قضايا وآراء

فضيحة مسؤول مصري كبير أمام ملك إسبانيا

1300x600
يدفن البعض رأسه في الرمال إيثارا للسلامة، حين يتعامى عن حقيقة ساطعة مفادها أن ما يحدث من اضطهاد للإسلاميين والمتدينين قديما وحديثا ما هو إلا استهداف للإسلام نفسه كدين لا يُراد له أن يسود أو يتنزل على أرض الواقع كمنهاج للحياة، وحلا لمشكلات العصر، والخلاص من استبداد الأفكار الدخيلة المسمومة، والعلمانية المناهضة للأديان، وتغول الفكر الاستهلاكي المقيت الذي اخترق مجتمعاتنا العربية والإسلامية تحت وقع التغريب بهدف الانسلاخ عن هوية الأمة.

إذا كان من الطبيعي أن يتم استهداف الإسلام والكيد له من جانب الغرب المسيحي الاستعماري، فمن المُستغرب والمستهجن والعار أيضا أن يُحارب الدين في معقله وعلى يد أبنائه من المنتسبين للإسلام اسما، حيث إن سجل بعض المسؤولين العرب والمسلمين ينضح بالكثير من الإساءات لعقيدة المسلمين، ومحاولة إلصاق تهمة التطرف والعنف والإرهاب دوما لكل ما هو إسلامي بغرض التشكيك في ثوابت الشريعة، تمهيدا لاستئصاله كليا من قلوب المسلمين، تماهيا وتناغما مع توجهات الغرب، في سياق التحالف الدولي لما يسمى بالحرب على الإرهاب أو بالأحرى الإسلام.

منذ حوالي عقدين من الزمان، وفي أحد أيام شهر فبراير من عام 1997، زار الملك الإسباني " خوان كارلوس " مسجد السلطان حسن بالقلعة بالقاهرة، رافقه خلالها يوسف بطرس غالي وزير الدولة المصرية للتعاون الدولي، إضافة إلى مسؤول أثري مصري كبير، فعندما دخل الملك الإسباني المسجد، خلع حذاءه احتراما لقدسية المسجد، ونفس الشيء فعله الوزير غالي " المسيحي"، كما ارتدت الملكة صوفيا(قرينة الملك) خفا من القماش فوق حذائها.

ولكن الملك ومعه مرافقيه فوجئوا بالمسؤول الأثري الكبير" المسلم طبعا " يدخل المسجد بحذائه، فأثار استغرابه الشديد والفضول، فسأله، لماذا لم تخلع حذاءك كما فعلنا؟!، فرد عليه المسؤول الأثري باستخفاف شديد قائلا: أعرف أنني سأذهب إلى النار، فما الداعي إذن لأن أخلع الحذاء! وقد أكد مندوب من جهة سيادية كان يرافق الملك، أنه سيرفع تقريرا بهذه الواقعة الغريبة إلى المسؤولين – ولنا أن نتوقع بالطبع أنه ومنذ ذلك التاريخ ولم تتطرق الجهات المعنية للواقعة المشينة من قريب أو بعيد، ودُفنت القضية تماما وكأن شيئا لم يكن كما هي العادة في بلداننا العربية والإسلامية.

واقعة أخرى بعثت برسالة أكثر دلالة على مدى العداء الذي يُكنّه هرم النظام العربي الرسمي للإسلام ولشريعته إلا ما رحم ربك حتى لا نقع في فخ التعميم المخل، وأن الأمر ليس مصادفة، أو مجرد ظاهرة فردية تخص أصحابها، من دون تنسيق فوقي أو ضوء أخضر بعدم المحاسبة أو الملاحقة السياسية أو القضائية.

ففي حواره لصحيفة " روز اليوسف " المملوكة للشعب والمعروفة بعدائها لكل ما هو إسلامي، عزا فاروق حسني وزير ثقافة مصر في عهد حسني مبارك، وقبيل اندلاع ثورة 25 يناير بتاريخ(8 يناير 2011) إخفاق وزارته في تأدية رسالتها الثقافية، على خلفية انفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية، واتهام متطرفين" إسلاميين " بالوقوف وراء الجريمة، إلى وجود أكثر من مائة وعشرون ألف مسجد وزاوية في مصر.

فتصريح الوزير الذي اختطف ثقافة مصر وجزء من تاريخها وذاكرتها قرابة ربع القرن كشف بكل قبح عن دواخل النفس، ويحمل دلالة خطيرة بأن دور وزارة الثقافة كما يراه فاروق حسني ونظامه، إنما يكمن في العمل على مسخ هوية البلاد الإسلامية وطمسها مع الأفكار الغربية المنحرفة، وأنه لا وجود للثقافة في وجود المساجد، لأنهم يدركون تماما رمزية المسجد في الشريعة الإسلامية وفي نفوس المسلمين أيضا، الأمر الذي يفسر لنا سر الهجمة التترية الشرسة على المساجد، والتضييق على المعتكفين في شهر رمضان بعد 3 يوليه 2013، ذلك أن المسجد في الإسلام هو مصنع الرجال الحقيقيين، والمعين الذي خرجت منه الحضارة الإسلامية لتشع نورا للعالم أجمع.

ما سبق يجعلنا ندرك كيف عمد النظام المصري منذ عشرات السنين ومنذ حركة 23 يوليو وحتى الآن على استبعاد التيار الإسلامي من تولي حقيبة وزارة الثقافة، لما لهذه الوزارة من أهمية قصوى في تمرير مخططات تزييف الوعى الجمعي، وتشويه المفاهيم والثوابت، وبالتالي انسلاخ المجتمع عن هويته، وفتح المجال لحرية الانفلات الأخلاقي بلا قيد أو ضابط، لتصبح حكرا على الشيوعيين والماركسيين والعلمانيين ممن يرون ويؤمنون أن مصر علمانية بالفطرة، فارتهنوا العقل المصري طيلة عقود، وكأنه إرث ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، يستولون على أموالها التي هي أموال الشعب، ويقتسمون جوائزها ومغانمها ومزاياها المادية والأدبية، والمحصلة النهائية، أجيال تائهة مغيبة مقطوعة الصلة بدينها وربها إلا من رحم الله.

 يُراد لمصر من خلال مواخير وزارة الثقافة أن تُخاصم هويتها، وتتنكر لماضيها الإسلامي العريق، في مقابل أن تتصالح مع كل القيم الغربية، وتتشبع بالأفكار الصهيونية الإلحادية بما فيها من انحرافات أخلاقية لترسيخ ثقافة العرى والابتذال، مع إبراز واستدعاء النعرات الفرعونية والقبطية والتي لا تستهدف سوى استئصال الإسلام من قلوب المسلمين بالأساس– ولكن هيهات هيهات لما يوعدون، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.