هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تستضيف العاصمة الفرنسية باريس، الجمعة، مؤتمرا دوليا حول ليبيا، بمشاركة قادة ومسؤولي الدول المعنية بالأزمة، وسط مخاوف من محاولات فرض إجراء الانتخابات دون النظر إلى صحة أساسها الدستوري والقانوني ودون الالتفات إلى حجم النزاع حولها.
وتسود الخشية من خروج المؤتمر بتوصيات لفرض عقوبات على الرافضين لإجراء الانتخابات بشكلها الحالي دون توافق، تحت ذريعة "التعطيل".
ولا تجري الانتخابات الرئاسية المرتقبة وفق قاعدة دستورية واضحة متفق عليها، في ظل حالة رفض واسعة للقوانين التي أقرها البرلمان منفردا دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للدولة الليبي، والأخير يرى أن هذه القوانين مفصلة لصالح جهات وأشخاص بعينهم، محذرا من أن المشهد القادم يسير نحو مزيد من التعقيد. بحسب رئيسه، خالد المشري.
وتسود حالة من الجدل بين الأوساط السياسية والأجسام المختلفة في ليبيا، ففي حين يدعم البعض إجراء الانتخابات في موعدها وفق القوانين التي أقرها مجلس النواب، ويترك للناخب اختيار من يشاء، يرى آخرون أن إجراء الانتخابات دون توافق على القوانين ودون قاعدة دستورية، من شأنها الدخول في البلاد إلى منعطف خطير، باعتبار أن قوانين الانتخابات "معيبة" وتدعم حظوظ مرشحين دون غيرهم.
اقرأ أيضا: باريس تستضيف مؤتمرا حول ليبيا يناقش الانتخابات والمرتزقة
ويشارك رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي في المؤتمر، في حين أكدت الحكومة الليبية، الخميس، بأن رئيسها عبد الحميد الدبيبة سيشارك في المؤتمر.
كما يشارك رئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي في المؤتمر، وعدد من وزراء الخارجية العرب والمسؤولين الدوليين، في حين يغيب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون عن المؤتمر و"لن يكون حاضرا شخصيا في هذا المؤتمر؛ لأن الظروف غير مواتية". بحسب تصريح لوزير الخارجية الجزائرية.
تسريبات للبيان الختامي
وكشفت وسائل إعلام ليبية بنود البيان الختامي للمؤتمر، لعل أبرزها أن عقوبات ستفرض من قبل مجلس الأمن على الأفراد والكيانات داخل ليبيا أو خارجها، التي ستعرقل الانتخابات أو التلاعب بها أو تزويرها.
وينص البيان أيضا على ضرورة التزام الليبيين بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021 على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق. ما ينسف فكرة التأجيل لحين التوافق التي دعت إليها أطراف ليبية عدة.
سيحصد الفشل
الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير، استبعد أن يأتي المؤتمر بأي جديد، متوقعا أن يكون نسخة أخرى من مؤتمر برلين 2، باستثناء أن فرنسا هي الراعية هذه المرة، في محاولة لتصدر الموقف الدولي من الأزمة الليبية ومنافسة روسيا وتركيا.
وشدد الكبير في مقال له على أنه "إذا كان مؤتمر برلين 2 قد حقق بعض التقدم، فإن هذا المؤتمر سيحصد الفشل إذا تجاهل مطالب الأطراف السياسية المصرة على الانتخابات، ولكنها ترفض قوانينها المخالفة للتشريعات الليبية والاتفاق السياسي".
ورأى أن الخلافات في قاعة المؤتمر ستتركز بين موقفين، موقف داعم لإجراء الانتخابات بصرف النظر عن الخلافات الحالية، بحجة أن الخلافات لن تحسم، ويتعذر التوصل إلى إرضاء كل الأطراف، وموقف مضاد بدأ يتبلور مؤخرا يدعو للتريث، وعدم المبالغة في الضغط على الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات، دون منح المزيد من الوقت للتوصل إلى توافق يضمن القبول بنتائجها.
باريس تبحث عن دور
بدوره، قال المحلل السياسي، محمود شوبار؛ إن "دور فرنسا بدا حياديا بين أطراف الصراع في ليبيا أكثر من أي وقت مضى".
وشدد شوبار في حديث لـ"عربي21" أن فرنسا تسعى من خلال المؤتمر المرتقب إلى أن يكون لها وجود في الملف الليبي، مشيرا إلى وجود "خلاف بين بعض الدول المشاركة حول إجراء الانتخابات، وفقا للقوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب بصفة أحادية الجانب، خلافا لما تم التوقيع عليه بمخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي".
اقرأ أيضا: الأحزاب الليبية تدعو إلى التوافق لقبول نتائج الانتخابات
وأبدى شوبار أمله في أن يكون للمؤتمر دور إيجابي لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، مؤكدا أن الاهتمام الأكبر للمؤتمر ينصب حول خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وفقا لاتفاق جنيف المبرم في 23 تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2020 م، والخطة التي وضعتها لجنة 5+5 في 8 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري.
أما غياب الجزائر عن المؤتمر، فيؤكد المحلل السياسي أنها تعود إلى خلافات بين فرنسا والجزائر، ولا علاقة لتلك الخلافات بالملف الليبي.
مكافأة ماكرون لحفتر
المحلل السياسي، فرج فركاش كتب تعليقا على صفحته عن المؤتمر تحت عنوان " مؤتمر باريس .. هل سيكحل العملية الانتخابية أم سيعميها؟".
وقال؛ إن البيان الختامي للمؤتمر يشدد على "أهمية عملية انتخابية شاملة وتشاورية"، ويدعو "أصحاب المصلحة الليبيين إلى اتخاذ خطوات لزيادة الثقة المتبادلة، وبناء توافق في الآراء بشأن الانتخابات المقبلة".
لكن فركاش تساءل حول "أهداف الإشارة الواضحة من المؤتمر لبيان اللجنة العسكرية 5+5 وخروج دفعة أولية من حوالي 300 فرد من قوات المرتزقة"، قائلا: "هل ستكون هناك مكافأة في المقابل من ماكرون لحفتر؟".
كما تساءل عن "موقف الأطراف الداخلية خاصة المطالبة بإحداث تعديلات للقوانين الحالية تفسح المجال امام مشاركة الجميع، وعلى أساس قاعدة دستورية واضحة توضح ملامح المرحلة القادمة"، مجيبا أن "الساعات القادمة كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات".
ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل، لكن ربما تعرقلها خلافات راهنة حول قانوني الانتخاب بين مجلس النواب من جانب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر.
ويأمل الليبيون أن تساهم الانتخابات في إنهاء صراع مسلح استمر لسنوات، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطنية السابقة، المعترف بها دوليا.