حقوق وحريات

العدل والإحسان تتهم السلطات بإعفاء أعضائها من العمل

قرار إعفاء محمد حمداوي عضو مجلس الإرشاد بجماعة العدل والإحسان ـ الجماعة
اتهمت جماعة العدل والإحسان "الدولة المغربية" بإعفاء أو تنقيل أو تغيير المواقع الإدارية والوظيفية، لعدد من الكوادر والأطر في الوظيفة العمومية بسبب انتمائهم "للجماعة" التي تصفها الدولة بـ"المحظورة".

توقيفات ظالمة

 قال الموقع الرسمي للجماعة في تقرير نشره الأحد، إن عشرات الأطر والكوادر من مهندسين، ومديري مدارس، ومفتشين، ومستشارين تربويين، تعرضوا لإعفاء أو تنقيل أو تغيير المواقع الإدارية والوظيفية، قاسمهم المشترك الانتماء لجماعة العدل والإحسان.

وأضاف موقع جماعة العدل والإحسان: "ففي خطوات غير قانونية ومشوبة بالشطط الإداري والتعسف المكشوف، ومن ورائها عقلية تسلطية، تعرض العشرات من أطر وأبناء هذا الوطن لتغيير المهام والتنقيل".

وتابع: "ذنبهم أنهم بنوا مسارهم الدراسي ثم المهني بسواعد الجد والإخلاص والتفاني حتى صاروا أطرا في وظائفهم ومسؤولين في مصالحهم يخدمون المواطنين ويخلصون في عملهم، وجرمهم إيمانهم بمشروع جماعة العدل والإحسان الذي يحث على التفوق والإتقان والتفاني في العمل".

وأوضح: "الملاحظ أن هذه الإجراءات المخزنية الجديدة، التي يجري تنفيذها قبل حوالي أسبوعين، تأتي في سياق عام من التضييق والتعسف القانوني والإداري تجاه شرائح مختلفة في ظل فراغ سياسي قاتل".

القطاع النقابي للجماعة

قال القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان: "تم إعفاء عدد من المهندسين في قطاعي الفلاحة والمالية من مسؤولياتهم في رئاسة المصالح، ورسائل القرارات التي توصلوا بها تخلو من ذكر أي سبب يبرر هذه القرارات".

وأفاد القطاع النقابي في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "عشرات أطر وزارة التربية الوطنية في العديد من الأكاديميات (شفشاون، تطوان، وجدة، الناظور، الداخلة، آسفي…)، منهم (مديرو مؤسسات تعليمية، ونظار، ومقتصدون، وحراس عامون، ومفتشون تربويون، ومفتشون في التوجيه والتخطيط)".

وتابعت أنهم "تلقوا من مديري أكاديمياتهم رسائل إعفاء من مهامهم الحالية و/ أو الأصلية، وتم إلحاقهم بإدارة المديريات التي ينتمون إليها موظفين، رسائل القرارات مرة أخرى لا تحدد سببا يبرر الإعفاء".

وزاد أن "هذه القرارات، إذا استحضرنا الخصاص المهول في الموارد البشرية التي تشكو منه الإدارة المغربية، لاسيما في قطاع التعليم، واستحضرنا التجربة الطويلة التي راكمها هؤلاء الأطر، والتي هي ملك للدولة والمجتمع وهما أحق بها، واستحضرنا الكفاءة العالية التي يتمتع بها هؤلاء الأطر وتشهد على ذلك سيرتهم العلمية والعملية، واستحضرنا أنهم لم يتوصلوا بأي تنبيه سابق أو إنذار، أو حتى استدعاء من مديريهم المباشرين، واستحضرنا الشهادات الإيجابية التي يقدمها من صاحبوا هؤلاء في عملهم عن كثب… فإن النتيجة تكون تخوفا مشروعا للمجتمع من أن تكون إزاء شطط في استعمال السلطة، واستغلال للنفوذ لتصفية حسابات شخصية أو نقابية أو سياسية أو فكرية….".

وسجلت أن الإجراءات الأخيرة، تأتي بعد "نقض اتفاق 21 أبريل 2016 مع الأساتذة المتدربين، والقاضي بتوظيف الفوج كاملا، ليجد 150 أستاذا متدربا من الوجوه المناضلة داخل التنسيقية أنفسهم ممنوعين من التوظيف، وسحب الأكاديميات الجهوية مجموعة من الأساتذة المتعاقدين من لائحة التعيينات".

حمداوي: خرق للقانون


اتصل موقع "عربي21" بمسؤول العلاقات الخارجية في جماعة العدل والإحسان، وعضو مجلس الإرشاد، محمد حمداوي، الذي تعرض بدوره للإعفاء من مهامه كمفتش ممتاز لوزارة التربية الوطنية بالناظور (شمال) غير أن هاتفه كان خارج التغطية.

ونقل موقع "العمق المغربي" عن حمداوي قوله: "إن وزارة التربية الوطنية أقدمت الأسبوع الماضي على إعفائه من مهمته كمفتش ممتاز بالوزارة على مستوى نيابة الناظور".
 
وأضاف حمداوي بحسب "العمق"، أن "تلك الإعفاءات فيها خرق واضح للقوانين، وأن إنهاء المهام له شروط محددة ينبغي احترامها".

وشدد حمداوي: "لم يحصل في تاريخ المغرب أن حصلت إعفاءات في حق الأطر بهذه الطريقة، وأن مبرر (انقضاء المصلحة) الذي تعتمد عليه الوزارة في قراراتها غير مبني على أساس".

وأضاف: "من بين غرائب الإعفاءات، ما حصل لأستاذ بنيابة الناظور أيضا، حينما توصل بقرار الإعفاء بدعوى (انقضاء المصلحة) رغم أنه هو المفتش الممتاز الوحيد بالنيابة في تخصص الفرنسية، حيث أضحت الآن المنطقة بدون مفتش بعد أن تمت إحالته على مهمة إدارة غامضة لا علاقة له بها، إذ يظل الأساتذة بدون مفتش".

وزاد أن خطوة الوزارة انحصرت في الإعفاء ولم يتم حبس الأجور.

وأفاد أن "المعفيين لن يسكتوا عما لحقهم، وأنهم سيتخذون الخطوات القانونية اللازمة من أجل وقف الظلم الذي لحقهم ولحق فئات من الشعب"، مضيفا أن "حالات الإعفاءات تعد بالعشرات وأن قرارات الإعفاءات لا تزال تصدر يوميا".

سؤال كتابي

وجه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، بسبب قرارات الإعفاء من المهام التي طالت عددا من أعضاء جماعة العدل والإحسان.

وطالب فريق حزب الاستقلال، في سؤال كتابي، الوزير بلمختار بالكشف عن "الدوافع الحقيقية التي قادت الوزارة، من خلال مصالحها الخارجية، إلى اتخاذ قرارات الإعفاء في حق عدد من الأطر الإدارية والتربوية المنتمين لجماعة العدل والإحسان، دون أن تتضمن القرارات تفسيرا واضحا لدوافع هذا الإعفاء".

واعتبر الفريق الاستقلالي أنه "إذا ثبت صدور قرار الإعفاء دون تبرير، فإن ذلك يعد ضربا للإدارة والمكتسبات الحقوقية ببلادنا".

وسجل أن "قرارات إعفاء العديد من المسؤولين الإداريين، تمت دون التأكد من تورطهم فعلا في ملفات ذات الاختلالات المالية أو الإدارية، معتبرين أن مضامين القرارات تفسر أن هذه الأخيرة تمت على خلفية انتماءات المتضررين السياسية وتوجهاتهم الفكرية".

تضامن محتشم


واستنكر المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم/ التوجه الديمقراطي (تابع لحزب النهج الديمقراطي، يقول بإقامة نظام جمهوري) الإعفاءات غير القانونية للموظفين وترسيب الأساتذة المتدربين، واعتبرها إعفاءات انتقامية وطالب بمراجعتها، محملا الوزارة كامل المسؤولية.

وأعلنت الجمعية الوطنية لأساتذة المغرب تضامنها مع الأطر ضحايا حملة الإعفاء من المهام في وزارة التربية الوطنية، ونددت بخطورة تبعات هذه الخطوة على المدرسة العمومية، وطالبت بالتراجع الفوري عنها.

وأصدر كل من المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم بسيدي إفني (جنوب) المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والمكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم بالحسيمة (شمال) المنضوية تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، بيانين تنديديين بالإعفاءات غير القانونية التي همت عشرات الأطر التربوية والإدارية بوزارة التربية الوطنية بمختلف الأكاديميات، وطالبت فيهما بالإلغاء الفوري لهما، معلنة التضامن المطلق مع ضحايا التعسف.

ويرى مراقبون أن موجة التوقيفات قوبلت برفض من طرف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، غير أنهم يستغربون صمت النقابة التي ينشط بها أعضاء جماعة العدل والإحسان التي لم تصدر موقفا لحد الآن.