هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد قمة سوتشي بين الرئيس رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، يستمر الجدل حول تنفيذ الاتفاقات الثنائية بين روسيا وتركيا بشأن إدلب، ومن أدى التزاماته منهما.
وزارة الدفاع التركية، قالت في مؤتمر صحفي الأحد الماضي، إن "تركيا تواصل الالتزام بالمسؤوليات المترتبة عليها في إطار التفاهمات المعنية بهدف ضمان الأمن والاستقرار وإدامة وقف إطلاق النار في إدلب".
وأكدت أنه "لا يوجد أي تغيير بشأن نقاط المراقبة التركية وأنشطتها في إدلب".
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعرب عن قلقه لما أسماه "استمرار التهديد الإرهابي" في إدلب، مشيرا إلى أنه يتزايد في بعض الأماكن.
وأضاف: "تؤكد روسيا بشكل لا لبس فيه على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقيات بين الرئيسين بوتين وأردوغان لعزل الإرهابيين، وخاصة الإرهابيين التابعين لجماعة هيئة تحرير الشام".
الكاتب التركي، سيدات أرغين، أشار إلى أن تكثيف الروس هجماتهم الجوية في إدلب، يعد عاملا مهما لتفاقم النقاش حول تنفيذ الاتفاقيات بين تركيا وروسيا بشأن شمال سوريا.
وأضاف في تقرير لصحيفة "حرييت" ترجمته "عربي21"، أنه عند النظر إلى البيانات التي تم الإدلاء بها في أنقرة وموسكو، فإن الجانبين يتصرفان على أنهما نفذا البنود الموقعة في الاتفاقيات.
ولفت إلى تصريحات للرئيس التركي، قال فيها، إن بلاده ملتزمة بالاتفاق مع روسيا في سوريا، وأنها امتثلت لكافة ما توجب عليها، بما في ذلك إزالة التنظيمات المتطرفة عن الممر الآمن، وأضاف: "ملتزمون بكل ما قررناه مع روسيا بشأن سوريا ولا تراجع عن ذلك، ونتوقع من محاورينا النهج ذاته".
اقرأ أيضا: خبير تركي لعربي21: تحديات بقمة أردوغان-بوتين.. إدلب محورها
وأضاف الكاتب التركي، أن الجانب الروسي بالمقابل، يقول إنهم يستهدفون فقط "الإرهابيين" في عمليات عسكرية، وأن ذلك لا يتعارض مع الاتفاقيات.
وحول أي من الدولتين، يفي بتعهداته، رأى الكاتب التركي أن الجواب هو الميدان والنظر إلى ما يحدث في إدلب، ونصوص الاتفاقيات.
ماذا يقول اتفاق سوتشي 2018؟
في 17 أيلول/ سبتمبر 2018، جرى الاتفاق بشأن إدلب في مذكرة تفاهم في القمة بين أردوغان وبوتين في سوتشي، حيث أعلن أنها "منطقة خفض التصعيد"، ونص الاتفاق على أن روسيا ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان تجنب تنفيذ عمليات عسكرية وهجمات على إدلب، والإبقاء على الوضع القائم.
وأشار أرغين، إلى أن الهدف الرئيس من الاتفاق هو الحفاظ على حالة عدم الصراع في إدلب، بحيث تتعهد روسيا بحسب الاتفاق بلجم نظام الأسد من أجل الامتثال لوقف إطلاق النار.
وينص البند الثامن من الاتفاقية على إعادة حركة المرور على الطريقين السريعين "أم4" و"أم5"، بحلول نهاية عام 2018، من أجل ضمان حرية الحركة للمواطنين وسهولة تنقل البضائع، ويشير الكاتب إلى أن مسؤولية ذلك كان يقع على عاتق القوات التركية حيث إن تلكما المنطقتين في ذلك الوقت تخضعان لسيطرة المعارضة السورية.
ومع ذلك، فإن الطريق الدولي "أم5" والذي يربط بين دمشق وحلب شمالا وجنوبا، أصبح تحت سيطرة النظام بعد الاشتباكات أواخر عام 2019 وبدايات عام 2020، فيما لا يزال الطريق الدولي "أم4" الرابط بين حلب واللاذقية يخضع لمنطقة المعارضة حيث تتواجد القوات التركية بقوة عسكرية كبيرة.
وأشار الكاتب أرغين إلى البند العاشر من اتفاقية سوتشي، والذي يؤكد فيه الجانبان على محاربة الإرهاب داخل سوريا بجميع أشكاله وصوره، لافتا إلى أنه تم توسيع هذا البند ببروتوكول إضافي تم توقيعه في 5 آذار/ مارس 2020 عقب انتهاك وقف إطلاق النار من روسيا والنظام السوري عام 2019 وبداية عام 2020، حيث اتفق الجانبان على أن كل منظمة مصنفة إرهابيا لدى الأمم المتحدة تعد إرهابية بالنسبة للبلدين.
وتقرر في اتفاق 5 آذار/ مارس 2020، إنشاء ممر آمن بعمق 6 كيلومترات شمالا، وآخر جنوب الطريق الدولي "أم4"، وتسيير دوريات تركية-روسية مشتركة في هذا الممر، وقيام تركيا بالفصل بين المعارضة المسلحة في إدلب والجماعات المتطرقة.
اقرأ أيضا: هل خطط بوتين والأسد لهجوم جديد في إدلب؟
الانتهاكات الروسية
وأشار الكاتب التركي، إلى أنه كان يتعين على روسيا الحفاظ على الالتزام بوقف إطلاق النار، وقد تصرفت وفق ذلك لفترة طويلة بعد اتفاق 5 آذار/ مارس 2020، لكنها كثفت من هجماتها الجوية منذ تموز/ يوليو الماضي، وبحلول الأسبوع الأخير من أيلول/ سبتمبر كانت الهجمات التي شنتها خلال عام 2021 تقترب من 450 هجمة، وأكمل النظام السوري هذه الحملة الروسية بشن قصف مدفعي وهجمات صاروخية.
الخبير التركي عبد الله أغار، قال في حديث سابق لـ"عربي21"، إنه في الوقت الذي وصل فيه عدد الهجمات الروسية في إدلب إلى 30- 35 هجمة طوال العام الماضي، فإن عددها وصل إلى 40- 50 في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
وأضاف أنه خلال الشهرين والنصف أو الثلاثة أشهر الأخيرة، سجل 80- 90 هجمة روسية على إدلب، وكانت جميع الهجمات التي يشنها نظام الأسد بأوامر روسية.
الكاتب سادات أرغين، لفت إلى أن تركيا عندما تنتقد روسيا لانتهاكها وقف إطلاق النار، فإن ذلك يستند إلى بنود الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بشأن إدلب.
وفي المقابل، يجادل الجانب الروسي، بأنه لا توجد مشكلة في استهدافه للجماعات التي تندرج تحت تعريف "الأمم المتحدة"، على أساس أن بنود مذكرة الاتفاق مع تركيا، تعطيها الحق في مكافحة المنظمات التي يضعها مجلس الأمن في فئة الإرهاب، وتعتبر هيئة تحرير الشام التي تسيطر على جزء كبير في إدلب "منظمة إرهابية" وفق تصنيف الأمم المتحدة.
ولفت الكاتب التركي، إلى أن المعضلة في أن روسيا تشن غارات جوية على أهداف مدنية، وليس عسكرية فقط.
الخبير الأمني والاستراتيجي أغار، رأى أن الإشكالية تكمن الآن، في أن القوات الروسية زادت من هجماتها على إدلب وتفرض إرادتها على القوى الأخرى بما فيها قوات الأسد التي أصبحت وكيلا للأهداف السورية هناك.
وبحسب دراسة نشرها الباحث سرهات إركمان في 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، فإن الهجمات التي نفذت حتى 25 أيلول/ سبتمبر استهدفت المقاتلات الروسية مراكز قيادة الجماعات في إدلب لاسيما هيئة تحرير الشام، إلى جانب عدد من الأنفاق، لكنها هاجمت أيضا منازل يقطنها مدنيون، ومراكز صحية ومخيمات نزح إليها اللاجئون.
كما أن روسيا هاجمت أيضا محموعات تابعة للجيش الوطني السوري، في نهاية أيلول/ سبتمبر، وتظهر البيانات أنها تستهدف بشكل عشوائي كافة الجماعات العاملة في المنطقة.
وشدد الكاتب التركي إرغين، على أن هذه المعطيات تؤكد أن روسيا لا تستهدف فقط الجماعات المصنفة "إرهابيا" فقط، ومزاعمها لا أساس لها من الصحة.
الطريق "أم4" ما زال مغلقا
وتعد إعادة فتح الطريق السريع "أم4"، هدفا لم يتحقق على الرغم من مرور ما يقرب من ثلاث سنوات منذ نهاية عام 2018 (توقيع اتفاق سوتشي).
اقرأ أيضا: مقتل جنديين تركيين وإصابة 3 بهجوم في إدلب شمال سوريا
وكان القصد من إنشاء "ممر آمن" (بحسب اتفاق 5 آذار/ مارس 2020)، يبلغ عمقه ستة كيلومترات إلى الشمال والجنوب أن يكون خطوة أولية نحو فتح الطريق، وعلى الرغم من أن تركيا قد اتخذت بعض الخطوات على الأرض لإنشاء ممر آمن، إلا أنه من المفهوم أنه لا تزال هناك صعوبات كبيرة في فتح الطريق السريع، وتعتبر أنشطة بعض العناصر المتطرفة الخارجة عن السيطرة إحدى الصعوبات بحسب الكاتب.
ماذا عن الالتزامات في منبج وتل رفعت؟
وبحسب الكاتب إرغين، فإن هناك نقطة حرجة لم يتم تنفيذها، وقد جاءت بحسب مذكرة تفاهم بين أردوغان وبوتين في سوتشي 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وذلك بعد عملية "نبع السلام" التي نفذتها القوات التركية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 شرقي الفرات.
ويشمل البند السادس من "اتفاق سوتشي 2019"، إخراج كافة الوحدات الكردية المسلحة وأسلحتهم من منبج وتل رفعت غربي الفرات والتي تقع جنوب شرقي عفرين ومتاخمة لإدلب.
وفي عام 2019، وقع جزء كبير من منبج تحت سيطرة روسيا والنظام السوري بعد الانسحاب الأمريكي من هناك، ولكن وحدات حماية الشعب الكردية الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني بقيت في هذه المنطقة.
ولم تقم روسيا بإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من تل رفعت ومنبج، وهذا الوضع يثير انتقادات الجانب التركي.
ويقول إرغين، بالمحصلة إن روسيا تنتقد تركيا بعدم تنفيذ الجزء المتعلق بـ"المنظمات الإرهابية" في إدلب بحسب الاتفاق وفتح الطريق الدولي، في حين أن أنقرة تنتقد موسكو لانتهاكها وقف إطلاق النار وعدم الوفاء بالتزاماتها في تل رفعت ومنبج.
فيما رأى أغار، أن أنقرة ترى أن التكوينات المتواجدة في إدلب ليست أطرافا راديكالية على الساحة الدولية، وجميع العناصر هم من السوريين، يعني أن التكوينات التي يتم ربطها بالقاعدة أو جبهة النصرة هي عناصر محلية.
وتابع، بأن الكفاح ضد المجموعات المتطرفة، ظهر بمعادلات مختلفة في المنطقة، والأشخاص المطلعون هناك يعلمون أن القوى المتواجدة هناك تعمل جنبا إلى جنب مع تلك المجموعات.