هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يمض أسبوع على انطلاق
التظاهرات في العاصمة الليبية طرابلس احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة في
البلاد حتى بدأت إرهاصاتها تظهر في سرت ومناطق سيطرة قوات اللواء خليفة
حفتر؛ فالمتظاهرون يطالبون بمكافحة الفساد وبتحقيق العدالة وتحسين الخدمات
الاجتماعية وإنهاء كافة أشكال الفوضى.
مطالب الليبيين تتشابه في كافة أرجاء البلاد؛
فدائرة الاحتجاج مرشحة للاتساع لتشمل المزيد من المدن بما فيها الشرق الليبي.
تراجع شبح المواجهات المسلحة والتهديدات الأمنية
التي أعقبت التوافق على وقف اطلاق النار بين عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي في
طبرق، وفايز السراج رئيس وحكومة الوفاق في طرابلس أعاد الليبيين للبحث في قضاياهم
المطلبية والاقتصادية بعد تراجع التهديدات الأمنية؛ الأمر الذي دفع السراج رئيس
حكومة الوفاق إلى تشكيل غرفة طوارئ للتعامل مع الأزمة، ودفع قبيلة القذاذفة في سرت
إلى اطلاق بيانات مناهضة قوات اللواء حفتر في سرت.
إذ لم تتوقف الاحتجاجات عند حدود مدينة
طرابلس، فسرعان ما انتقلت إلى مناطق سيطرة ونفوذ اللواء الليبي المتقاعد خليفة
حفتر، متخذة طابعا أكثر صدامية بعد أن دعت قبيلة القذاذفة أبناءها إلى
الانشقاق، ووقف دعمهم اللواء المتقاعد حفتر في أعقاب الحوادث الأمنية التي أدت إلى
وفاة عدد من أبناء القبيلة، رافقها اعتقالات تعرض لها أبناؤها في المدينة، تصاعدت
معها الدعوات إلى إخراج قوات اللواء حفتر من المدينة.
توقف القتال أعاد الليبيين إلى همومهم
اليومية؛ مطالبهم الطبيعية كمواطنين في دولة غنية بالثروات النفطية قادرة على
توفير متطلبات أبنائها الاقتصادية، ومطالبهم بحفظ وحماية أمنهم.
موجة احتجاجات مرشحة أن تمتد إلى مناطق الشرق
الليبي نحو بنغازي وطبرق والبيضاء؛ فالمعاناة متشابهة في كافة أنحاء البلاد؛ ذلك
أن احتفاء طرف باحتجاجات طرابلس باعتبارها تمردا على "الوفاق" لم يمنع انتقالها
إلى سرت، كما لن يمنع امتدادها نحو بنغازي بشكل سيحرج المحتفين بالاحتجاجات في
طرابلس بعد حين، ويضعهم في مأزق كبير لا يحسدون عليه!
عدوى التظاهرات والاحتجاج على الظروف المعيشية
بعد عام من القتال في ليبيا ستجد طريقها نحو الشرق الذي عانى من ويلات المواجهة،
وهي احتجاجات ستختبرها السلطات في بنغازي عاجلا أم آجلا كما اختبرتها قبل ذلك
بأيام في مدينة سرت الجمعة الفائتة، فهل ستنجح سلطات بنغازي في إدارة التظاهرات
والاحتجاجات المطلبية كما في طرابلس من دون إراقة للدماء، وبفرض رقابة على القوى
المسلحة بشكل يجنب المحتجين القمع؟ إنه سؤال كبير!
فالاحتجاجات في طرابلس الغرب خضعت لرقابة
مشددة من حكومة الوفاق لدرجة دفعت السراج إلى إيقاف وزير الداخلية فتحي باشاغا عن
العمل بعد إطلاق نار على المتظاهرين، رغم اعتراض مدينته ومؤيديه على التزم باشاغا
بالقرار، كما طالب بتحقيق علني.
طرابلس الغرب تقدم نموذجها في التعامل مع
المتظاهرين، في حين بقيت قوات الجنرال حفتر، ومن ورائه برلمان طبرق متأخرة في سرت؛
ما دفع قبيلة القذاذفة إلى دعوة أبنائها لطرد قوات الجنرال حفتر، فهل من الممكن أن
يمتد التوتر إلى بنغازي وطبرق وغيرها من مدن الشرق؟
ختاما.. الأزمة الليبية دخلت منحنى جديدا من
الممكن أن يحرج العديد من الأطراف، ويربك كافة الحسابات؛ فما يحدث في طرابلس ليس
استثناء، بل استحقاقا سيمتد عاجلا أم آجلا إلى بنغازي وطبرق. اختبار كبير من
الممكن أن يتحول لفرصة لتوحيد البلاد، والتوقف عن المراهنات الخاسرة؛ فما يمكن
اعتباره نصرا لأحد الأطراف اليوم يمكن أن يتحول إلى هزيمة كبرى في الغد، فعَلَام
الاحتفاء بتظاهرات طرابلس المُعدية!!!