هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل حملات التأييد القوية من حزب "النور" السلفي، وعلماء الدعوة السلفية بمصر لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وحثهم الجماهير لانتخابه لفترة رئاسية ثانية، وتحريم مقاطعة الانتخابات؛ يثار التساؤل حول ماهية المنافع المتبادلة بين الطرفين.
ولكثرة مواقف وفتاوى ومؤتمرات وخطب أعضاء وأنصار حزب النور والدعوة السلفية الداعمة لرأس النظام، نعرض لآخر ها والتي كانت عبر مؤتمر جماهيري موسع الجمعة، بالمنيا (وسط الصعيد)، بمشاركة نائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي، وجلال مرة، نائب رئيس حزب النور.
ستترحمون على السيسي
وطالب برهاني، المصريين بالنزول والتصويت للسيسي، بالانتخابات المقررة أيام 26 و27 و28 آذار/ مارس الجاري، محذرا من أن المقاطعة تخدم أعداء الوطن، ومهددا المصريين بقوله: "سيأتي يوم تقولون الله يرحم أيام السيسي، كما قلتموها من قبل على أيام حسني مبارك"، داعيا المصريين لتحمل الغلاء، ومتوعدا إياهم بمصير الدول المجاورة التي تحلم بالفقر وتتمنى الأمن.
وفي دفاعه عن تنازل السيسي عن جزيرتي (تيران وصنافير) وفشله في ملف (سد النهضة) الإثيوبي، قال برهامي، إن حزب النور قدم دراسات عن الجزيرتين وتأكد بأنهما سعوديتين، ودراسة أخرى عن قدرة مصر على إزالة (سد النهضة) ولكنها حذرت من غضب دولي، موضحا أنهم يدرسون أيضا ملف استيراد الغاز من إسرائيل.
عدو عدوي صديقي
"السلفيون، تقودهم مصالحهم إلى دعم السيسي ليس حبا له وإنما لعداوته لمنافسيهم الإخوان"، كانت تلك كلمات مساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية أسامة الألفي، في تعليقه على الدعم السلفي للسيسي.
الكاتب الصحفي المصري، قال لـ"عربي21"، إن "السيسي يعلم ذلك جيدا، ولذا يستفيد من هذه العداوة في دفع السلفيين إلى إبراز فضائح الإخوان وسقطاتهم"، مؤكدا أن "كلا الفريقين: السيسي والسلفيين يتعاملون بمنطق (عدو عدوي صديقي)، وأن الجامع بينهم هي المصلحة، والسياسة كما نعلم قائمة على المصالح".
وفي رده على سؤال "إذا كان كل يلهث خلف منفعته فأين الوطن في حسابات القوى السياسية والدينية وحتى رأس النظام؟ ومن يدفع فاتورة تلك المواقف التي قد لا تكون في صالح جل الشعب؟، أعلن الألفي أسفه لهذه الحالة.
وقال "للأسف صارت المصلحة عرفا سائدا في دنيا السياسة المصرية، ولم تعد هناك مواقف حقيقية، فنحن في زمن اختلط فيه الباطل بالحق حتى ليصعب فصلهما، والشعب غارق في مشكلات حياته اليومية وتوفير الحد الأدنى من متطلباتها".
وأضاف أن الشعب "سقط من حسابات القوى السياسية؛ فخذله البرلمان بلهاث نوابه لتحقيق مكتسبات مادية لأنفسهم، وخذله السياسيون حين أخرجوه تماما من حساباتهم، واهتموا بالقوى الفاعلة ذات التأثير الحيني، متجاهلين القوى الشعبية ذات التأثير البعيد الأمد".
لن يقدم حشودا ضخمة
ويرى أستاذ مشارك قانون دستوري ونظم سياسية الدكتور ياسر حمزة، أن "حزب النور السلفي المنبثق من الدعوة السلفية له أصوله الفكرية والتي هي امتداد للفكر السلفي بالسعودية، وبالتالي هو مدعوم منهم".
الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "النور لا يعادي نظام السيسي كما أنه لا يتحالف معه، حتى وإن أيده بالانتخابات الرئاسية فهو تأييد باهت وفاتر لا يتناسب مع تواجد وقوة حزب النور السلفي".
وأضاف حمزة، "حتى وإن كان الحزب قد خسر جزءا من شعبيته؛ فالمحصلة هي عدم تقديم حشود ضخمة الأيام الثلاثة للانتخابات"، موضحا أن "السيسي غير مضطر للصدام معهم حيث لا يشكلون تهديدا محتملا لنظامه، كما أنه عمليا لا توجد حياة سياسية والحزب يكاد يكون مجمدا كبقية الأحزاب السياسية".
فتش عن السعودية
وفي تعليقه على الدعم غير المتناهي من السلفيين وحزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية، قال المحلل السياسي سيد أمين، إنه "لو أردنا معرفة الدافع وراء تأييد الدعوة السلفية للسيسي في الجولة الثانية كما كان الأمر في الجولة الأولي؛ لبحثنا عن السعودية".
أمين، أوضح رؤيته في حديثه لـ"عربي21"، بقوله إنه "عقب حكم الدستورية العليا بحق (تيران وصنافير) –القاضي بصحة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية- و بعد ذلك الـ10 آلاف كيلو متر التي تم منحهم للسعودية في مشروع نيوم؛ ظهر التأييد السلفي مرتفعا".
وأضاف "يبدو أن هذا النوع من السلفيين -وليس كلهم بالقطع- هم حزب السعودية السياسي في مصر"، مشيرا إلى أنه "متى غضبت السعودية غضبوا، ومتى رضيت السعودية رضوا".
الكاتب الصحفي، أكد أنه "وبالطبع فإن السعودية هي ممولة هذا النوع من الإسلاميين لتحارب بهم الإخوان من ناحية وكل من يعادي نظامها في أي بلد عربي"، موضحا أنهم "في الواقع يفتقدون أي ظهير شعبي حقيقي؛ وهم فقط مجرد أبواق تخرج بالطلب".
وحول استفادة السيسي من حالة التأييد السلفي له كأن يظهر أنه نصير للإسلاميين وليس محاربا للإسلام، قال أمين، "بالقطع المستفيد الأكبر هو السيسي لأن هؤلاء الدعاة يلبسون علي الناس البسطاء الأمر"، مؤكدا أنهم "أخطر على مصر من السيسي".
لماذا تغيرت المواقف؟
وانتقد الصحفي المهتم بالشأن السلفي، محمد مرسي، موقف السلفيين، من انتخابات الرئاسة، وتغير مواقفهم عن السابق، مذكرا بمقال للشيخ ياسر برهامي منذ 10 سنوات أي في عهد حسني مبارك؛ أكد فيه على خيار عدم المشاركة في اللعبة السياسية، وقال إن "المشاركة تعني التنازل عن عقائد ومبادئ وقيم لا يرضي أبداً أحد من أهل السنة أن يضحي بها في سبيل الحصول على كسب وقتي، أو وضع سياسي".