مقابلات

خبير: لا إمكانية للسلم ولا للحرب بين المغرب والجزائر

الأستاذ الجامعي، نبش في أصول الصراع المغربي الجزائري - عربي21
حمل الخبير في العلاقات الدولية، خالد شيات، مسؤولية التوتر الدائم الذي تعرفه العلاقات المغربية الجزائرية للأنظمة الحاكمة، ولكون الكلمة في العالم العربي ما تزال للعسكر على أمل انتقالها للشعوب، ويستعرض شيات في هذه المقابلة مع "عربي21" ما يعتبره خلفيات حقيقية ومؤسسة للتوتر الدائم في بين المغرب وجارته الشرقية الجزائر.
 
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول شرق المملكة، يعتبر أن حل المشاكل المتعددة والمتراكمة بين المغرب والجزائر حلها يمر أساسا عبر الديمقراطية وعودة القرار للشعوب في المنطقة، مشددا على أن ما يحدث من "عبث" بين المغرب والجزائر يستفيد منه أساسا الديكتاتورية والتخلف.
 
شيات المسؤول بأكثر من مركز بحثي عربي ومغربي، إن حرب 63 بين الجزائر والمغرب والتي آلت للمغرب، تشكل نقطة سوداء في التاريخ الحديث للبلدين، وتلك الحرب بالنسبة للشيات هي قاعدة في التعامل الجزائري مع المغرب، معتبرتا "العداوة القائمة على إضعاف الخصم لا يمكن أن تتغير".
 
الأستاذ الجامعي، نبش في أصول الصراع المغربي الجزائري، من الحقبة الاستعمارية الفرنسية، إلى مشكل الحدود البرية، معرجا عن تطلعات الزعامة في المنطقة، إلى دعم الجزائر لحركة  الانفصال جنوب المغرب وغيرها من الخلفيات التاوية وراء النزاع بين البلدين، والذي استنتج معه شيات، أن "لا أفق لهذه العلاقة غير استمرار العداء الجزائري للمغرب ولوحدته الترابية لأنها ترى في ضعف المغرب قوة لها".
 
وفيما يلي نص الحوار:
 
ما تعليقك حول الروايتين المغربية والحزائرية لحادث إطلاق النار الذي استهدف مدنيين مغاربة أحدهم إصابته حرجة، وما أعقبه من استدعاء للسفراء؟
 
للأسف ليست رواية، فالشخص الذي أصيب من أبناء المنطقة الحدودية المغربية الجزائرية حيث تنتقل سياسيا دون أن تنتقل ثقافيا واجتماعيا؛ أي أن المجتمع يتجاوز السياسيين بكثير، في هذه المناطق التي يعيش أهلها على التهريب، لأن مسؤولي البلدين قرروا منذ أكثر من عشرين سنة إغلاق الحدود، لا يمكن أن تعرف متى تنتهي "الجزائر" ومتى يبدأ "المغرب"، لذلك فالرواية التي جاءت بها الجزائر من كونه يمارس التهريب وأنها أطلقت رصاصتين للتحذير يمكن وصفها بأنها، إضافة إلى أنها غير أخلاقية، بكونها استفزاز للمواطنين واعتداء ليس فقط على حق الحياة بل على الحق في التعامل المبني على الاحترام؛ فلنفترض أنه كان بصدد جمع لترات من بنزين الجزائر هل من المنطقي أن توجه رصاصة حية إلى وجهه وهو الأب والمعيل، ما ذنبه؟ حتى لو كان قد تفلت من الحواجز الأمنية الجزائرية ودخل المغرب فمن المفترض أن تكون هناك مساطر وتعاون وتنسيق بين البلدين وليس لغة الرصاص الحي.
 لذا دعني أقول أن هذا الهروب إلى الأمام من طرف الجزائر هو استغراق في المسارات غير العقلانية للمسؤولين هناك، وليس فقط المواطن المغربي هو الضحية فالضحية تتجاوز الجغرافيا والتاريخ، الضحية، بالإضافة إلى مئات الآلاف في تسعينيات القرن الماضي عندما التقت السياسة بالعسكر الحاكم الأزلي بالجزائر، هو الواقع المأمول المرتبط ببناء فضاء منفتح حر وديمقراطي بالمنطقة المغاربية.
 
هل هذا يعني أن الموقف المغربي بخير؟
 
السياسة المغربية بالموازاة لا تخلوا بدورها من نقائص؛ لقد سبق أن قتل في هذه الحدود العشرات. ومؤخرا تمت سرقة مغاربة قادمين من الجزائر للاحتفال بالعيد مع أهلهم من طرف ما قالوا أنهم عناصر من الجيش الجزائري، وقبل ذلك استهدف ثلاثة أشخاص السنة الماضية وأردوا قتلى، ويكاد يكون يوميا يسجل إطلاق النار اتجاه المغرب، وأحيانا اتجاه رموزه كما هو الحال بالنسبة لمركز حدودي، ماذا كان المغرب ينتظر؟ لا ندري، هل هي أعمال معزولة؟ ربما، لذا كان من المنطقي اعتبارها كذلك والسير قدما وتقديم الاعتذار للمغرب، لكن ما الذي يجعل رد الفعل الحالي أقوى؟ يعود ذلك في جزء منه لكون المسألة لم تعد تحتمل التعامل السلس والعقلاني، تكون سياسة المساكنة جيدة عندما يفهمك المخاطب لكن إذا كان أصما أو أرعنا فأنت تضيع وقتك باستعمال أدوات متحضرة.
 
 
توتر العلاقات بين المغرب والجزائر لا ينتهي إلا ليبدأ من جديد، ما الخلفيات الحقيقية لهذا الصراع في نظركم؟

التراكمات عديدة يتحمل فيها البلدان الكثير من المسؤولية، كان هناك خلل استعماري تاريخي خلق مفهوما متناقضا بين الدولة  التاريخية  والدولة العصرية، والمغرب كان يعتبر أن أجزاء منه اغتصبتها "الجزائر الفرنسية"، وبالتالي كان يسعى دوما لاستعادة  المجد الجغرافي التاريخي، والحقيقة أنه ذلك كان مرحليا ومرتبط بدرجة قوة ووهن الدولة المركزية، مع قرب خروج فرنسا من الجزائر سعى المغرب لاستعادة الأرض وقد اقترحت فرنسا إعادتها مقابل تنازلات عن مقدراته الطاقية الخاصة بالغاز والبترول، لكن المغرب سعى للتفاهم مع الحكومة المؤقتة الجزائرية التي تبنت المطالب المغربية، وبعد ذلك الأحداث معروفة، تم الانقلاب الداخلي قبل الاستقلال وتبنت الجزائر مفاهيم تناسب مصالحها وأبقت على الأراضي المفترض أنها مغربية على اعتبار أنها أراض موروثة من الاستعمار.

ارتكازا على الحق التاريخي سعى المغرب بالقوة لاستعادة أرضه ودخل في حرب مباشرة مع الجزائر، وهي نقطة سوداء في التاريخ الحديث للبلدين، وهو الأمر الذي يعتبر قاعدة للتعامل بين البلدين منذئذ؛ أي اعتبار العداوة القائمة على إضعاف الخصم قاعدة لا يمكن أن تتغير بالنسبة للجزائر، وهو ما يفسر إصرار الجزائر الكبير واللامحدود لدعم حركة الانفصال بالجنوب، وغيرها من المواقف التي تعاكس الوحدة الترابية للمغرب وتحاول وضعه في مواقف حرجة، وهي تعتمد على قدراتها الطاقية وإمكانية استبدال المواقف السياسية بالمزايا المادية المتعددة، وهو أمر يفسر كل شيء في شمال إفريقيا، دائما ما تحاول الدول موازنة مواقفها من خلال الاستفادة من التقارب من أحدهما، والمغرب لا يملك القدرات الطاقية التي للجزائر لكنه على كل حال يدبر شؤونه باحترافية أكبر؛ فهو دولة لها ذاكرة وقدرة على المناورة.

نحن لا نريد أن نتساءل، كما يفعل السياسيون، من هو على صواب ومن هو على خطأ؟ نحن نعتبر أن هذه السياسات عبث لن يؤدي إلا إلى كوارث لا يمكن تصور حجم خسائرها، إضافة للخسائر الكبيرة التي تكبدتها الشعوب المغاربية منذ مدة طويلة، ونعتبر أن الاستغراق في سياسة العداء المجاني ومفاهيم الهيمنة التي أصبحت متجاوزة هو مجرد أعمال لأشخاص يثبتون مصالحهم القائمة على انعدام الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وعلى الريع الإقطاعي الاقتصادي الذي يستفيد منه فئة قليلة من المواطنين.
 
ما أثر الرغبة في لعب دور الشرطي في المنطقة في هذا التوتر؟
 
قبل أيام قال وزير الخارجية الجزائر أن الجزائر تسعى لبناء اتحاد مغاربي وأنها ستسعى لتأكيد الريادة الجزائرية بالمنطقة، وهو عموما تصريح يختصر التصور المقزم لمفهوم الاندماج والتكامل؛ فالاندماج والتكامل لا يحتاج لرائد أو زعيم بل يحتاج لتكاثف الجهود واعتبار كل الدول والشعوب معنية به، طبعا لا تلعب الدول نفس الدور فهناك دول لها مقومات أكبر وبالتالي مسؤوليات أكبر، لكن هذا التصور لا يستمد خلله من هذه الرؤية فقط، فالاندماج يحتاج لفضاء ديمقراطي حر وشفاف وتنافسي وأيضا لبيئة قائمة على الثقة والتعاون ولدعم إقليمي أو دولي يضمنه الوضع العالمي ولشكليات أخرى، وهي كلها غير متوفرة في النموذج المغاربي، ما نتوفر عليه هو مجرد أماني من مسؤولين لا ترق إلى التفعيل، والواقع يقول أن السياسيين لا يدركون حجم الخسارات التي يتكبدونها بانغلاقهم وإغلاق الحدود مثلا ومنع التبادل والمادي والمعنوي بين هذه الشعوب، بل أكثر من ذلك، ليست هناك دراسة عملية لكن يمكن أن أقول لك إن حجم الكراهية ازدادت في الإعلام الجزائري اتجاه كل ما هو مغربي، المغرب تعطى له صورة نمطية غير حقيقية مفادها أنه بلد المخدرات والمجاعة وتقبيل يد الملك، إنه عمل دنيء جدا ويحدث مثله، بدرجة أقل في بعض المنابر الإعلامية المغربية وكل ذلك يضرب الإرث الحضاري الكبير الذي بناه آباؤنا وأجدادنا والقائم على التحاب والتكافل والتعاضد بدون اعتبار للحدود، ألم تكن أول كلمة في بيان لجنة تحرير المغرب العربي في أربعينيات القرن الماضي "يا شعوب شعب شمال إفريقيا"، بمعنى أنه كان يخاطب شعبا واحدا ولم تكن هناك دول أو حدود سياسية أو ثقافية، من الذي يستفيد من هذا العبث؟ إنهم أنصار الجمود والديكتاتورية والتخلف، وهم في كل الأحوال إلى زوال.
 
إلى أي حد تنعدم الإرادة السياسية لدى البلدين في وضع حد لهذا النزاع؟
 
بدرجات متفاوتة، كلما اقترب المنتظم السياسي من الأبعاد الديمقراطية في بنائه كلما سعى لأمرين على مستوى سياسته الخارجية؛ التعامل السلمي والاستعداد لبناء الاندماج، وهو واقع الدول المتقدمة، لقد تم تجاوز مفهوم الحدود على مستويات متعددة قبل الحرب العالمية الثانية ومنها المسألة الاقتصادية، ومنها أيضا تعميم الثقافة الغربية، والمشكل كان سياسيا ومرتبطا بالمصالح، وتشابك هذه المصالح مع المستوى الاقتصادي، لقد تم الحل بطريقة عنيفة ومكلفة تمثلت في الحرب لكن بناء منظومات ديمقراطية قائمة على الثقة والتعاون والمراقبة المتبادلة وتعزيز التنافسية الحقة، في بيئة دولية مواتية.

إذن نحن لا نريد أن نحاسب النيات، فالدول أكبر من ذلك لكننا نريد أن نمتلك آلية لقياس درجات المسؤولية عن عدم الانخراط في الاندماج والتكامل الاقتصادي، وهذه الآلية هي الديمقراطية وأدوات الديمقراطية التي تنعكس على كل المؤسسات الاجتماعية الوسيطة، والإرادة السياسية عندما ترتبط بشخص أو أشخاص أو فئة فهي لا تعبر عن هم كل الناس، والمغاربيون لديهم استعداد فطري للتكامل والتعايش السلس والسلمي بعيدا عن القوة والتنافر والعداء المجاني الذي يتبناه بعض المسؤولون بالمنطقة، وإذا أعطيت لهم الفرصة للتعبير وإقرار مصالحهم بطرقة ديمقراطية لا شك سيختارون الانفتاح والتعاون والتنافس الإيجابي ويثورون على الوضع الحالي الذي من ظواهره السلبية غلق الحدود، فلا أحد يفهم لم الجزائر تفعل ذلك، هل هي مجرد نزوة، سأخرج عن منطق التحليل الأكاديمي وأقول إنها يمكن أن تكون كذلك، إذن عن أي إرادة سياسية نتحدث؟ الإرادة  السياسية هي بناء منطقي ومعقول ومتجانس وليس مجرد عمل منفرد مرتبط بمصلحة فئة لا شعبية. 
 
هل للموضوع صلة بالنزاع القائم حول الصحراء المغربية الغربية والشرقية؟
 
هو أصل النزاع، وأنت ترى أن يد الاستعمار لا زالت موجودة لكن دعني أؤكد لك أن الذي يتحمل المسؤولية هي الأنظمة الحالية، وهي عموما تتحملها بدرجات متفاوتة، وأنا، ليس بناء على كوني مغربيا ولكن هذا ما يؤكده الواقع، أحمل الجزائر مسؤولية أكبر، هي لا تستطيع أن تبني معايير سلطوية بديلة، وظهر ترهل كبير في بنية المنظومة السياسية الجزائرية منذ فترة، لقد كانت الشرعية قائمة على مكافحة ما سمته الإرهاب أواسط التسعينيات، وهي لا تجد عدوا يستحق المجابهة والعداء إلا بصناعته وضمان استمرا التنازع معه، تتعامل مع الجوار، والمغرب جزء منه، على هذا الأساس، ويجب أن تعي أن هذه السياسة أصبحت لها آثار كارثية داخليا وإقليميا، والشيء الوحيد الذي يبقيها قائمة هو تشبث القوى العظمى ببقاء المنظومة قائمة لاعتبارات متعددة، لكن الأمر يبدو أنه على حافة سقوط من نوع ما، قد لا يصل للانهيار التام، وهو شيء لا نتمناه عموما، ولكن قد يخرج من بين الفوضى نماذج متعددة منها نموذج جامد وعسكارتاري بطريقة ضبطت العلاقات السياسة الداخلية منذ فترة طويلة، والأجمل أن تعاد السلطة للشعب ليرى ما يريد أن يفعل بمصالحه الداتية والإقليمية والدولية.
الصحارى الغربية والشرقية ستحل مشاكلها عندما نتعامل بمنطق جديد مبني على التفاهم والتفاوض، واعتبار أن المنطقة جزء من مجالات استراتيجية تتنافس عليها قوى متعددة، وقد دخلت على الخط اليوم قوى غير ممأسسة وغير دولتية، وقد زاد ذلك في حدة التقاطب لكنه يمكن أن يكون أيضا بداية الحل. 
 
ما السبب في عدم تجسيد الإرادة الشعبية في علاقات جيدة وأخوية بين الجارين والمغرب؟

لأن المصلحة التي يعبر عنها ليست هي مصالح الشعوب، المصالح الوحيدة التي تعتبر هي مصالح فئوية ضيقة وغير شاملة، والواقع يؤكد ذلك؛ عندما تخرج مؤسسة الشرطة في فرنسا للتظاهر نعتبر ذلك منطقيا وطبيعيا فهي مهيكلة في بنية احتجاجية مقبولة، لكنها عندما تكون في الجزائر فهي تعبير عن خلل عميق للتوزيع السلطوي للقيم من جهة، وعن طبيعة التقاطب السياسي الداخلي من جهة أخرى، لا يمكن أن تكون مصلحة الشعبين بعيدة عن مصلحة الحكام ومن المفترض أن يكون الحكام مجرد وسائط للتعبير عن المصالح لكنهم في كثير من النماذج المغاربية ، وليس كلها، هم في جزر مغزولة ومتباعدة عن الشعوب، إن ذلك يفسر الصراع الأبدي بين الشعب والسلطة نفسها، الشعب لا يملك السلطة ولا تعبر عنه وهو لا يعبر عنها ولا يهتم بها ولا يؤمن بمخرجاتها، إنها معادلة صعبة عندما تصبح السلطة تسلط وعندما يصعب التعبير عن المصالح فإن البدائل متعددة وكلها بدائل فوضوية وما دون دولتية؛ أي قبائلية  وعشائرية ولغوية وطائفية وإثنية وغيرها، وهو أمر يمكن أن يفسر واقع العديد من الدول العربية اليوم.
 
ما هو الأفق الذي تتوقعه لهذا الصراع هل يتطور لما هو أسوء أم سيبقى في حدود استدعاء السفراء؟
 
هذا الحدث سيتم تجاوزه قريبا وليست هناك إمكانيات متعددة أمام المسؤولين السياسيين بالبلدين؛ أمامهم فقط أن يتنازل كل منهم درجة معينة، وأحيانا لا يستدعي الأمر التنازل، لكن أنا أعتبر أن الأفق محدود جدا، ليست هناك إمكانية للسلم وليست هناك إمكانية للحرب، وهو أقبح سيناريو يمكن أن تكون فيه أي دولة، لذلك هما معا دأبا على تدبير الخلافات العابرة، رغم أن الأمر يتعلق بحياة أشخاص حقيقيين، والأفق هو استمرا العداء الجزائري للمغرب ولوحدته الترابية لأنها تعتبر ضعف المغرب قوة لها، وتعتبر أن مزيدا من الاضطرابات ستعزز سياساتها بالمنطقة، وأنها مدافعة عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، فيحين أنها تدخلت بعنف عندما اختار الجزائريون ديمقراطيا حكومتهم بداية التسعينيات في القرن الماضي، وهي لا تقبل أن يتم تقرير المصير هذا للكثير والعديد من "الشعوب" التي تحميها كدولة، عموما ليس لي مصطلح ينتمي لمنظومة العلاقات الدولية لوصف سياسة الجزائر سوى أن اقتبس من معاجم علم النفس وأقول أنه نوع من "الشيزوفرينيا"، مع خليط من وهم العظمة، والنتيجة هي أننا نعيش كشعوب مغلوبُ على أمرنا لا نحن راضون بحاضرنا ولا نحن تركنا لصناعة مستقبلنا.
والأمل في بناء ديمقراطي قابل للتعميم يمكن أن يكون بجناحين؛ أي من تونس أولا حيث هناك مسار ناجح للديمقراطية، ومن المغرب حيث الوعود متكاثفة لبناء نماذج ديمقراطية محلية ومتطورة، لذا في هذا الفضاء يظهر جليا أن هناك مشروعان متناقضان واحد حداثي وديمقراطي والآخر رجعي وجامد وغير تطوري، هل تبقى الكلمة دائما للعسكر في العالم العربي أم يجب أن تنتقل إلى الشعوب قد يكون الجواب من أرض انطلاقة انتفاضة البوعزيزي وقد يبشر ذلك بخير قادم كما قد تكون القدرة على التخلف والرجعية أكبر، وعموما يبقى للشعوب حق الاعتراض.