نشرت صحيفة "لنكياستا" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، الذي كان للشعب التركي دور محوري في فشله.
وذكرت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن الرئيس رجب طيب أردوغان نجح في السيطرة على الانقلاب في وقت قياسي جدا، ويعود الفضل في ذلك إلى الديمقراطية التي عمل هذا الأخير على تكريسها على مدى السنوات العشر الماضية في الدولة.
ويعتبر الجيش التركي، منذ نشأة الجهورية التركية الحديثة، القوة السياسية المهيمنة في تركيا، وقد أعلن نفسه الحارس الرسمي لهذه الدولة العلمانية، بطريقة منعت الشعب من تقرير التغيير لسنوات عديدة، حتى عبر الوسائل الديمقراطية.
وأفادت الصحيفة بأن الأوضاع السياسية تحسنت في تركيا، مع الوقت، وأصبحت الدولة أكثر ديمقراطية بتولي أردوغان الحكم، حيث عمل هذا الأخير على اعتماد سياسة الموافقة بالإجماع في الشؤون السياسية التي تهم الدولة وإعطاء الشعب دورا في اتخاذ القرار.
بالإضافة إلى ذلك، فقد نجح الرئيس أردوغان، بفضل شعبيته، في إعادة تشكل العلاقات مع الطاقم العسكري في الدولة، لتتكون لديه قوة عسكرية موالية ومجهزة، إلى جانب ضمه لعدد كبير من الموالين له في حزبه (العدالة والتنمية)، الذين تفاعلوا سريعا مع محاولة الانقلاب العسكري، ولم يعلنوا تخليهم عنه، وفق الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن ليلة الانقلاب كانت برهانا على ولاء الشعب التركي للرئيس، حيث إنه سارع إلى تلبية ندائه بالتحرك لمواجهة الانقلاب العسكري، بطريقة أدت إلى نهاية الانقلاب في غضون ساعات قليلة. ووجد القادة العسكريون أنفسهم معزولين بعد هذه التحركات السريعة، ولم يتمكن الجنود من إطلاق النار على الحشود الكبيرة من الناس التي ملأت الشوارع.
واعتبر هذا الانقلاب العسكري بالنسبة للرئيس أردوغان "هبة من الله"، حيث إنه مكنه أولا من التمتع بدعم كبير من شعبه، وسيمكنه من تعزيز مكانته بشكل أكبر على المستوى الداخلي والخارجي، وتطهير الجهاز العسكري من "الخونة".
وأضافت الصحيفة أن الرئيس أردوغان كان ليلة الانقلاب سيد الموقف، فحتى إن واصل الجيش هذه العملية، فإنه سيفشل في استكمالها أمام الحشود الكبيرة التي كانت ضده.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الانقلاب قد يعلن انتهاء الجمهورية التركية الكمالية بشكل دائم، وقد يساهم في سقوط المعاقل الأخيرة التي كانت تمثل في الماضي الجمهورية التركية القديمة.
وقالت الصحيفة إن أردوغان بعد تلك الليلة التاريخية، سيصبح بطل الديمقراطية، والمنقذ الأول لشعبه وحاميه من العدو الذي أصبح الآن واضحا.
واستبعدت الصحيفة أن يكون هذا الانقلاب العسكري، الذي نفذه قادة الجيش، من تدبير الداعية التركي والمفكر الإسلامي والعدو اللدود للرئيس رجب طيب أردوغان، فتح الله غولن، فهو لم يعبر عن موقفه من العلاقة التي أصبحت تربط تركيا بروسيا، ولم يتقدم بأي ردة فعل، كما أنه لم يعرب عن قلقه بشأن حلف شمال الأطلسي، كما فعل بقية السياسيين.
وأضافت الصحيفة أن هذه الفرضية تبقى قائمة، إذا أضفنا إلى الدوافع المشاكل الشخصية بين هذا الداعية والرئيس، التي قد تكشفها الساعات القليلة المقبلة. لكن مع ذلك، فإن عملية الانقلاب العسكري تظل محاولة يائسة، انهزمت أمام إرادة الشعب التركي، وفشل من خلالها منفذوها من الدفاع، بأيديولوجيتهم، عن الطبيعة العلمانية التي أنشأها أتاتورك.
وجاء في الصحيفة أن بيان الانقلاب تضمن عبارات من قبيل: "استعادة العلمانية"، و"الحقوق"، و"سيادة القانون". وأشارت إلى أن إدراج مثل هذه العبارات في الإعلان لم يكن محض صدفة، حيث إن هذه العبارات كانت تدل على ما كان يطمح إليه المنفذون من الانقلاب.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إن الانقلابيين لم يوفقوا في تحقيق هدفهم. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت تركيا، رئيسا وشعبا، أن مصير مثل هذه العمليات سيكون الفشل حتما. من جديد، يستقر "السلطان" أردوغان على عرش تركيا، أقوى وأكثر نفوذا وشعبية من ذي قبل.