كشف الإعلامي
الجزائري المعارض هشام عبود النقاب عن اختفاء
أبناء قائد الجيش الجزائري السابق الراحل الجنرال قائد صالح، ولم يستبعد موت أحدهم تحت التعذيب.
وذكر عبود في تسجيل مصور أذاعه على صفحته
الخاصة على منصة يوتيوب مساء أول أمس الأربعاء، أن كبير أبناء القائد صالح، وهو هشام
تم اختطافه واقتياده إلى عنابة، حيث يقيم، وهو يعيش تحت الإقامة الجبرية، أما الثلاثة
المتبقين وهم مراد وعادل وبومدين، فهم معتقلون لدى الأجهزة الأمنية، وواحد منهم
توفي تحت التعذيب.
وتحدث عبود عن أن قائد الجيش الحالي السعيد
شنقريحة أرسل إلى أرملة القائد صالح يسأل عن أبنائها وعن أماكن وجودهم، في محاولة
للتضليل عن مصيرهم، وتوقع أن يتم إلحاقهم بقائمة المفقودين في الجزائر، وفق
تعبيره.
وفي لندن أكد الديبلوماسي الجزائري السابق
محمد العربي زيتوت في حديث مع
"عربي21"، أن كل الجنرالات الذين كانوا مع
قائد صالح، هم الآن إما في السجن أو القبر، بما في ذلك عائلته نفسها.
وقال زيتوت: "المؤكد هناك انتقام رهيب
من فترة قائد صالح ومن عائلته تحديدا.. لما توفي والدهم استقبلوهم وكرموهم.. للتضليل
وإظهار أن النظام موحد.. لكن شنقريحة كان ينتظر وفاة قائد صالح لينتقم، والمخابرات
كذلك كانت تنتظر الانتقام والثأر لصنمهم الجنرال التوفيق، الذي أدخله القائد صالح
إلى السجن".
وأضاف: "لقد تم اعتقال عشرات الجنرالات
والمدنيين بعضهم مات تحت التعذيب وبعضهم الآخر مازال في السجن، وهي رسالة سلبية
تدل على ضعف الدولة وتناحر من يحكمها".
وحول
مصير أبناء عائلة القائد صالح قال
زيتوت: "المؤكد أنهم معتقلون بيد الأجهزة الأمنية، والأنباء عن وفاة أحدهم
مازالت لم تتأكد بعد.. واعتقالهم هو جزء من الانتقام الذي يمارسه تيار شنقريحة والمخابرات الآن بحق المحسوبين على الراحل قائد صالح"، وفق تعبيره.
والفريق قايد صالح، من مواليد 13 كانون الثاني/ يناير 1940، بمحافظة "باتنة" (شرق)، وشارك مجاهدا في ثورة
التحرير (1954 ـ 1962) ضد الاستعمار الفرنسي.
وبعد استقلال البلاد في 5 تموز/ يوليو 1962،
واصل مسيرته في صفوف الجيش الوطني الشعبي، وشارك في حروب الشرق الأوسط التي من
أهمها حرب عام 1967 ضد إسرائيل.
وتدرج قايد صالح في مراتب ومناصب بالجيش،
لتتم ترقيته عام 1993 إلى رتبة لواء، ويعين عام 1994 قائدا للقوات البرية، في عز
الأزمة الأمنية أو ما يعرف بـ "العشرية السوداء".
وبعد رئاسيات نيسان/ أبريل 2004، عين الرئيس
بوتفليقة، صالح قائدا لأركان الجيش، خلفا للفريق محمد العماري، الذي أحيل على
التقاعد بعد دعمه منافس بوتفليقة في تلك الانتخابات، وهو رئيس الحكومة الأسبق علي
بن فليس.
وتمت ترقية قايد صالح إلى رتبة فريق، في 5 تموز/ يوليو 2006، وكانت مؤشرا على قربه من الرئيس بوتفليقة، وقوة علاقة الرجلين.
وظل في منصبه قائدا لأركان الجيش إلى 11 أيلول/سبتمبر 2013، ليصبح أيضا عضوا في الحكومة بصفته نائب وزير الدفاع، علما أن
وزير الدفاع هو رئيس الجمهورية منذ 1999.
ويعد قايد صالح (قبل وفاته) المسؤول
العسكري الوحيد الذي يحمل صفة مجاهد ورتبة فريق في الجيش، إضافة إلى قائد الحرس
الجمهوري (الرئاسي) الفريق علي بن علي (قليل الظهور إعلاميا).
ويوصف الفريق صالح بأنه من بين المساهمين في
تفكيك علبة المخابرات القديمة، والإطاحة بالجنرال القوي محمد مدين، المدعو توفيق،
رئيس جهاز المخابرات من 1990 إلى أيلول/ سبتمبر 2015.
وفي 13 أيلول/ سبتمبر 2015، أحال بوتفليقة، الفريق
محمد مدين، رئيس جهاز الاستخبارات إلى التقاعد، أحد أكثر جنرالات البلاد نفوذا،
وعين مكانه مستشاره للشؤون الأمنية عثمان طرطاق.
ومنذ الإطاحة بقائد المخابرات السابق، كان
صالح رقما مهما في تغييرات شملت تنظيم المخابرات (الأمن الداخلي والخارجي والأمن
الرئاسي)، وإقالات وتعيينات مست لاحقا قادة النواحي العسكرية الست في البلاد.
ومنذ بزوغ نجم صالح سنة 2013، كان هدفا
لهجمات متكررة من الإعلام الفرنسي، الذي وصفه في عديد المرات بكونه يمثل في نظام
الحكم جناحا مناهضا لفرنسا.
ودأب الفريق صالح منذ سنوات على تكرار عبارة
"الاستعمار الفرنسي الغاشم وممارساته الوحشية ضد الشعب الجزائري"، في
خطاباته وزياراته الميدانية.
وانحاز الفريق أحمد قايد صالح، إلى جانب
الشعب الجزائري، عند اندلاع المسيرات الشعبية الرافضة لاستمرار الرئيس السابق عبد
العزيز بوتفليقة، ودعا لتفعيل المادة 102 من الدستور، في شقها المتعلقة باستقالة
الرئيس.
وطيلة أزمة سياسية عمرها 10 أشهر كان صالح
يتنقل بين المناطق العسكرية في البلاد ويدلي بخطابات فاق عددها الـ50 خطابا حول
تطورات الأزمة وموقف الجيش منها، وكان، حسب معارضين، أقوى رجل في النظام الحاكم
ويعرقل التغيير الجذري فيه، فيما يقول أنصاره؛ إنه "الرجل الذي حمى وحدة
واستقرار البلاد، ووفى بعهده بقيادتها إلى غاية انتخاب رئيس جديد".
وحافظ صالح على المسار الدستوري للخروج من
الأزمة والذهاب لانتخابات رئاسية، بدلا من إطالة عمر المرحلة الانتقالية خارج
الأطر الدستورية، مثلما دعت إلى ذلك أطياف واسعة من المعارضة.
كما تعهد صالح في عدة خطابات بأنه لن يتسامح
مع سقوط قطرة دم واحدة من المتظاهرين، وكذلك المساس بسير مؤسسات الدولة خلال
الأزمة، كما نفى وجود طموح سياسي له ولقيادة الجيش في خلافة بوتفليقة.
وتوج المسار الدستوري، بانتخاب عبد المجيد
تبون، رئيسا للجمهورية في الانتخابات التي أجريت في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2019.
وفي آخر، ظهور إعلامي له، هنأ صالح
"الجيش الجزائري، على إنجاحه للانتخابات الرئاسية، واختياره عبد المجيد تبون،
الرجل المناسب والقادر على إخراج الجزائر من أزمتها".