نشرت صحيفة نوفال أبسرفتور الفرنسية؛ تقريرا حول المواجهات القبلية الدائرة في ولاية
غرداية الجزائرية، تناولت فيه حجم الخسائر التي سببتها هذه المواجهات، والسياق الاجتماعي والسياسي الذي أدّى إلى تفجر الأوضاع في الجنوب الجزائري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المواجهات الطائفية في منطقة غرداية، الواقعة على بعد 600 كيلومتر من الجنوب الجزائري، أدت إلى حد الآن إلى سقوط 22 قتيلا، وجرح أكثر من 200، خلال فترة لا تزيد عن 48 ساعة.
وأضافت أن المواجهات العنيفة اندلعت صباح الأربعاء الماضي، في مدينة قرارة الواقعة قرب وادي مزاب، والمصنفة حسب منظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي، حيث تم إحراق العديد من المساكن والمحلات من قبل بعض السكان الذين استعملوا الزجاجات الحارقة، ما أدى لوفاة عدة أشخاص، بحسب مسؤول محلي رفض الكشف عن اسمه.
وذكرت الصحيفة أن هذه التوترات الطائفية في غرداية ظلت متواصلة منذ سنتين ونصف، بين الشعانبة وهم عرب سنة، والمزابيين وهم أمازيغ يتبعون المذهب الإباضي. ويعود أصل الخلاف إلى نشر قائمة في سنة 2013، متعلقة بتوزيع المساكن على المواطنين في هذه المنطقة التي تعاني من مشكلة حقيقية في مسألة السكن. وتطورت هذه المشكلة العقارية لتتحول إلى توترات طائفية وأحداث عنف تزداد حدتها كل يوم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن أحداث العنف ليست جديدة على هذه المنطقة، فإن الدولة لم تتخذ أية احتياطات لتفادي هذه الوضعية. وهو ما دفع بالمراقبين المحليين وممثلي منظمة "محامون للدفاع عن حقوق الإنسان"، إلى التساؤل حول هذا الفشل المتعمد من قبل السلطات، التي يتهمها المزابيون بالتخلي عن المواطنين، والتخاذل في الاضطلاع بمهمتها في فرض الأمن، ما أدى في النهاية إلى الاستنجاد بالجيش الجزائري.
وقالت الصحيفة إن موجة الاستنكار والتنديد التي وجهها السكان والمعارضة نحو ما اعتبروه فراغا في الدولة الجزائرية، وعجزا عن إدارة هذه المأساة الوطنية، دفعت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل استعادة وحفظ الأمن العام في كامل ولاية غرداية، وذلك خلال اجتماع عاجل عقده الأربعاء الماضي بحضور الوزير الأول ونائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الجزائري.
ونقلت الصحيفة عن موظف في مطار غرداية أن جميع الرحلات الجوية من الجزائر العاصمة نحو غرداية تم تعليقها، إلى غاية السبت المقبل، فيما لم تدل شركة الطيران الجزائرية بأي تعليق حول هذا القرار.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية لم يكن لها تأثير على الميدان، بما أن المنطقة تشهد تواصلا لأحداث العنف خاصة خلال الليل، وهو ما بات يشكل إحراجا للسلطات الجزائرية، التي تعاني أصلا من انتقادات واتهامات بالعجز عن تسيير البلاد. كما أن معارضي الرئيس بوتفليقة لا يرون في هذه الأحداث أي شيء سوى "دليلا جديدا على فشل الدولة الجزائرية".