مقالات مختارة

ماريوبول تنتظر

محمد سلامة
1300x600
1300x600

ماريوبول تعتبر من أهم الموانىء على بحر ازوف، وتنتظر نهايتها الماساوية وانسلاخها عن أوكرانيا، فالعناصر المتبقية بداخلها لا تقوى على المقاومة، وسقوطها بشكل تام بات مسألة أيام معدودات، فالجيش الروسي استكمل استعداداته لاقتحامها وما يعنيه ذلك الحاقها باقليم الدونباس الذي يضم جمهوريتي لوغانستك ودونتسيك، وفي هذا نؤشر على الآتي:-

 

ماريوبول لن تعود اوكرانية بعد سقوطها بيد الجيش الروسي،واهميتها الاستراتيجية تكمن في أنها الميناء الذي يتم منه تصدير الفحم والحديد والمعادن وكامل منتجات إقليم الدونباس إلى باقي دول العالم، كما أن قرار تدميرها واقتحامها كان مقررا منذ اليوم الاول للحرب كونها تتبع اداريا الحدود الجغرافية لاقليم الدونباس.

 

--ماريوبول بحدودها البحرية واطلالتها على بحر ازوف تعتبر استراتيجيا مهمة ليس لاقليم الدونباس وحده بل لشبه جزيرة القرم ولاقليم خيرسون ولروسيا، وبما يعني أن السيطرة عليها تعني السيطرة على بحر ازوف والتحكم بالممرات المائية عبر الحدود البحرية الروسية مع أوكرانيا، وهذا يؤشر على حجم الخسارة لاوكرانيا في هذه الحرب التي اضحت بعنادها وتحديها لجارتها ضحية والعوبة بيد الغرب وأمريكا.

 

ماريوبول تنتظر نهايتها الماساوية نظرا لرفض بعض عناصرها الاستسلام لروسيا، وقصة الصمود الأسطوري والمقاومة وما إلى ذلك بات من الماضي بعد تسويتها بالارض وسيطرة الجيش الروسي على 95%منها، كما أن سكانها تركوها منذ بداية الحرب، والمقاتلين بداخلها منهارون معنويا ولا تصلهم الامدادات وبالتالي فإن الأيام القادمات ستكون أولى محطات كتابة تاريخ أوكرانيا ما بعد الحرب.

 

أوكرانيا تنتظر ليس انسلاخ ماريوبول عنها بل إقليم دونباس كله ومساحته تصل إلى (60)الف كم مربع عدا شبه جزيرة القرم التي اضحت روسية منذ 2014م ومساحتها نحو(30)الف كم مربع، واستمرار الحرب يعني انفصال اقاليم أخرى مثل خيرسون،وربما أن تعطيل المفاوضات أو محاولة شراء الوقت لن تكون في صالح أوكرانيا كونها الطرف الخاسر في الحرب.

 

روسيا لن تتراجع عن أهدافها المعلنة لوقف الحرب، ولن تقبل بانصاف حلول، ولن تسمح لنظام كييف أن يتسلل إلى الناتو أو يمتلك أسلحة استراتيجية هجومية، ولهذا فإن الأشواط الإضافية للحرب المفتوحة اليوم تحقق أول أهدافها بسلخ ماريوبول بالقوة العسكرية عن أوكرانيا وغدا سيصار إلى سلخ إقليم الدونباس بالقوة العسكرية،وانسداد أفق المفاوضات وتاجيلها سوف يعطي روسيا الوقت اللازم لتنفيذ كامل اهدافها، ولعل إعلان الرئيس زيلينسكي أن بلاده بحاجة إلى خمسة مليارات دولار شهريا واسلحة ثقيلة لمواصلة الصمود هو بمثابة الإعتراف بأن اقتصاد بلاده معطل وأن النهايات يكتبها دائما المنتصر ولا عزاء للمهزوم.

 

ماريوبول تلفظ أنفاسها الأخيرة، وما بعدها سنرى الرئيس زيلينسكي ورفاقه يبحثون عن صيّغ لوقف الحرب باقل الخسائر ،وربما يستجدون لقاء القيصر مقابل تنفيذ كل شروطه للاستسلام، ولا يوجد في الحروب سوى منتصر واحد يحقق اهدافه من الحرب، فاوكرانيا ما بعد سقوط ماريوبول لن تكون كما قبلها بحدودها الجغرافية وشعبها ونظامها السياسي.

 

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)