هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعاظمت المخاوف من تحول شبه جزيرة سيناء، البؤرة الملتهبة في مصر، إلى سوريا أو عراق جديد، وسط قلق من تدخل عسكري دولي بها ضد (تنظيم الدولة)، وبخاصة بعد تقارير أممية ترصد تعاظم نفوذ التنظيم، وأخرى صحفية كشفت سماح مصر لإسرائيل بتوجيه ضربات هناك على مدار عامين.
وقدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخميس، تقريرا لمجلس الأمن عن (تنظيم الدولة)، وقال إنه يشكل تهديدا كبيرا للسلام والأمن الدوليين، واصفا جناح التنظيم في مصر بـ"الأكثر رسوخا"، مؤكدا أن (ولاية سيناء) مسؤول عن سلسلة هجمات ضد الأقباط، وله متعاطفون في بقية أنحاء البلاد، وأن هناك حركة تبادل بين فرعي التنظيم في مصر وليبيا عبر الحدود الصحراوية بين البلدين.
التقرير الأممي يأتي بعد أيام من تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، السبت، كشفت فيه عن تحالف سري بين مصر وإسرائيل، يتيح للأخيرة تنفيذ غارات جوية على شمال سيناء، مؤكدة تنفيذ الطائرات الإسرائيلية أكثر من مئة ضربة جوية العامين الماضيين، ضد عناصر (تنظيم الدولة) بسيناء، بطلب مصري.
وفيما نفت القوات المسلحة المصرية ما جاء في تقرير "نيويورك تايمز"، وأكدت أن القوات المصرية فقط هي التي تقوم بالعلميات ضد التنظيمات الإرهابية بسيناء، إلا أن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت تقريرا الخميس، أكدت فيه وجود التنسيق العسكري والاستخباراتي بين النظام المصري وإسرائيل، وأنه بلغ مستويات غير مسبوقة.
وأضافت الصحيفة العبرية أن "المساعدة الإسرائيلية لمصر بسيناء غير كافية، في ظل انتشار الفقر والتهميش، وضعف الولاء للحكومة المركزية، وعجز الجيش المصري عن استثمار الضربات الجوية للتقدم في المنطقة"، مؤكدة أن التحالف بين نظامي القاهرة وتل أبيب يبقى محدود التأثير، والغارات الجوية وحدها لن تكفي للقضاء على التنظيم بسيناء.
فرض وصاية دولية
ويرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، أن "هذا التقرير يعدّ الخطوة الثانية نحو تنفيذ (صفقة القرن)، بعد خطوة إخلاء وقتل سكان مدن شمال سيناء،" معتبرا أنه "بداية لفرض وصاية دولية على سيناء، تخرج بموجبها من تحت السيادة المصرية".
الأكاديمي المصري، قال لـ"عربي21"، إن التقرير الأممي هو تمهيد لأن تدخل سيناء في الوصاية الدولية، حيث يتم التصرف فيها طبقا لما تخطط له القوى الدولية أعداء الخارج مع عملاء الداخل؛ لإعادة تنظيم وترتيب المنطقة طبقا لمصالح الغرب واليهود".
أبو الخير أوضح أن "هذه هي الخطوة الدولية الأولى لتنفيذ (صفقة القرن)، ومحاولة خبيثة للالتفاف على القضة الفلسطينية؛ بإخلاء أرض فلسطين لليهود"، مضيفا: "وهذا يدل على أن سيناء ليست تحت السيادة المصرية، بل تحت سيادة اليهود".
وأكد أنها قد تكون "محاولة لإضفاء سلطة يهودية على سيناء؛ لخداع المجتمع الدولي بأن مصر قبلت فعلا التخلي عن سيناء، وبالتالي فهي أرض بلا صاحب"، قائلا إن "اليهود يفكرون ويخططون وينفذون، والحكام العرب يتآمرون".
ويعتقد الخبير الدولي أنه "سوف تفرض وصاية دولية على سيناء بعلم وتدبير وقبول من الانقلاب العسكري، ما يخرج مساحة سيناء كلها من الأراضي المصرية"، مؤكدا أن "هذا منعدم قانونا، وباطل بطلانا مطلقا في القانون الدولي؛ لأن أراضي الدول ليست ملكا للحكام، بل هي ملك للشعوب، وذلك يشكل جريمة خيانة عظمى تضاف لجرائم الانقلاب بحق الدولة والشعب المصري".
مصر وجيشها لن يقبلا
من جانبه، أكد رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن "التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة عن تنظيم الدولة في مصر هو (الأكثر رسوخا)، بين أقرانه، صحيح إلى حد كبير، ما عدا الفقرة التي قال فيها إن تنظيم الدولة له متعاطفون في بقية أنحاء مصر".
الشهابي، في حديثه لـ"عربي21"، قطع بأن هذا التعاطف غير موجود بالمرة، وبالرغم من أن هذا التنظيم يقوم بعمليات إرهابية بين الحين والآخر، إلا أنه يتلقى من القوات المسلحة المصرية ضربات موجعة".
ونفي الشهابي أن يكون "هذا التقرير مقدمة لعمليات عسكرية دولية بإشراف الأمم المتحدة لضرب التنظيم في سيناء، على غرار ما تم في سوريا والعراق"، موضحا أن "مصر لن تقبل ذلك، والجيش المصري قوي، وقادر بمفرده على تدمير تنظيم الدولة وأخواته من التنظيمات الإرهابية".
وتزامن التقرير الأممي بمجلس الأمن مع ما كشفه شهود عيان لـ"عربي21" من أن السلطات المصرية منعت دخول أهالي محافظتي شمال وجنوب سيناء مساء الخميس، من نفق الشهيد أحمد حمدي في السويس، وجرى توجيه المسافرين إلى معديات الإسماعيلية، للمرور في اتجاه شرق القناة.
وترافقت تلك الإجراءات المفاجئة والمثيرة مع رفع مستشفيات سيناء ومدن القناة درجة الاستنفار القصوى، وانتداب عدد كبير من الأطباء في ثلاث محافظات؛ القاهرة والجيزة والغربية، ما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب ودوافع تلك الإجراءات، فيما يرى مراقبون أنها تدل على قرب عملية عسكرية بسيناء.