مقابلات

قيادي جزائري يتحدث لـ"عربي21" عن مساعي الوحدة للإسلاميين

رأى مناصرة أن الشروط لم تكتمل بعد لوحدة تشمل جميع الأحزاب الإسلامية بالجزائر - أرشيفية
وقّعت حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر، وجبهة التغيير، اتفاق وحدة الأسبوع الماضي، للانصهار في حزب واحد، وهو ثاني اتفاق وحدة يجمع الإسلاميين بالجزائر، بعد الاتفاق الذي وقعته جبهة العدالة والتنمية، التي يرأسها الشيخ عبد الله جاب الله، وحركة النهضة، التي يرأسها محمد دويبي منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي.

وأثارت الوحدة بين حركة مجتمع السلم، المعروفة اختصارا "حمس"، وجبهة التغيير، جدلا واسعا بالجزائر، خاصة أنها جاءت قبل شهور قليلة من الانتخابات النيابية المقررة شهر نيسان/ أبريل المقبل، ما جعل مراقبين يطرحون تساؤلات حول موقف السلطة من هذا الاتفاق، علما أن قادة وأعضاء جبهة التغيير كانوا ينشطون تحت لواء حركة مجتمع السلم، قبل الانفصال عنها رسميا وتأسيس حزب مستقل عام 2012.

ويقول رئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إنه لا يعتقد أن تتدخل السلطة في هذا الأمر، بل ستكون هي المستفيدة.

ورأى أن الشروط غير متوفرة حاليا لإبرام وحدة بين كل الأحزاب الإسلامية، معبرا عن اعتقاده بأن حظوظ الإسلاميين بنيل عدد معتبر من مقاعد البرلمان في الجزائر، "وفيرة".

ويعتقد مناصرة أن الإسلاميين في البلدان التي عرفت ثورات الربيع العربي؛ "لم يتراجعوا، بقدر ما هناك موجة ثورات مضادة في بعض دول الثورات الشعبية، بل كما أن هناك تراجعا ديمقراطيا استغل الفوضى والأزمات"، كما يقول.

وفيما يلي نص الحوار:

* عرف مسار الوحدة بين جبهة التغيير التي يرأسونها وبين حركة مجتمع السلم؛ تعثرا في السنوات الماضية. ما هي العوامل التي سرّعت في إتمامه، أو الدوافع وراء مسعى الوحدة حاليا؟

- مسار الوحدة بين حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير انطلق في آذار/ مارس 2013، وأثمر في كانون الثاني/ يناير 2017؛ اتفاق إطار للوحدة، وحدد خارطة طريق واضحة المعالم مدروسة المراحل، تبدأ بالمرحلة الانتخابية، وتتجسد في المرحلة التوافقية وتكتمل في المرحلة الديمقراطية.. احتجنا إلى كل هذه المدة؛ لأنها وحدة بعد فراق وانقسام، ولكنها طبيعية بين طرفين كانا طرفا واحدا، وهي مدة تكفلت بمداواة الجروح وتأليف النفوس قبل توحيد الهياكل والتنظيمات، وهي قناعة قاعدية وقيادية. وقرارات مجلسي شورى الحزبين دليل على ذلك.. الهدف دائما كان هو الوحدة لإعادة بناء الحركة بكل مكونات مدرسة الشيخ محفوظ نحناح بإعادة الوهج والقوة والتأييد الشعبي لها، وهي وحدة خادمة لمشروع الحركة، ولكنها في نفس الوقت خادمة للتحول الديمقراطي في الجزائر.

* كيف تتوقعون رد فعل السلطة إزاء الوحدة؟

- السلطة لا أعتقد أنها تتدخل في قضية حزبية، ولكنها ستكون مستفيدة من قوى سياسية قوية كبيرة ومستقرة؛ لأن وحدتنا ستفيد المجتمع وستفيد الدولة في تحصينها ضد الفوضى، ومن التدخل الخارجي. وحماية الديمقراطية والدولة بحاجة في هذه المرحلة الصعبة إلى التوافق بين السلطة وقوى سياسية كبيرة؛ منحازة للوطن وللدولة وللديمقراطية.

* هل يمكن أن تشمل الوحدة التي أبرمتموها؛ التحالف الآخر المعلن عنه قبل أسابيع قليلة بين جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة؟

- لا أعتقد أن الشروط الآن متوفرة لبناء وحدة تجمع جميع الإسلاميين ككل، ولا يمنع هذا من إيجاد صيغ التعاون والتنسيق والتوافق. والحركة تنحاز أيضا إلى التوافق مع التيارات السياسية الأخرى الوطنية والديمقراطية

وقد كنا في جبهة التغيير نناضل على ثلاثة مسارات مهمة: الوحدة بين أبناء المدرسة الواحدة، والتوافق بين أبناء الوطن الواحد، والتناصر بين أبناء الأمة الواحدة. ويستمر نضالنا في هذه المسارات بعيدا عن الهيمنة والأحادية والانعزالية.

* لكن ما هي القيمة المضافة التي ستقدمها تحالفات التيار الإسلامي للمشهد السياسي في الجزائر؟

- اختصار خمسة أحزاب إسلامية في حزبين؛ هو عمل يعبّر عن نضج سياسي ورؤية استراتيجية تخدم المصلحة العامة المتمثلة في إنجاح واستكمال التحول الديمقراطي في الجزائر الذي طال لأكثر من 27 سنة، والمتمثلة أيضا في إيجاد أعمدة راسخة تقوم عليها الدولة الحديثة الديمقراطية، وفي نفس الوقت ستعيد هذه الوحدة الأهمية إلى العملية السياسية الديمقراطية التي فقدت بريقها شعبيا ونضاليا، ومن جهة أخرى ستدفع التيارات الأخرى إلى التقارب كما ستجعل من التوافق الوطني أكثر سهولة من ذي قبل.

* في حال نجح تحالفكم في حصد عدد أكبر من المقاعد في الانتخابات، هل ستساهمون في الحكومة المقبلة؟

- إذا أعطاك الشعب مقاعد تضعك من بين أحزاب المقدمة، فهو يرشحك بذلك للحكومة وتولي شؤونه ورعاية مصالحه، وبالتالي ستكون مستعدا لذلك إذا كان الائتلاف الحكومي يتماشى مع رؤيتك. أما إذا كانت أصوات الشعب لا تضعك في المقدمة، فهي تؤخرك إلى المعارضة لتقوم بهذا الدور. وعلى أي حال، القيادة المشتركة للحركة الموحدة ستنظر في نتائج الانتخابات وفي العروض الائتلافية، وتقرر من خلال مؤسساتها. ومن المفيد التأكيد أننا ضبطنا في الاتفاق؛ الإطار للوحدة الخط السياسي بالتوافق، وهو خط واقعي وأصيل، ومعني بالتوافق وإنجاح التحول الديمقراطي في البلاد.

* ألا تعتقد أن السياق الإقليمي المضطرب وتراجع التيارات الإسلامية في عدد من البلدان، على غرار تونس ومصر، سوف لن يؤثر على حظوظ الإسلاميين في الانتخابات المقبلة بالجزائر؟

- لا أعتقد أن الإسلاميين تراجعوا؛ بقدر ما هناك موجة ثورة مضادة في بعض دول الثورات الشعبية، بل كما أن هناك تراجعا ديمقراطيا استغل الفوضى والأزمات، ليقنع نفسه بأن الإسلاميين تراجعوا شعبيا. وهذا غير صحيح.. أعتقد أن الشعوب التي مرت بأزمات الاستبداد ثم بأزمات الإرهاب؛ هي أكثر الشعوب واقعية في اختياراتها، وأكثر الشعوب تنوعا في انتخاباتها بالشكل الذي يمنع هيمنة تيار واحد ويصنع شراكة قد تصل إلى التوافق الوطني؛ في ظل ظروف صعبة الحاجة فيها ماسة إلى التوافق على الهوية الوطنية وطبيعة النظام السياسي، واحترام المكونات السياسية للمجتمع.

* نفهم من هذا أن فرصكم لا تزال قائمة للفوز بالانتخابات؟

- نعم.. أقول إن حظوظ الإسلاميين انتخابيا في الجزائر لا تزال وفيرة، ولكنها لا تصل إلى الهيمنة، بل قد لا تتجاوز 40 في المئة، في حال كانت الانتخابات نزيهة، ولن تنزل تحت 25 في المئة إذا كانت الانتخابات مزورة؛ لأن التزوير لم يعد متاحا بنفس الكيفية والدرجة.

ولكنني أتمنى أن تستغل الانتخابات القادمة فرصة للحل والتوافق.. فرصة للسلطة، وهي أيضا فرصة للمعارضة، فعلى الجميع أن لا يضيّعها من أجل الجزائر.