"بوليتيكو": حزب المحافظين في بريطانيا يتجه نحو النهاية

نشر موقع "بوليتيكو" مقالا للمحلل نيكو فيتزروي، حذر فيه من أن حزب المحافظين في بريطانيا، في طريقه نحو النهاية والدمار.

وأشار إلى أن "الشعارات الغامضة الشعبوية" نفدت الآن لدى الحزب الجمهوري التي رددها في بريكست وعند انتخاب جونسون، وأفسحت المجال لانقسامات عميقة.

 

وتكشف بعض الخلافات السياسية خلال فترة رئاسة الوزراء القصيرة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس عن هذه الانقسامات، ولا سيما صراعها حول الهجرة مع سويلا برافرمان، التي أعيد تعيينها الآن كوزيرة للداخلية.

 

وأرادت تراس زيادة الهجرة لتحفيز النمو، بينما أرادت برافرمان الحد من الهجرة، بما يتماشى مع مطالب الناخبين المتصورة. وبغض النظر عن التغيير في القيادة، فإن هذا يعد واحدا من انقسامات عدة، سيكون من الصعب على المحافظين التوفيق بينها.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: هل يسيطر سوناك على حزب المحافظين المفكك؟

والخطر على المحافظين أكبر من مجرد هزيمة ساحقة في الانتخابات العامة. يبدو أنهم فقدوا الإجماع السياسي الواسع، وتشير التوجهات الحديثة لأحزاب يمين الوسط الأخرى في جميع أنحاء أوروبا إلى أنهم ليسوا وحدهم.

في أعقاب تأثير الأزمة المالية العالمية لعام 2008، كان هناك اضطراب موثق جيدا للطيف السياسي التقليدي من اليسار واليمين في السياسة الأوروبية، والذي تم انقسامه من خلال صدع آخر قائم بشكل فضفاض على مستوى كراهية الناخبين لتأثير العولمة – الهجرة وانخفاض الأجور والاستعانة بمصادر خارجية والهيئات فوق الوطنية. وعرقلت هذه التغييرات العديد من أحزاب يمين الوسط التقليدية في أوروبا الغربية.

في فرنسا، على سبيل المثال، خسر حزب الجمهوريين اليميني الوسطي طويل الأمد حوالي 60% من مقاعده البرلمانية منذ عام 2012، نتيجة لظهور تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون الليبرالي الاقتصادي والمؤيد للاتحاد الأوروبي، فضلا عن نمو التجمع الوطني المناهض للاتحاد الأوروبي والهجرة الذي تقوده زعيمة المعارضة مارين لوبان.

وبالمثل، في إسبانيا، انخفضت نسبة الأصوات التي فاز بها حزب الشعب (يمين الوسط) من 44.6% في عام 2011 إلى متوسط 24.8% في الانتخابات العامة الأربعة التالية، بعد ظهور حزب فوكس القومي المتشدد - وإن كان ذلك لفترة وجيزة - وحزب المواطنين، الليبرالي اقتصاديا.

في كلا البلدين، خسرت أحزاب يمين الوسط التقليدية الأصوات أمام الأحزاب الليبرالية الاقتصادية الجديدة والأحزاب القومية المناهضة للهجرة. وفي الوقت الحالي، تدور معارك مماثلة داخل حزب المحافظين.

اصطدمت سياسات السوق الحرة التحررية الكاملة التي تمثلت في رئاسة تراس للحكومة مع الرؤية التي يتبناها الآخرون والتي تركز على خفض الهجرة وتحسين وضع المناطق الأكثر فقرا في البلاد.

 

وفي الوقت ذاته، فإن المحافظين الذين يؤمنون بوحدة الأمة، الذين يجسدون يمين الوسط التقليدي، يحثون على البراغماتية والمسؤولية المالية، وحريصون على وقف إطلاق النار وعودة إلى راحة الوضع الراهن.

وهذا يثير السؤال: هل حزب المحافظين مستعد لتقليد نظرائه من يمين الوسط في أوروبا في وقت متأخر؟

لا يزال من الصعب للغاية تشكيل أحزاب سياسية جديدة في نظام الفوز للأكثر أصواتا في المملكة المتحدة. وفشلت الجهود الأخيرة: حزب التغيير في المملكة المتحدة، المكون من الوسطيين المؤيدين للاتحاد الأوروبي، انهار بعد 10 أشهر فقط في عام 2019، في حين أن حزب الإصلاح في المملكة المتحدة، وهو حزب مناهض للهجرة ينادي بخفض الضرائب يحظى في استطلاعات بحوالي 3% فقط.

 

وهناك حافز ضئيل للتصويت لحزب تعرف أنه لن يفوز بمقعد. ومع ذلك، فإن هناك أشياء يمكن أن تغير ذلك.

 

اقرأ أيضا: كيف يمكن عقد انتخابات مبكرة في بريطانيا.. ومن يدعو لها؟

فهناك احتمال أن يفوز حزب العمال في الانتخابات المقبلة، ولكن فقط بهامش كاف لتشكيل ائتلاف أو حكومة أقلية. ويمكن للديمقراطيين الليبراليين بعد ذلك المطالبة بإصلاح نظام التصويت الانتخابي كثمن، وتحفيز المنافسة على اليمين، قبل الانتخابات العامة المقبلة. ومع ذلك، فإنه يمكن أن تكون مثل هذه الإصلاحات مدمرة بالقدر ذاته لحزب العمال، ما يجعلها تسوية غير مرجحة.

بعد ذلك، هناك احتمال أن تؤدي الكراهية السياسية بين رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك ورئيس الوزراء السابق بوريس جونسون إلى ترسيخ الانقسامات بشكل دائم.

 

ومن المؤكد أن فوز سوناك في القيادة أقل إثارة للانقسام مما لو عاد جونسون إلى منصبه -بين أعضاء البرلمان على الأقل- ولكن لا تزال هناك أقلية كبيرة من المشرعين تعارضه بشدة.

 

وهناك احتمال أن تؤدي التمردات المتكررة من هؤلاء المشرعين، فضلا عن رد الفعل العكسي المحتمل ضدهم، إلى حدوث انشقاق. ومع ذلك، على الرغم من أن النتيجة المرجحة أكثر من السيناريو السابق، فإن الشعور بالحفاظ على الذات من المحتمل أن يمنع معظم النواب من اتخاذ مثل هذا الإجراء قبل الانتخابات العامة المقبلة.

والخيار الأخير، والأكثر ترجيحا، هو أن الانشقاق سينتج عن هزيمة كارثية للمحافظين في الانتخابات المقبلة. قد تؤدي النتائج التي تقترب حتى من استطلاعات الرأي الحالية إلى حدوث انشقاق في محاولة للهروب من علامة المحافظين التجارية الملطخة، وقد تعزز الفصائل المنافسة، مثل حزب الإصلاح في المملكة المتحدة.

على الرغم من التقدم الهائل في استطلاعات حزب العمال، إلا أن زعيم الحزب كير ستارمر نفسه، لا يزال غير جيد بشكل خاص، لذلك لا يزال من المحتمل أن يستعيد سوناك بعض التأييد. لكن المكاسب الصغيرة لن تكون كافية هذه المرة.

 

ويلعب أعضاء حزب المحافظين مرة أخرى لعبة الروليت الروسية مع مستقبل الحزب، ويخاطر التقلب والعداء داخل صفوف المحافظين بتقويض التقدم في أي لحظة من خلال قتل الأشقاء، على حد قول كاتب المقال.