كشف موقع "ميدل إيست آي" في تقرير أعده سايمون هوبر، عن أن شركة "
غوغل" العملاقة متهمة بالتعاون مع مسؤولي مكافحة الإرهاب، وقدمت لها "دعما رقميا".
ويقول الكاتب إن الشركة تقدم دعما رقميا واتصاليا لحملات مواجهة
التطرف المدعومة من وزارة الداخلية البريطانية، في الوقت الذي تواجه فيه نقدا من الوزراء؛ بسبب المواد المتطرفة المحملة على موقع "يوتيوب".
ويضيف هوبر أن محرك البحث العملاق يعمل مع وحدة "الأمن ومكافحة الإرهاب"، ومقرها وزارة الداخلية، وهي مسؤولة عن استراتيجية "
بريفنت" لمكافحة الإرهاب، وتضم برامج تدريبية في مجال وسائل التواصل الاجتماعي والفيديو لمنظمات المجتمع المدني المسلمة.
ويكشف الموقع عن أنه شاهد دعوة لـ"ورشة عمل حول (يوتيوب) وفيديو الإنترنت، التي ستقدمها شركة (غوغل)"، حيث أرسلت الدعوة وحدة البحث والمعلومات والاتصالات في وحدة الأمن ومكافحة الإرهاب، لافتا إلى أنه جاء في الدعوة: "كما تعلمون، تقوم وحدة البحث والمعلومات بدعم شبكات المجتمع المدني مثلكم من أجل بناء الكفاءات وتعزيزها".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مصدر شارك في الورشة، التي عقدت في عام 2012، وضمت زيارة إلى استديو "يوتيوب" التابع لـ"غوغل" وسط لندن، قوله إن "الدعوة لم تكن متوقعة"، وأضاف: "لم تكن الدعوة مفتوحة، ولا يمكن التقدم بطلب، بل تتم دعوتك، ومن يحضرون الورشة يتم اختيارهم من قائمة منظمات تم إعدادها ومن سنوات طويلة".
ويورد الموقع نقلا عن ممثل لشركة "غوغل"، قوله في شهادة أمام البرلمان، إن التعاون مع وكالات الحكومة لمكافحة الإرهاب مستمر، وأضاف أن للشركة "تاريخا طويلا في العمل مع الحكومة وسلطات فرض القانون".
ويشير الكاتب إلى أن الكشف عن علاقة "غوغل" بوحدة الأمن ومكافحة الإرهاب يأتي في وقت يضغط فيه الوزراء وشركات الإعلان البارزة بشأن ما يرونه فشل الشركة لمواجهة المحتويات المؤيدة للمتطرفين على الإنترنت.
وينقل التقرير عن المسؤولة في وزارة الداخلية عن مكافحة الإرهاب سارة نيوتن، قولها إنه طلب من "غوغل" الحضور إلى 10 داونينغ ستريت، وتم اطلاع ممثليها على قانون الشغب، بعدما كشف عن أن إعلانات مدفوعة من الحكومة ظهرت إلى جانب مواد دعائية في موقع لحزب التحرير وموقع له صلة بحزب الله اللبناني.
ويذكر الموقع أن رئيسة لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان يوفيت كوبر، كتبت إلى الشركة متهمة إياها بأنها "تستفيد من الكراهية"، وجاء في رسالتها: "تعد (غوغل) ثاني أغنى شركة على وجه الأرض، ويدعو غياب المسؤولية الاجتماعية فيما يتعلق بجرائم الكراهية على (يوتيوب) إلى القلق".
ويلفت هوبر إلى أن وزيرة الداخلية أمبر رود قالت بعد هجمات الأسبوع الماضي الإرهابية، بأنها ستقابل ممثلين عن شركة "غوغل" وغيرها من شركات التواصل الاجتماعي يوم الخميس؛ لحثها على تبني دور قيادي وناشط لمعالجة إساءة استخدام الإرهابيين لهذه المنابر، ونقلت محطة "سكاي نيوز" عنها قولها: "سنتحدث إليهم أكثر من مجرد التعبير عن الاستياء".
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية بوريس جونسون ومكتب رئيسة الوزراء تيريزا ماي، طلبا من شركات التكنولوجيا حذف المواد المؤيدة للمتطرفين على منابر التواصل الاجتماعي، مستدركا بأن التفاصيل التي كشفت عن قيام شركة "غوغل" بالمشاركة في ورشة عمل تشير إلى أن العلاقة بينها وبين الحكومة أكثر قربا مما عرف في الماضي، حيث وصفت الدعوة بأنها "فرصة للتعلم وجذب المشاهدين لموقعك على الإنترنت من خلال عناوين فعالة وكلمات مهمة وأوصاف وعملية ترويج متداخلة واستغلال أدوات مهمة".
وقال المصدر، الذي تحدث معه موقع "ميدل إيست آي"، إن وحدة البحث والمعلومات في قسم الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية استفادت من المناسبة لتروج برامجها، وأضاف المصدر: "هناك وحدة داخل وحدة البحث والمعلومات التي تتعامل وتنشئ وتساعد المنظمات الطوعية المسلمة بشكل خاص، ومن أجل إنتاج مواد عالية الجودة لتستخدم في مجال وسائل التواصل الاجتماعي، وأتذكر حديثي معهم وإن كنا مستعدين للعمل معهم لإنتاج مواد جيدة لتستخدم في موقعنا على الإنترنت".
وكشف الموقع عن تعاون وزارات ومؤسسات حكومية أخرى مع شركات التواصل الاجتماعي، حيث شاهد هوبر دعوة أخرى وجهتها وزارة المجتمعات والحكم المحلي لمناسبة عقدت بداية هذا العام في مقرات شركة "
تويتر"، وكانت تستهدف منظمات حوار الأديان.
وجاء في الدعوة: "نهدف من ورشة العمل هذه لأن تكون عملية من ناحية الدين مع (تويتر)، ومن أجل تعزيز الحد الأقصى للتأثير على وسائل التواصل الاجتماعي، وفهم الأدوات، وإعداد التقارير".
ويبين الكاتب أنه بناء على قانون حرية المعلومات، فإن وحدة الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ردت على سؤال حول علاقتها بشركة "غوغل" في رسالة جاء فيها: "تقوم وحدة البحث والمعلومات والاتصالات بربطهم مع الخبراء في الصناعة الرقمية والاتصالات، وتدعمهم إن كانوا راغبين بنشر حملاتهم، بما في ذلك نصائح إبداعية، وقدرات إنتاجية، وبناء مواقع على الإنترنت، وتدريب إعلامي وعلاقات عامة"، إلا أن الوزارة رفضت تقديم معلومات مفصلة؛ لأن الكشف سيؤدي إلى الإضرار بالأمن القومي، ويؤثر في جهود مكافحة الجريمة ومنعها، وفي المصالح التجارية.
وينقل التقرير عن وحدة الأمن ومكافحة الإرهاب، قولها إن الكشف عن أسماء أفراد وهيئات يعد خرقا لاتفاق الثقة، وسيضعف من استراتيجية "بريفنت"، الهادفة إلى منع الشباب من الانجرار إلى جماعات الإرهاب، وأضافت أنها جمعت بين منظمات المجتمع المدني وخبراء الصناعة للمساعدة على "مواجهة الأفكار والدعاية المتطرفة".
ويذكر الموقع أن وحدة البحث والمعلومات والاتصالات قامت في السابق بترتيب عدد من الحملات الشعبية لمكافحة الإرهاب، وأدارتها منظمات مجتمعية وناشطون.
وينوه هوبر إلى أن شركة "غوغل" استضافت في مقرها بداية هذا العام قمة نظمها موقع "إمامز أونلاين"، الذي يرتبط بصلات مع وحدة البحث والمعلومات والاتصالات، حيث يؤكد الموقع أن مواده مستقلة ولا تتأثر بتأثيرات خارجية.
وقالت مصادر تحدثت إلى موقع "ميدل إيست آي" إن طبيعة العلاقة الغامضة وعملها مع شركة "غوغل" وغيرها من شركات التكنولوجيا تثير القلق حول تدخل الأجندة الأمنية في ملامح الحياة الخاصة كلها، وأضافت المصادر أن الحكومة تقلل من مصداقية منظمات المجتمع المدني وفاعليتها عندما تربط التدريب والتمويل والفرص بأجندة استراتيجية "بريفنت"، التي ينظر إليها المسلمون نظرة شك، ويرون أنها أداة تمييز ضدهم.
وقالت المصادر للموقع: "أنت بحاجة إلى تلك المنظمات الأصيلة التي تملك عملة مشروعة في القطاعات التي تعمل بها، ولتبني قوة، ويجب عدم تشويهها بأي مال أو تدريب مرتبط باستراتيجية (بريفنت) والأجندة الأمنية؛ لأن القطاعات التي تعمل بها سترفض الاستماع لها".
ويحسب التقرير، فإن شركة "غوغل" رفضت التعليق على تقرير الموقع، إلا أنها قالت في الماضي إنها عملت مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة التطرف.
ويورد الموقع عن مدير استراتيجية السياسة العامة في "غوغل" أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أنتوني هاوس، قوله في العام الماضي، حيث تحدث للجنة تحقيق برلمانية، إن الشركة لديها تاريخ طويل في العمل مع الحكومة وسلطات حفظ النظام، لافتا إلى أنها بدأت مشروعا تجريبيا يقضي بـ"منح غوغل" للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية "المكرسة لمنع التشدد"، حيث يسمح لها بموجب هذه المنح وضع إعلانات مجانية ضد الإرهاب، بناء على الشروط التي تختارها هذه الجمعيات.
ويقول الكاتب إن الشركة الشقيقة "ألفابت" خصصت جهودها "لجعل العالم آمنا من التطرف"، وتقوم "بتوزيع دعاية معادية للتطرف على الإنترنت"، ومن البرامج التي دعمتها "جيكسو"، الذي كانت تعرف سابقا باسم "غوغل أيديز"، برنامج عبد الله إكس، وهو برنامج على "يوتيوب" يهدف إلى "إبعاد العقول الشابة عن التطرف".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الضابط السابق في المخابرات ديفيد ويلز، قال في مقابلة مع راديو "بي بي سي" إن شركات التكنولوجيا الكبيرة لديها علاقة مع الوكالات الأمنية في
بريطانيا والولايات المتحدة.