المتأمل في التاريخ الإسلامي يجد نفسه محاطاً بجميع أشكال العداوة والبغض لدين الله، فيجد أشخاصاً تفننوا أيام الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا بشتى أنواع السخرية والاستهزاء بدين الله الذي أرسل به ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأبه لتلك الدعوات والسخريات ولم يتوقف عن الدعوة لدينه ودعوته التي أرسل بها، فكان في كل مكان ومناسبة يدعو ويناقش الناس ويدعو لهم..
فدار الأرقم بن أبي الأرقم خير شاهد على ذلك.. والكعبة المشرفة ومدينة الطائف والمدينة المنورة أكبر دليل على ذلك فلم تقتصر دعوته بين جدران دار الأرقم وبين بيته وزقاق المدينة ..
إن الداعية إلى الله يجب أن يكون دائماً حاملاً فكره ودعوته سائراً بها أرجاء المعمورة قاصداً وجه الله تعالى لا ينتظر جزاءَ ولا شكوراً من أحد .
دعوتنا يجب أن تكون سائرة بين الناس في كل مكان في العمل والبيت والأسواق .. ديننا ليس محصوراً في مسجد أو مركز أو مقر للدعوة ..
رحم الله علمائنا ومشايخنا الأفاضل الذين كانوا ولا يزال بعضهم يجول الليل والنهار من مسجد إلى مدرسة إلى مركز يدعو الله ..
دعوتنا ليست محصورة بين الجدران لمقر يغلق أو يحارب .. ففيها الطبيب الذي يعالج الأشخاص الذين يقصدونه بأي وقت وبأي مكان ، وفيها المهندس الذي يعمل خالصاً عمله لله تعالى وفيها المستثمر الذي يقوم بضخ أمواله لمشاريع تساهم في انعاش اقتصاد بلده وفيها الفلاح الذي يقوم بحرث أرضه بعد صلاة الفجر جماعة في المسجد ليقوم بإعالة نفسه وقريته ووطنه من خيرات أرضه الصغيرة ، وفيها الطالب الذي يدرس لكي يرتقي بمستوى العلم والتعليم في بلده أينما حل وارتحل وفيها وفيها وفيها..
فهذه الدعوة متجذرة في أوطاننا منذ نشأته تحميه وتدافع عنه من كل مستعمر ومتآمر وفاسد "فخلوا بينها وبين الناس".
فيجب على الداعية أن يكون دائماً على علاقة دائمة بينه وبين ربه في صلاته وذكره وعبادته .. وأن يتذكر كلام سيد قطب عندما قال: "عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود.. أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!".
يجب علينا أن نراجع أنفسنا كيف قاعدتنا بين جيراننا وأهلنا .. هل هي كما كانت قديماً .. لا اعتقد ذلك ، لو كان ذلك ما وصل الحال بنا لما نحن به الآن ..
ايها الدعاة في كل مكان .. دعوتنا ليست محصورة في مقر يغلق أو مسجد يصلى به أو جامعة ندرس بها .. دعوتنا عالمية منتشرة إذ أخلصنا عملنا لوجه الله وابتغاء رضاه لا ابتغاء أشخاص بعينهم أو أفراد وقيادات ..
دعوتنا تحتاج منا في هذه الأيام الكثير الكثير من الهمم والطاقة لكي نعيد المجد لها في جميع الأوطان فكثير من الأمم والأشخاص بحاجة للوصول اليهم لتعريفهم بديننا الحنيف وسنة نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ..
أيها الداعية ... أعلم أنك أنت خليفة الله في الأرض .. فكل شخص تكون أنت سبباً في هدايته وإخراجه من الظلمات إلى النور لك أجره وأجر من قام بعمله الطيب
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى.. اللهم آمين.
[email protected]