ملفات وتقارير

الأمن الجزائري يعتقل عددا من قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ.. لماذا؟

الأمن الجزائري يعتقل عددا من قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ عقب بيان حذّروا فيه من خطورة استمرار الانسداد السياسي.. (عربي21)
الأمن الجزائري يعتقل عددا من قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ عقب بيان حذّروا فيه من خطورة استمرار الانسداد السياسي.. (عربي21)
كشفت مصادر جزائرية النقاب عن أن السلطات الأمنية أقدمت منذ أول أمس الأحد على اعتقال عدد من الكوادر المحسوبة على الجبهة الإسلامية للإنقاذ، على خلفية إصدارهم لبيان سياسي حذّروا فيه من خطورة الاستمرار في سياسة الانسداد السياسي الذي قالوا بأنه أصبح خطرا يهدد أمن واستقرار البلاد.

ويتعلق الأمر باعتقال كل من الشيخ والأستاذ الناشط السياسي علي بن حجر، الناطق باسم إطارات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمفكر الإسلامي القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ الأستاذ أحمد الزاوي في ولاية المدية، والناشط السياسي سعدي مبروك.

‏وجاء الاعتقال على خلفية بيان صادر عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ: "إطارات الجبهة الأصيلة"، تمت فيه دعوة السلطة الجزائرية ـ العسكر ـ إلى الحوار والكف عن الانتهاكات الحقوقية.



وذكر مصدر جزائري موثوق تحدث لـ "عربي21"، وطلب الاحتفاظ باسمه، أن عملية الاعتقال التي طالت قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ تأتي في وقت تشعر فيه السلطات بالارتياح تجاه المعارضة، وذلك بعد أن أخمدت حماسة الجزائريين تجاه ما عُرف بـ "الحراك الشعبي"، وحولت الخوف الذي أصاب السلطات من تداعيات ذلك الحراك إلى خوف الشعوب والنخب من السلطة.

وأشار المصدر نفسه إلى أن الجبهة الإسلامية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بالنظر إلى الأخطاء التي ارتكبتها في تسعينيات القرن الماضي، وما قال إنه استعجال للسلطة دون مراعاة شروط التفاهمات والتوافقات المطلوبة.

لكن القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ علي بلحاج اعتبر في حديث خاص مع "عربي21"، أن إقدام الأجهزة الأمنية على اعتقال كوادر الجبهة الإسلامية للإنقاذ، عمل غير مبرر بأي شكل من الأشكال، ودعا إلى الإفراج الفوري عنهم.

وقال: "الأخ علي بن حجر والزاوي والأخ سعدي، كلهم إطارات في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهؤلاء عددهم كثير، وأغلبهم مشكل من رؤساء البلديات ورؤساء المنتخبين في الولاية في التسعينات، والأخ علي بن حجر رجل منتخب في التشريعيات التي انقلبوا عليها، والشيخ الزاوي كذلك".

وأضاف: "من حقهم أن يكتبوا بيانا ويعبروا عن آرائهم، وليس من حق أحد أن يمنعهم من حقوقهم السياسية والحقوقية، وأن يمنعهم من التعبير عن آرائهم.. هذا العزل السياسي والإعدام السياسي لحزب نال ثقة الشعب مرتين في المحليات وفي التشريعيات ظلم كبير، لا يحق لهؤلاء أن يلقى عليهم القبض بتلك الطريقة البشعة".

ونبه بلحاج من العودة إلى التحذير مما وصفه بـ "بعبع الإرهاب"، وقال: "هذا البعبع الذي أصبح يتقمصه جميع الطغاة في العالم العربي والإسلامي بمكافحة الإرهاب.. يريدون أن يظهروا أنهم إن لم يكونوا هم في الحكم فإن البديل هو الإرهاب.. وهم في الحقيقة يريدون أن يقولوا بأنهم حراس للدول الاستعمارية القديمة لنيل الشرعية.. وهذه مسألة ليست في الجزائر فقط، وإنما في عدد من الدول العربية والإسلامية".

وأشار بلحاج إلى أن "الجبهة الإسلامية للإنقاذ كانت تعمل في إطار تنافس مع الأحزاب السياسية وعندما فازت على الأحزاب السياسية تفاجأت بحزب سياسي مسلح لا يؤمن بالصندوق بقيادة خالد نزار، وذات الأمر تكرر في مصر وتونس".

ودعا بلحاج إلى "إطلاق سراح جميع المساجين، والذهاب إلى مرحلة انتقالية، يجلس فيها الجميع على طاولة الحوار، وأن تكون هناك عدالة انتقالية.. حتى يتم الخروج من هذا النفق الذي طال أمده".

وأضاف: "لن يفلحوا في إنهاء حلم الشعوب العربية والإسلامية بالحرية لأن حقوق الشعوب أقوى من حقوق من يملك السلاح.. هؤلاء يجهلون حركة الشعوب وتوجه التاريخ"، وفق قوله.

من جهته رأى الكاتب والسياسي الجزائري محمد بن زيان في حديث خاص مع "عربي21"، أن "الإشكال في الجزائر يكمن في طبيعة الجبهة الإسلامية للإنقاذ نفسها، لأنها كانت كيانا مركبا وليس متجانسا، ولذلك رأينا الاستقالات المتتالية، حتى أصبحت الجبهة ممثلة بعدة رؤوس.. كما حدث بين السلفية وتيار الجزأرة، أو التيار الحضاري".

وأضاف: "الآن إشكال الجبهة أنهم لم يكيفوا حتى تواصلهم مع الشعب.. والأجيال الجديدة منقطعة عما كان يجري في التسعينيات".

وأعرب بن زيان، عن أمله في أن تتحقق المصالحة الحقيقية، وقال: "المسلك الأمني في التعاطي مع الشأن السياسي كله مرفوض مبدئيا، ولكن في غياب معطيات لا يستطيع الإنسان أن يشكل رأيا، حتى الجانب الذي اعتقلهم لم يصدر أي بيان بهذا الخصوص".

وأضاف: "القضية السياسية يجب أن تعالج سياسيا، إلا إذا كانت هناك أمور لا نعلمها.. السياسي يعالج بالسياسي"، وفق تعبيره.

وفي لندن رأى الخبير الأمني الجزائري كريم مولاي في حديث مع "عربي21"، أن "الاعتقالات الجديدة التي طالت عددا من قيادات الجبهة وعددا من المعارضين للنظام الجزائري تأتي في سياقين متكاملين: الأول هو إحكام السيطرة على الداخل الجزائري ومنع أي صوت معارض من الظهور من جهة، ومن جهة ثانية تقوية الجناح العسكري المتحكم في البلاد على حساب جناح الرئاسة، والسياق الدولي لتنبيه حلفاء الجزائر الدوليين إلى أن خطر الإرهاب ما زال قائما، ودليله استمرار قيادات من الجبهة الإسلامية للإنقاذ من المحسوبين على التيارات الراديكالية في المطالبة بالعودة إلى ما يزعمون أنه شرعية".

واستبعد مولاي أن تذهب السلطة في عملية اعتقالات واسعة النطاق، وأكد أن المشهد السياسي متحكم فيه بطريقة لا تدعو إلى الإقدام على اعتقالات واسعة النطاق، لكنه حذّر من أن المشكلة الحقيقية ليست لا في قيادات الجبهة، ولا في خطابهم، وإنما في طبيعة الخلافات المتصاعدة بين أجنحة الحكم الجزائري نفسه، وفق تعبيره.
التعليقات (4)
سعدو
الثلاثاء، 03-10-2023 10:48 م
تعليمات واوامر بدء عسكر الجزائر تنفيذها ضدد العلماء والحركات الاسلاميه كما جرت العاده في باقي دولنا (المحتلة) من قبل عصابات تتكلم بلساننا وتلبس لباسنا وهم اخطر من العدو وهكذا حال السعوديه والامارات ومصر وتونس والاردن وسوريا وابن ماتوجهت لن تجد في قائمة مخابرات واجهزة امن هذه الدول الا ملاحقة العلماء ومراقبة المساجد والتنكيل بالحركات والتجمعات الاسلاميه بحجة الارهاب وهي في الحقيقه اوامر صادره من الدول الصليبيه ودول صاحبة القرار بملاحقة وتجريم كل مايتعلق بالمسلمين وعقيدتهم ارضاءاً لحكومة الدجال وتنفيذاً لمخططات (حاخامات تل ابيب ) ومن وراءهم
خوار
الثلاثاء، 03-10-2023 10:47 م
اللصوص في الحكم لا يفهمون كلمة "حوار" شيء بديهي لكن السؤال الأهم هل المعارضة تفهم كلمة "حوار" ؟ كيف تحاور من إغتصب الحكم منذ أكثر من 30 سنة و قتل أكثر من 250 ألف و لا يزال يفعل أكثر و أكثر.. أكثر و أكثر
ناقد لا حاقد
الثلاثاء، 03-10-2023 08:45 م
نظام العسكر في الجزائر فاقد للشرعية و الاهلية
ابوعمر
الثلاثاء، 03-10-2023 06:33 م
لم نسمع عن اعتقالات سياسية للنخب والمناضلين والنشطاء السياسيين في بلاد البشر والآدمـــــيين...لم تحدث اعتقالات للمعارضين السياسيين والنخب السياسية في فرنسا او المانيا او ايطاليا وحتى اسرائيل البلد المتعدد (الجنسيات )والاعراف الدينية...لم تحدث اعتقالات ولا حتى التحرش بالسياسيين في المعارضة لآنهم بصراحة آدميون وليس متوحشون همجيون وهو حال هؤلاء الكائنات العربان الذين تخجل منهم الانسانية وتتبرأمنهم الى الابد