سياسة عربية

احتجاجا.. تونسيون يهتفون للمرزوقي أمام السبسي (فيديو)

تتوسع دائرة الاحتجاجات على الأحوال الاقتصادية في تونس
تزامنت زيارة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، السبت، لمدينة قفصة الواقعة في جنوب غرب البلاد، مع تحركات احتجاجية مطالبة بالتنمية الحقيقية والتشغيل.

وجاء اختيار رئاسة السبسي لمدينة قفصة "نظرا لرمزية الحوض المنجمي الذي اندلعت منه انتفاضة سنة 2008" وفق ما صرحت به مصالح الإعلام والاتصال برئاسة الجمهورية.

ورغم ما شهدته المدينة من تحضيرات واستعدادات أشرف عليها نجل السبسي أياما قبل زيارة الرئيس، إلا أن المدينة شهدت وقفات احتجاجية رفضا لما اعتبره المحتجون زيارة بروتوكولية.

يحيا المرزوقي

واستقبل عدد من أهالي مدينة المتلوي موكب السبسي، الذي زار منشأة إنتاج الفوسفات بالجهة، بالهتاف باسم الرئيس السابق المنصف المرزوقي، تعبيرا عن غضبهم من هذه الزيارة.



وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشابين من مدينة قفصة؛ يمسحان أحذيتهما بممسحة قبل المشي على الطريق، في تعبير ساخر من حملة النظافة الكبيرة التي شهدتها المدينة على غير العادة، تمهيدا لزيارة السبسي، وإخفاء للوضع البيئي السيئ للمدينة.



الجبهة الشعبية تقاطع

واعتبر عضو مجلس نواب الشعب عن محافظة قفصة، عمار عمروسية، القرارات التي أعلن عنها السبسي لفائدة الولاية "ذرّ رماد في العيون"، قائلا في تعليقه على الزيارة ''إن رئيس الدولة لم يزر قفصة فعليا، بل حلّق فوقها بطائرته''.
 
واستغرب النائب بالبرلمان عن الجبهة الشعبية (يسار) من وصول حافظ قائد السبسي إلى قفصة قبل أيام تحضيرا لزيارة والده، وهو ما اعتبره تداخلا بين السلطة والعائلة.

وأكد عمروسية أن أسباب مقاطعته لهذه الزيارة تتمثل في "عدم إعلامه بالقرارات التي كان سيعلن عنها الرئيس التونسي، ومسلك الزيارة، إضافة إلى المناخ العام الذي تعيشه مختلف مناطق البلاد من احتجاجات".

توسع رقعة الاحتجاجات

وتشهد تونس منذ أيام عددا من التحركات الاجتماعية في مناطق مختلفة، على خلفية عدم النجاح في تلبية المطالب الاجتماعية للثورة؛ من تشغيل وتنمية وكرامة.

وأعلنت مدينة بن قردان، الواقعة في الجنوب الشرقي التونسي، الإضراب العام، الخميس الماضي، بدعم من الاتحاد المحلي للشغل، واتحاد الصناعة والتجارة، واتحاد الفلاحين، على خلفية تواصل غلق المعبر الحدودي "راس جدير" بين تونس وليبيا، والذي يمثل الشريان الاقتصادي الوحيد للمدينة.

وشهدت أيضا مدينة تالة بمحافظة القصرين (الوسط الغربي) الأربعاء الماضي، تحركا احتجاجيا عمد فيه المحتجون لغلق الطريق الرئيسة، وحرق الإطارات المطاطية، تنديدا بما اعتبروه "عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه المنطقة".

وتتواصل في مدينة المكناسي بمحافظة سيدي بوزيد (وسط البلاد) الاحتجاجات بعد إعلانها الإضراب العام، الخميس الماضي، على خلفية تعطل انطلاق استغلال منجم الفوسفات بالمدينة، والذي من شأنه أن يحسن الوضع التنموي، ويفتح آفاق التشغيل.

رد فعل طبيعي

وقال الباحث الاجتماعي، الصغير الشامخ، إن وجود حركة احتجاجية في هذه الفترة من السنة؛ بات أمرا شبه مرتقب، باعتبار أن فصل الشتاء يساهم في تعميق حالة المعاناة لدى من أسماهم "ساكنة القواحل المهمشة".

وأضاف لـ"عربي21" أن الجامع بين التحركات الاجتماعية في مختلف المناطق؛ تشبثها بمطلب مركزي غاب عن طاولة النقاش السياسي والتناول الإعلامي، رغم كونه أحد المحركات الرئيسة للثورة التونسية، وهو مطلب التنمية والعدالة الاجتماعية، التي تمت دسترته تحت عنوان التمييز الإيجابي قبل ثلاث سنوات، ولكن دون خطوات عملية لتفعيل ذلك ضمن السياسات العامة الدولة.

وأكد الشامخ أن جملة هذه التحركات يمكن فهمها على أنها رد الفعل المرتقب على تواصل "الإقصاء الاجتماعي"، وأنها تقدم الدليل على عجز السلطة السياسية لا فقط عن معالجة قضايا التنمية والتشغيل، بل وأيضا عن توقع مثل هذه الاحتجاجات، باعتبارها أصبحت عادة شبه سنوية، وهو دليل على غياب الرؤية والعقل الاستراتيجي، وفق تعبيره.

وتابع: "هذه الحركة تؤشر أيضا إلى مكامن خلل كبير؛ يتعلق بتعطل مسار وضع منوال تنموي جديد، لتتحول الحرية -باعتبارها المكسب الوحيد أو الأهم- إلى وسيلة للتعبير عن الرفض والانتفاض ضد الوضع القائم".

وحول مآلات هذه التحركات الاحتجاجية، وإمكانية تحول شعاراتها من المعجم الاجتماعي إلى المعجم السياسي؛ قال الشامخ إن المشهد الحالي هو رد فعل من ضحايا منظومة أمعنت في تفقيرهم، وهو الشيء الذي يجعل من الصعب التكهن بسقفه (رد الفعل) بالنظر لخيبة الأمل، والشعور المتزايد بالتهميش والإقصاء".