قضايا وآراء

يا "توك توكاتك" يا محلب!

1300x600
في تصريح غريب قال إبراهيم محلب رئيس الوزراء بـ"عضمة لسانه" التي سيأكلها الدود خلال لقائه مع الإعلامي أسامة كمال ببرنامج القاهرة 360 على فضائية القاهرة والناس "مفيش وظائف في الحكومة، ومتفكروش تفتحوا كافيهات عشان تكسبوا، وفكروا أحسن تسوقوا توك توك" ـ على حد تعبيره.
 
ولا أدري من أين استاق "محلب" هذا الإحباط ليصبه كجام غضبه على قطاع كبير من ملايين الخريجين، وقد اقتصرت الوظائف الحكومية والمرموقة منها إلى بند التوريث، جهاراً نهاراً وعلى أعين الأشهاد، ولا قانون ولا يحزنون، ووقف الشباب في طابور البطالة، وطرقوا جميع الأبواب الموصدة ليرتزقوا لقمة العيش الحلال، ولكن الحكومة كانت لهم بالمرصاد حيث ترقبتهم السجلات الصناعية والضرائب والتأمينات والتفتيشات، ناهيك عن المتسلقين من الخفراء والمرشدين والذين في قلوبهم مرض، علاوة على الذين امتهنوا وظيفة محاربة النجاح ليزداد الفقير على فقره كيل بعير. 
 
يا رئيس الوزراء باعتبارك "بلدوزر" إن لم تستطع أن توفر لقمة عيش لشباب الخريجين وعواجيزه من خلال موقعك وسلطاتك فلا تقف عقبة في طريقهم، وإذا كانت أفكارك النيرة بمشروع "التوك توك" حل لأزمة بطالة الشباب، فهل لديك فكرة أخرى نيرة أو منقحة لحل أزمة البطالة لملايين الفتيات ممن حصلن على مؤهلات متوسطة وجامعية أم أنهن يسقن فتيان أحلامهن أو أزواجهن إلى طريق الانحراف بعد أن أصبحت شوارع مصر كلها "تكاتك" ولم تجد زبائن، وعاد سائق "التوك توك" مع غروب الشمس صفر اليدين؟ 
 
يا رئيس الوزراء باعتبارك "بلدوزر" قف أمام "التوك توك"، وقارن الحجم بينكما جيداً، لا شك أنه لا وجه للمقارنة، ولك أن تعلم أن قانون تصريح "التوك توك" ما زال على "كف عفريت" ربما غداً أو بعد غد نكتشف أن به "عوار دستوري" ويتم حله، وهو ليس بأعز من "مجلس الشعب – الماضي"، وهل ستدع "التوك توك" يعمل في شوارع مصر.. هذا إن سلمنا جدلاً بفكرتك، وقد قررت محافظة القاهرة حظر سيره حظراً نهائياً بثمانية أحياء هي غرب القاهرة والأزبكية وعابدين والموسكي والوايلي وباب الشعرية وبولاق أبو العلا ووسط القاهرة، وفرضت غرامة مالية قدرت بـ 1500 جنية، على صاحب المركبة الذي سيخالف تعليمات خط السير، وربما في المستقبل تنفذ محافظات الأقاليم مثل هذا القانون.
 
يا رئيس الوزراء.. عفواً تفضل بالنزول من برجك العاجي، واقترب أكثر من مشاكل الخريجين، تعايش معهم مع الأزمة الخانقة وضيق اليد وقلة الحيلة، وكن أكثر حنكة في قلب الحدث، لأن تصريحاتك محسوبة عليك، ولا وجود لزلة لسان أو مغفرة لها إذا أتت من مسؤول بحجم "البلدوزر"، ولك أن تعلم أن "التكاتك" في شوارع مصر حتى الآن قبل تصريحك الخطير أشبه بقوافل الصراصير، تسير مكتظة يلاطم بعضها البعض، ناهيك عن التلوث السمعي الذي أصابنا بـ"الطرش" وأصبح المواطن المسكين لم يجد قدر قدم يسير فيه، لدرجة أنك تتوقع في شوارع الأقاليم أنك لو رفعّت "علبة سجائر" فارغة ستجد أسفلها "توك توك"!