ملفات وتقارير

روحاني يواجه "إمبراطورية الحرس الثوري" بالمنافسة على الهيمنة

"الحرس الثوري" يعيق مشروع روحاني الاقتصادي المنفتح على الغرب - أرشيفية
"الحرس الثوري" يعيق مشروع روحاني الاقتصادي المنفتح على الغرب - أرشيفية
منذ انتخابه رئيسا إيرانيا في لحظة انتصار لـ"التيار الإصلاحي" في عام 2013، توّج حسن روحاني مرحلة جديدة في تاريخ إيران السياسي، بعد حقبة سلفه محمود أحمدي نجاد، المحسوب على التيار المحافظ المتشدد.

ولكن روحاني يواجه عوائق عدة ترصدها "عربي21" في هذا التقرير، متمثلة بسيطرة المحافظين على أجهزة المخابرات والحرس الثوري، بالإضافة إلى أجهزة الرقابة القضائية، والأجهزة المنوطة بحماية الثورة عموما، لا سيما مجلس صيانة الدستور، وهذا ما اشتكى منه مرارا التيار الإصلاحي، لأن هذه الأجهزة تهيمن على الحياة السياسية.

ولأن التيار المحافظ المخاصم للإصلاحيين يسيطر على الحرس الثوري، أحد أهم أركان القوة العسكرية للجمهورية الإسلامية، لاحت تساؤلات أهمها هل يتمكن حسن روحاني من كبح جماح إمبراطورية الحرس الثوري السياسية والاقتصادية؟
 
روحاني صاحب "المشروع الإصلاحي" الذي يعد من أهم إنجازاته المفاوضات النووية مع الغرب بهدف تعزيز الاقتصاد الإيراني وإلغاء العقوبات التي يفرضها الغرب على إيران، وإخراجها من العزلة، كان وما زال في مواجهة هذه المؤسسة الضخمة، فالحرس الثوري الإيراني ليس مؤسسة عسكرية فحسب، بل إمبراطورية صناعية ذات نفوذ سياسي تصاعد خلال العقد الأخير، لا سيما خلال فترة الرئيس السابق أحمدي نجاد. 

وكان للعقوبات الاقتصادية، أثر كبير في فرض هيمنة غير مسبوقة لمؤسسات الحرس الثوري على صعيد الاقتصاد الإيراني. 

ومن المحللين الذين نقلت عنهم صحيفة "السفير" اللبنانية، من رأى أن هذه الهيمنة تراوحت بين سدس إلى ربع الناتج المحلي الإجمالي الإيراني، ومع خروج شركات النفط الأوروبية من السوق الإيراني بموجب العقوبات، تقدمت مؤسسات الحرس لتحل محلها. 

وفازت الشركات التجارية التابعة للحرس الثوري حينها بكل العطاءات دون مزايدة علنية. 

ومن خلال ما سبق، يتضح أن خصومة روحاني مع الحرس الثوري ترجع إلى اعتبارات اقتصادية أولا وسياسية ثانيا. 

وتلوح لروحاني فرصة ثمينة لترسيخ تياره وتكتله داخليا، من خلال الانتخابات المقبلة لمجلسي الشورى وخبراء القيادة المكلف بتعيين ومراقبة وكذلك إقالة المرشد الأعلى للجمهورية، ما يشكل خطورة على هيمنة الحرس الثوري والتيار المسيطر عليه المنافس للإصلاحيين وهو المحافظ. 

ويراهن روحاني في هذه الانتخابات على إنجازاته، في مقدمتها توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، ورفع العقوبات القريب عن إيران لتعزيز مواقعه داخليا، وتغيير صورة البرلمان الإيراني، بما يواكب تطلعاته. 

وفي وقت سابق، وصف روحاني الانتخابات البرلمانية بأنها "ملحمة سياسية"، ففي حال فوز الإصلاحيين بالانتخابات، وتمكن روحاني من تأمين إعادة انتخابه، فإن ذلك سيمنحه فرصة للتحرر من نفوذ المحافظين حتى عام 2021 على الأقل.

ويبدو روحاني غير مطمئن تماما من خلال تصريحاته التي دعا من خلالها الحرس الثوري إلى "الالتزام بالحياد في الانتخابات".

وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا"، إن "نجاح الحكومة يكمن في تنظيم انتخابات تنافسية حرة ونزيهة".

وأضاف: "يجب ألا نسمع بأن الحرس الثوري والجيش والتلفزيون الرسمي مناصرون لشخص معين. إنه سمّ بالنسبة للانتخابات".

وحُدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، وانتخابات مجلس الخبراء في 26 شباط/ فبراير 2016.

عائقان رئيسان

تتمثل طبيعة العوائق التي يواجهها روحاني جراء هيمنة الحرس الثوري الدخلية في أمرين اثنين، بحسب الدكتور مصطفى اللباد في تصريحاته لصحيفة "السفير"، أولهما الاقتصاد والحصار الطويل الذي عانت منه إيران في العقد السابق حيث استفاد منه الحرس الثوري، وثانيا النفوذ الكبير في حياة إيران العسكرية والاقتصادية. 

ولكن روحاني حرص على عدم الاصطدام بمؤسسة الحرس الثوري مباشرة، حتى ترتيب توازنات داخلية جديدة، تبدو انتخابات البرلمان المقبل أهم استحقاقاتها.

علاقة متوترة

وما يبرز العلاقة المتوترة بين الحرس الثوري وروحاني، هجوم مساعد الشؤون الثقافية في الحرس الثوري الإيراني، حميد رضا مقدم فر، في وقت سابق لسياسات روحاني ومحاولاته لفك العزلة عن النظام الإيراني من خلال سياسة الانفتاح على الغرب، وقال إن "روحاني أخطر على النظام من منظمة مجاهدي خلق".

وتعدّ منظمة مجاهدي خلق من أبرز القوى المعارضة للنظام الإيراني، وخاضت معارك مسلحة ضد النظام، كما كان لها دور كبير في الكشف عن الأبعاد السرية للبرنامج النووي الإيراني.

ووفقا لوكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، فقد وجّه مقدم فر، في كلمة له، اتهامات ضمنية لروحاني بمحاولة إسقاط النظام أسوة بمجاهدي خلق. 

وقال إن "كلا من منظمة مجاهدي خلق وأولئك الذين يريدون فتح الطريق للتوغل الأمريكي في إيران عقب الاتفاق النووي (يقصد حكومة روحاني)، يرمون لتحقيق هدف واحد، وهو إضعاف قيادات النظام بهدف إسقاطه".

وتصاعدت وتيرة التصريحات الهجومية ضد روحاني بعد تصريحات المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، الذي عبر خلال الاجتماع مع قادة الحرس الثوري، عن خشيته من اختراق مراكز صنع القرار في بلاده. 

وقال خامنئي أيضا بحسب ما نقلته وكالة "تسنيم" الإيرانية المحسوبة على الحرس الثوري، إن "أكبر التهديدات خطرا على البلاد" هي محاولات من وصفهم بـ"الأعداء" و"مساعيهم التغلغل والنفوذ لمراكز صنع القرار".

ودعا خامنئي استخبارات الحرس الثوري إلى "التصدي بكل قوة بوجه التوغل الأمني للأعداء"، رافضا التطبيع مع الغرب، وفق مقولة "عبور إيران من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة".

وفي السياق ذاته، كان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، عبر عن انزعاجه من ازدياد حضور المسؤولين الأوروبيين في طهران عقب الاتفاق النووي.

ويريد روحاني مواجهة المشكلات الاقتصادية الداخلية الناتجة عن العقوبات، خاصة لو كان مصدرها مؤسسة حساسة مثل الحرس الثوري الإيراني، فعجز الميزانية بلغ 30 مليار دولار, أما التضخم فقد وصل إلى 45 في المئة في حزيران/ يونيو الماضي، والبطالة تعكس أرقاما كبيرة.

وبحسب ما تداولته وسائل الإعلام الإيرانية، كان رئيس جهاز مكافحة التهريب، فدا حسين مالكي، قد أشار في وقت سابق، إلى تورط أطراف من داخل جهاز الدولة، بعمليات تهريب الوقود، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، محذرا من أن الاقتصاد ليس مجالا للألعاب السياسية، في إشارة إلى نشاطات الحرس الثوري الإيراني.

متى بدأ نفوذ الحرس الثوري؟

نشر الخبير في الشأن الإيراني، تامر البدوي، تقريرا تداولته المواقع الإلكترونية، تناول فيه تحوّل الحرس الثوري تدريجيا إلى إمبراطورية اقتصادية في مجالات البناء والنقل وقطاع الطاقة في فترة رئاسة رفسنجاني، حين شن صدام حربه على إيران. 

وبحلول عام 1992، أصبح 45 ألف موظف يعملون في المجمعات الصناعية والتجارية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وفي عهد أحمدي نجاد استطاع الحرس الثوري وقوات البسيج التوسع أكثر للانخراط في المزيد من الصفقات التجارية والصناعية، خاصة في قطاع الطاقة. 

وكان أحمدي نجاد جزءا من النخبة الأمنية الإيرانية، يستهدف تمكين رفاقه من تعزيز سلطته في مفاصل الدولة كافة، لتطهيرها من النخب الإصلاحية التي تمكنت من الانتشار في عهد الرئيس خاتمي. 

وبحسب البدوي، كانت العقوبات الغربية المتزايدة التي سببت في انسحاب المزيد من الشركات الاستثمارية الغربية دفعت الدولة إلى سد الفراغ من خلال المؤسسات التجارية والصناعية التي يديرها الحرس. لذا كما هو شائع تحول الحرس الثوري الإيراني إلى "دولة داخل دولة".

نقاط خلاف رئيسة مع الحرس:

- الصفقة النووية

- تهديد عرش خامنئي

- تنامي نفوذ رجال الأعمال المرتبطين بصلات قوية بالغرب
التعليقات (0)