لقد تم إعداد القضية المعروفة إعلاميا بـ"250 أمن دولة عليا" في انتظار اللحظة المواتية للانقضاض على من وردت أسماؤهم فيها، مع أنهم جميعا أيدوا الانقلاب العسكري وكانوا بوقا له وأداة.
لا أحد يتعظ من دروس التاريخ على وضوحها، فلا بد من أن يكتوي كل فرد بنار الاستبداد، حتى يعلم أنه نار تطلقها في اتجاه فتصل إلى كل اتجاه، وقد يسعدك أن تحرق خصمك، لكن من المؤكد أنها ستصل إليك!
عندما توجه وزارة الداخلية هذا الاتهام على سفالته لأحمد مدحت الشاب المتفوق في دارسته، وبعد أن قضى نحبه على أيدي الزبانية، فليس جديداً عليها، إنما اللافت أن القوى المدنية لم تكترث بهذه القضية.
بوقوع الانقلاب كان هناك سبب دفع الإرادات لأن تتلاقي لذبح الخضيري: إرادة دولة مبارك، مع إرادة السيسي وأركان مجلسه العسكري، مع إرادة القضاة الذين زوروا إرادة الشعب.
إن"رابعة" كانت نقطة فاصلة، ميز الله بها الخبيث من الطيب، والبشر من الحجر، والكائن الحي عن الجماد الذي لا يتأثر ولا يتألم، فارتفعت بشهدائها رمزا عالميا لا يضرها من ضل..
قبل أيام ناقشت إحدى لجان برلمان الانقلاب مشروع قانون ينص على إلغاء "خانة الديانة"، ولأن المشروع تقدمت به نائبة، فإن هناك من طلبوا عرضه على الحكومة للوقوف على وجهة نظرها، ويبدو أن اللجنة أرادت أن تجس به النبض عن طريق من قدمته..
ليس لمن شهدوا مذابح "رابعة" و"النهضة" و"المنصة" و"مسجد الفتح" و"الحرس الجمهوري"، ولم يدينوا ما جرى، أن يتحدثوا عن "الانسانية" و"حرمة الموت"، وليس لمن رأوا العلماء يعتقلون ويقتلون في السجون فأيدوا الانقلاب الذي سحل الحاصلين على الماجستير والدكتوراه في الشوارع، أن يتكلموا الآن عن العلم