بورتريه

بوجي وريث النخبة الإسرائيلية.. كأنه نتنياهو لكن إلى اليسار قليلا

هرتسوغ فشل أمام نتنياهو رغم توسيع تحالفاته - عربي21
وريث النخبة السياسية الإسرائيلية في حقبة ما بعد قيام "الدولة العبرية".

يحاول أن يظهر على النقيض تمامًا من بنيامين نتنياهو، بوصفه سياسيًا معتدلاً ضمن خط الوسط الإسرائيلي.

غالبًا ما يوصف الأب لثلاثة أطفال بأنه يفتقد للشعبية وبأنه ضعيف.

هو ابن الرئيس السادس لـ"إسرائيل" حاييم هرتسوغ لولايتين متتاليتين، في الفترة من 1983 وحتى 1993، وكان سفيرا في الأمم المتحدة وعمل في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي.

وهو حفيد الحاخام إسحاق هاليفي هرتسوغ (ويحمل اسمه أيضا)، أول حاخام من اليهود الغربيين (الأشكيناز) في "إسرائيل" (1948- 1959)، وعمه أبا إيبان الذي هاجر من بريطانيا إلى فلسطين وشغل منصب وزير الخارجية الإسرائيلي من 1966 وحتى 1974.

ولد إسحاق هرتسوغ  الحفيد عام 1960 في تل أبيب لأب مولود في إيرلندا، وأم ولدت في مصر عام 1928، وتعود جذور كلا الأبوين لأوروبا الشرقية من بولندا وليتوانيا وروسيا.

هاجر والده إلى "إسرائيل" قادما من إيرلندا عندما كان في الخامسة عشرة من عمره عام 1918، وتوفي في 1997. 

أما والدته أورا، فقد خدمت في صفوف منظمة "الهاغاناه" (منظمة عسكرية صهيونية استيطانية أسست في القدس عام 1920 والمسؤولة عن مجزرة دير ياسين)، وخدمت في حرب 1948 ضابطة في سلاح العلم، وأصيبت في عملية تفجيرية في بناية الوكالة اليهودية بالقدس في آذار/ مارس عام 1948.

عندما خدم هرتسوغ الأب مندوبا دائما لـ"إسرائيل" في الأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات عاش إسحاق الابن في نيويورك، وفيها تلقى تعليمه الثانوي. ولاحقا درس القانون في جامعة تل أبيب، وتخصص إسحاق هرتسوغ في مجال حقوق المعوقين والدفاع عن ضحايا الاعتداءات الجنسية أو "الناجين من المحرقة".

رغم عدم فوزه في انتخابات عام 1999 عين إسحاق هرتسوغ  في حكومة إيهود باراك وزيرا للدولة حتى عام 2001، حين خسر باراك الانتخابات أمام أرييل شارون، وقدم باراك للتحقيق في قضية فساد تتعلق بتمويل حزبه، إلا أن هرتسوغ لم يدن فيها لنقص الأدلة، ثم عين بين عامي 2000 و2003 رئيسا لهيئة مكافحة المخدرات.

فاز بمقعد في "الكنيست" الإسرائيلي بانتخابات 2003 عن "حزب العمل"، وعين وزيرا للإسكان والبناء في حكومة أرييل شارون حتى استقال هو ووزراء حزبه من الحكومة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005.

في الانتخابات الداخلية لـ"حزب العمل" قبيل انتخابات 2006 حل هرتسوغ ثانيا لقيادة الحزب، وعين وزيرا للسياحة في حكومة إيهود أولمرت، وعين لاحقا وزيرا للشؤون الاجتماعية في آذار/ مارس 2007.

عاد ليحل ثانيا في انتخابات "حزب العمل" الداخلية قبيل انتخابات 2009، وعين وزيرا للخدمة المدنية ووزيرا للشتات ومكافحة معاداة السامية، واستقال لاحقا بعد مغادرة إيهود باراك "حزب العمل" عام 2011.

في انتخابات 2011 لقيادة "حزب العمل" خسر هرتسوغ السباق ليحل ثالثا، إلا أنه نجح في انتخابات 2013 برئاسة "حزب العمل"، وبات زعيما للمعارضة السياسية.

دعا أحزاب المعارضة للتوحد في انتخابات 2015 بقائمة تحمل اسم "المعسكر الصهيوني" متحالفا مع "حزب الحركة الوسطي" بقيادة وزيرة العدل السابقة تسيبي ليفني (ليكود سابقا) لإسقاط "حزب الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو الذي ينتقد بشدة سياسته في إعاقة عملية السلام مع الفلسطينيين، وفشله في التعامل بإيجابية مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.

وقال هرتسوغ لصحيفة "هآرتس" اليسارية: "عندما ترشحت لرئاسة حزب العمل قالوا إنه لا يملك أي كاريزما ولا أي فرصة، وعندما قلت قبل عام من الآن إنني سأكون البديل لحكومة نتنياهو سخروا مني".

وأضاف: "مثلما فاجأت الجميع في السابق، سأقوم بمفاجأة الجميع الآن".

وحصل "حزب العمل" على 24 مقعدا في الانتخابات الأخيرة. وحتى لو حصل "حزب العمل" أو أي حزب آخر على أكبر عدد من مقاعد الكنيست الـ120 في الانتخابات، فإن هذا لا يكفي في الواقع لضمان حصول أي زعيم على منصب رئيس الوزراء، فنظام التمثيل النسبي الشامل المعتمد في "إسرائيل" يعطي مجالا كبيرا للأحزاب الصغيرة لترجيح كفة الميزان إلى هذا الجانب أو ذاك. 

كما أن الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين، هو من سيقرر الشخص الذي سيشكل الحكومة، على الرغم من حصول نتنياهو وحزبه على أكثر عدد من المقاعد، وهو أمر معروف في الدول ذات الأحزاب المتعددة، التي لم يحصل أي منها على غالبية المقاعد في " الكنيست" وهو الرقم 61.

وبقيادة الإعلامية السابقة شيلي يحيموفيتش، توجه تركيز "حزب العمل" على المشاكل الاجتماعية بدلا من عملية السلام مع الفلسطينيين. ولكن بعد تولي هرتسوغ قيادة الحزب، فإنه حاول إعادة الانتباه إلى السلام مع الفلسطينيين وأجرى محادثات مع محمود عباس في رام الله بعد عشرة أيام على انتخابه.

وتعهد هرتسوغ بإعادة إطلاق مفاوضات السلام المتعثرة مع الفلسطينيين، وأكد لصحيفة "هآرتس" أنه مستعد "لإزالة" المستوطنات الإسرائيلية في حال اقتضت الضرورة.

وتعهد أيضا بتطبيق اصطلاحات اقتصادية واجتماعية والعمل على إعادة العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى ما كانت عليه، بعد تدهورها مع نتنياهو.

وكان على وشك تحقيق التعادل مع نتنياهو في انتخابات "الكنيست" الأخيرة، مدعوما بمساندة معظم الجنرالات المتقاعدين في الجيش والاستخبارات، ناهيك عن استنفار معظم الصحف ووسائل الإعلام وكبار المعلقين لمساندته.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الانتخابات الإسرائيلية تحولت إلى لعبة قبيحة، وكشفت عن نوعية نتنياهو  وتخريفاته العنصرية ضد العرب.

 نتنياهو الذي توقع أن يكون فوزه سهلا، انتهى ليقاتل دفاعا عن حياته السياسية مقابل زعيم "المعسكر الصهيوني" هرتسوغ.

نتنياهو سيجد نفسه أمام اختبار  ونقاشات لتشكيل حكومة ائتلافية لمدة ستة أسابيع، كما أنه سيخضع لابتزاز الأحزاب الدينية واليمينية. 

ولا يجد كثير من الخبراء والمحللين أي فروقات جوهرية بين نتنياهو و هرتسوغ؛ فكلاهما في الجوهر يمثلان وجهين لعملة واحدة.

ويقول الكاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست أنه إذا كان بيبي (نتنياهو)، الذي يقول لا تنازلات للفلسطينيين، أو بوجي (هرتسوغ)، الذي يعتبر العالم الأمثل هو العالم الذي تتمكن "إسرائيل" فيه من الاحتفاظ بكل شيء، هو الأكثر تمثيلاً لهذا الرفض، فإن تخيل شكل الصراع في المستقبل لا يحتاج إلى عبقرية.

سيناريوهات عدة تواجه نتنياهو، دون استبعاد أن يكون تحالف حكومة الرأسين بين "الليكود" و"المعسكر الصهيوني" من بينها، وهذا الأمر سبق أن طبقه إسحاق شامير "الليكود" وشمعون بيرز "العمل".

لا خطوط فاصلة بين اليمين واليسار والوسط في "إسرائيل"؛ فثمة قواسم مشتركة ليس من بينها التسامح مع العرب.