقلب النظام الايراني على مواقفه السابقة 180 درجة وراح يبحث له عن تبريرات واهية وسخيفة تمهيداً لدعم ثورات مضادة لثورات الربيع العربي فكان ان تدخلت في سوريا بمحاربة الشعب السوري وثورته ولم يكن الموقف الغربي مختلفا كثيرا عن الموقف الايراني بضرورة الحفاظ على نظام الاسد من الانهيار !! وأي منصف متابع جيد يستطيع الوصول الى هذه الحقيقة المرة.
أيمن عصمان ليبيا
السبت، 21-04-2018 03:57 م
لا شلت يمينك أستاذ ياسر ، موقف إنساني نبيل يقل للأسف بين الكتّّّاب الذين أصبح بعضهم مجرد أبواق لمشروع امبراطورية الدم والوهم الصفوية
ابو العبد الحلبي
السبت، 21-04-2018 03:08 م
للأستاذ ياسر كل الاحترام و التقدير على مقاله الرائع . نحن في عالم يتحكم فيه الطواغيت و يمتلكون المال و الإعلام في محاولات يائسة بائسة لطمس الحقائق. لم يخرج أغلب شعب سوريا في ثورته إلا من أجل أن يتنفس عبير الحرية و الكرامة و العدالة بعد سنوات طوال من القمع و البطش و تكميم الأفواه. هذا الخروج من أجل نيل حقوق إنسانية بديهية ، قابله النظام الدولي المجرم بضخ مليشيات و جيوش من الحثالة و الخنازير تساعد الظالم في ظلمه و ترتكب الفظائع من قتل و تدمير و تهجير. واضح أن هنالك تآمر و تواطؤ ضد شعب سوريا المسلم و هذا ينسحب على كافة الشعوب العربية سواء التي ثارت أو استكانت ، لأننا في نظر الحاقدين يجب أن نبقى في دائرة التخلف و الاستهلاك في جاهلية ثانية قسمت الناس إلى سادة و عبيد و وضعونا بالطبع ضمن خانة العبيد و نصبوا علينا نواطير تحرس بقاء هذا الترتيب . لكن دوام الحال من المحال ، و سيكون هنالك تغيير يرفع شأن هذه الأمة بعون الله يرونه بعيداً و نراه قريباً فالموجود الدولي باطل و الباطل لا يمكن أن يستمر مهما حشدوا له من قوى مادية.
محب الحق
السبت، 21-04-2018 01:16 م
قسما بالله الذي رفع السماء بغير عمد لن نتساهل مع كل من كان له يد في اذلال هذة الامه والتامر علي دينها وارواح ابنائها والاصطفاف مع اعدائها ولن نكون مثل اجدادنا ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وصلاح الدين مع الاقليات الدينيه التي كالخنجر في ظهر الامه ولا الاقليات العرقيه الملحده الخائنه للامه من بعض الاكراد والبربر ولم ننسي مذابح الكاثوليك للمسلمين في اسبانيا ولا مذابح الارتوذكس للمسلمين في كريت والبلقان التاريخ بيننا وكذلك الايام والله غالب علي امره ولكن اكثر الناس لايعلمون