سياسة عربية

هل ينجح الزيات في مصالحة الإخوان والنظام؟

فكرة المصالحة وردت على ألسنة عدد من الشخصيات السياسية- أرشيفية
فكرة المصالحة وردت على ألسنة عدد من الشخصيات السياسية- أرشيفية
يرى محللون أن تبني المحامي منتصر الزيات، لفكرة المصالحة بين النظام العسكري في مصر من جهة، وجماعة الإخوان المسلمين والثوار من جهة أخرى؛ هي دعوة رسمية من جهات سيادية موالية للانقلاب، وتكليف مباشر للزيات بطرح هذا الملف.
 
أصحاب ذلك الرأي يستندون إلى دور الزيات القريب من الإسلاميين بمصر؛ في ملف مراجعات أعضاء الجماعة الإسلامية بالسجون في تسعينيات القرن الماضي، بتكليف مباشر من السلطات المصرية في عهد حسني مبارك، وهي المراجعات التي انتهت بخروج المئات من عناصر الجماعة الإسلامية بعد إقرارهم نبذ العنف ورفض فكرة تغيير النظام بالقوة والتخلي عن حمل السلاح.
 
وفكرة المصالحة وردت على ألسنة عدد من الشخصيات السياسية على فترات متباعدة؛ بينهم الأكاديمي سعد الدين إبراهيم، والمفكر الإسلامي فهمي هويدي، ووزير العدل الأسبق أحمد مكي، والسفير إبراهيم يسري، والسفير عبد الله الأشعل، كما تحدث عنها زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي.
 
كما دعا نائب المرشد العام لـ"الإخوان المسلمين"، إبراهيم منير، تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من وصفهم بـ"حكماء الشعب" المصري أو "حكماء الدنيا" لرسم "صورة واضحة للمصالحة" بين السلطات.
 
مناورة النظام

ويرى المحلل السياسي، محمد الزواوي، "أن النظام يسعى بالمبادرات لخلخلة الجبهة المضادة أو الصف الثوري من جهة، ومعرفة الصقور والحمائم من جهة ثانية، ولمعرفة المؤثرين في عملية صنع القرار والكلمة الحاسمة من جهة ثالثة"، مؤكدا أنه "ليس بالضرورة أن يكون النظام قابلا لنتائج المصالحة أو حتى مستعدا لها".
 
وقال الزواوي لـ"عربي 21": "المصالحة في حد ذاتها شيء مقبول عقلا وموضوعا ويجب تبنيها عقلا من الطرفين؛ باعتبار أن الصراعات تنتهي في النهاية بالتفاوض، بشرط أن تكون عادلة وشاملة لتحقيق مصالحة وطنية شاملة؛ وليس فقط بين طرفي النزاع الأوضح وهما، الجيش، والإخوان".
 
وحول مكاسب النظام من المصالحة أكد الزواوي، أنه "من المفترض عقلا كذلك أن يدخل النظام في مصالحة تنتشل البلاد من كبوتها الاقتصادية التي لن تحل إلا بتهدئة الأوضاع لعودة المستثمرين والسياحة، ومن ثم إعادة ضخ العملة الأجنية في الداخل المصري".
 
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، زادت معها نسب الفقر إلى ما يقرب من 30 مليون نسمة، مع سياسات الانقلاب التي أدت لارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتغول العملات الأجنبية على العملة المحلية، وتسببت في عجز كبير بميزانية البلاد، وزيادة الدين الداخلي والخارجي بالاقتراض لتغطية النفقات.
 
واستدرك الزواوي بقوله: "ولكن يظل السؤال الأهم هو مدى قبول النظام لإعلاء المصلحة الوطنية على المصالح الفردية لبعض الجهات الطامعة في السلطة وبقاء المؤسسة العسكرية حاكمة للبلاد، حتى ولو بانهيار الدولة برمتها وفشل الدولة في توفير الحد الأدنى من الخدمات والسلع لمواطنيها".
 
أجندة أمن الدولة

وأبدي خبير القانون الدولى والعلاقات الدولية‏، الدكتور السيد أبو الخير، رفضه لتوجه الزيات للحديث عن المصالحة مع الثوار فقط، معتبرا أن الزيات "ينفذ أجندة (أمن الدولة)، وأن عرضه يعني مطالبة الثوار بإعلان الهزيمة أمام الانقلاب والاستسلام لحكم العسكر".
 
وفي حديثه لـ"عربي21"، طالب أبو الخير أصحاب مبادرات التصالح بأن "يتوجهوا بها للنظام بدلا من أن يوجهونها للمعارضين الذين لا يملكون شيئا إلا إرادتهم، ويطلب منهم الخضوع للانقلاب والاستسلام لقادته مقابل لا شيء".
 
وشكك أبو الخير في نوايا أصحاب تلك المبادرات، وقال إنهم “يعرضون مبادراتهم ويدعون أنهم بعيدون عن العسكر، مع أن كافة المبادرات من تأليف وسيناريو وحوار وإخراج الانقلاب” معتبرا أنهم ”يسعون لإظهار الثوار والإخوان في صورة اللاهث خلف مبادرات التصالح”.
 
وأشار خبير القانون الدولي، لوجود طرف تابع للانقلاب يريد انجاز مهمة محددة وهي إشاعة اليأس بين أنصار الشرعية ورافضي الانقلاب بطرح تلك المبادرات، مؤكدا أنها "تنتهي غالبا إلى لا شيء".
 
مبعوثا من النظام

ولم يستبعد الكاتب الصحفي، حازم غراب، أن يكون الزيات مبعوثا من نظام الانقلاب بدعوة رسمية من جهات سيادية؛ استنادا إلى دوره في مراجعات الجماعة الإسلامية في السجون على عهد مبارك.
 
وقال الإعلامي ومدير قناة "مصر 25" سابقا: "لو كانت المبادرة من الزيات وليست تكليفا من النظام؛ فكان عليه أن يتواصل مباشرة مع الطرف الثوري ورموز المعارضة، بدلا من طرح المصالحة بداية في الإعلام".
 
واعتبر غراب أن طرح فكرة المصالحة بهذا الشكل "مثير للشكوك"، ووصفه بـ"الخطأ الذي وقع فيه الزيات".
 
المشهد النفسي وخيوط اللعبة

وحول توقيت طرح الزيات لفكرة المصالحة وسط حالة الانقسام الذي تعاني منه الجماعة؛ يرى استشاري الصحة النفسية، الدكتور محمد الحسيني، "أن التوقيت الأمثل للتأثير على الآخرين يكون في حالة الضعف والتعرض للضغوط النفسية، مضيفا: "إذا أردت أن تسيطر على غريمك فانتهر فرصة إنفعاله واحصل منه على ما تريد".
 
وقال الحسيني لـ"عربي 21": "أعتقد أن توقيت الزيات مناسب جدا؛ حيث أن استغلال العثرات والفرقة والضغوط التي تتعرض لها أي فئة سيكون له بالغ الأثر في النتائج من حيث القبول المبدئي، وكذلك عناصر التفاوض للحصول على أكبر مكاسب ممكنة في ظل هذه الضغوط".
 
وتعاني جماعة الأخوان المسلمين من أزمة داخلية إثر الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013، ربما هي الأصعب في تاريخها؛ بين جناحين أحدهما "الشيوخ" الذي يتبنى المنهج السلمي، والآخر هو "الشباب" الذي يريد المواجهة مع النظام.
 
وأكد استشاري الصحة النفسية، "أن هناك من يدير المشهد النفسي للتكتلات الموجودة على الساحة"، مضيفا أن "من اختيار شخصية كمنتصر الزيات، ومن اختار التوقيت، ومن صاغ أساليب التواصل أو التفاوض التي لا تلزمه بأي شيء وتحصل على كل شيء؛ لهو طرف درس بعناية خيوط اللعبة وهيأ الظروف للمفاوض الرئيسي (العسكر) وحدد له ماذا يفعل ومتى وكيف؟".
التعليقات (0)