يعكس استمرار “تهافت” بعض رموز وقيادات الدول العربية من شرقها لغربها، مدى خطورة تغلغل “إسرائيل” في هذه الدول، بحسب مختصين أكدوا أن هذا “التهافت” يمنح الاحتلال قدرة على لعب دور محوري في المنطقة العربية.
وكشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الجمعة الماضي، أن الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، التقى برفقة وفد سعودي رفيع المستوى، بمسؤولين إسرائيليين الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي تسببت بموجة غضب سعودية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب سعوديون بوضع حد لزيارات عشقي “التطبيعية” إلى “إسرائيل”، بينما زعم عشقي أن زيارته جاءت بمبادرة فلسطينية.
وسبق زيارة عشقي؛ زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى “إسرائيل” في 10 تموز/يوليو الحالي، وهي الزيارة التي اعتبرها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “هامة، وتدل على تغيير في العلاقات” ما بين القاهرة و”تل أبيب”.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، سميح شبيب، إن العديد من الأنظمة العربية “تسعى إلى الارتباط بإسرائيل لضمان بقائها واستقرارها، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل الدول العربية والقضية الفلسطينية بشكل أساسي”.
وأضاف لـ”عربي21" أن الموقف العربي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي “بات باهتا متآكلا، ولم تعد تجد القضية الفلسطينية سندا لها في العالم العربي”.
المشروع الإيراني
وأوضح شبيب أن “التهافت العربي تجاه إسرائيل؛ سيمنحها القدرة على لعب دور محوري هام جدا في المنطقة العربية، وخاصة في دول الخليج العربي”، مؤكدا أن “الدول العربية المتهافتة لن تستطيع التحرك مستقبلا إلا بعد التنسيق مع إسرائيل، وهو ما يشكل عبئا إضافيا عليها”.
وأشار إلى أن “معظم الدول في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها السعودية والإمارات وباقي دول الخليج العربي، باتت ترى في إسرائيل طرفا موجودا في المنطقة، يمكن التحالف معه في مواجهة محاور أخرى”.
وبين شبيب أن “الخارطة السياسية الإقليمية تشهد متغيرات كثيرة لا يمكن إغفالها، منها نمو القدرة العسكرية الإيرانية الحامية للمشروع الإيراني في المنطقة العربية، إضافة للموقف التركي الأخير تجاه إسرائيل، والمصالحة التركية مع روسيا”، مستدركا أن “ذلك لا يبرر على الإطلاق هذا التهافت الخطير”.
من جانبه؛ رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، إبراهيم أبو جابر، أن “الأرضية الخصبة التي وجدها الكيان الصهيوني في مصر والعالم العربي؛ دفعت نحو تهافت بعض الرموز العربية للتطبيع مع إسرائيل”، مؤكدا أن “هذا التهافت يشجع إسرائيل على الاستمرار في سياسية التسويف والمماطلة؛ لمحاولة تضييع الحق الفلسطيني”.
طائرات عربية
وكشف أبو جابر المقيم في فلسطين المحتلة عام 1948، أن هناك العديد من الأخبار تؤكد أن “طائرات عربية تعود لدول الخليج؛ تحط في مطار اللد الإسرائيلي ثلاث مرات أسبوعيا، إضافة لسيارات خليجية تجوب شوارع تل أبيب”، لافتا إلى أن هذه الزيارات “تأتي في سياق المصالح المشتركة الإسرائيلية الخليجية والعربية”.
وحول المصالح التي تحققها الدول العربية المتهافتة على “إسرائيل”؛ أشار الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى “السعي للوقوف في وجه التمدد الإيراني بالمنطقة العربية، وبعض الحركات الإرهابية، إضافة لضرب الحركات الإسلامية السياسية التي تحاول الوصول إلى الحكم”.
ولم يستبعد أبو جابر أن تكون زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الأخيرة إلى “تل أبيب”، قد حملت طلبا مصريا “بتشديد الحصار على قطاع غزة، خاصة وأن السياسة المصرية الحالية خبيثة” على حد تعبيره، قائلا لـ”عربي21" إن مصر هي “أكبر المتضررين من الاتفاق التركي الإسرائيلي الأخير؛ لأن التاريخ سيسجل أن من يحاصر قطاع غزة هي مصر وليست إسرائيل”.
وأكد أن “إسرائيل لديها بنك من الأهداف -عدا القضايا الاستخباراتية- يمكن أن تحققه جراء تهافت هؤلاء الزعماء العرب، كـ”ضرب معاقل الحركات الفلسطينية المتواجدة في بعض الدول العربية، وتحقيق مصالحها الاقتصادية، واستمرار التطبيع؛ حتى ينسى العرب أن إسرائيل دولة عدو”.
وأضاف: “تستطيع إسرائيل أيضا، عبر انتشارها الأمني في الدول العربية، استهداف بعض الشخصيات بالاغتيال”، مشيرا إلى أن هناك “وفودا إسرائيلية تذهب إلى تونس، بالإضافة إلى حديث حول علاقات إسرائيلية جزائرية، عدا عن علاقاتها مع المغرب”.