سياسة دولية

كيف استفاد متظاهرو الولايات المتحدة من الثورات العربية؟

شكّل مقتل فلويد نقطة تحول في مسار احتجاجات السود ضد العنصرية- جيتي

شكّل مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد على يد الشرطة نقطة تحول في مسار العنصرية بالولايات المتحدة، إذ خرجت احتجاجات واسعة في عموم البلاد، دفعت البرلمان للموافقة على مشروع قانون إصلاح للشرطة.

المظاهرات التي اتسعت رقعتها في أكثر من 35 ولاية، وعشرات المدن، كانت منظمة غالبا، رغم أن سبب خروجها جاء مفاجئا (مقتل فلويد)، ودون ترتيب مسبق.

منصة "DFRLab" (مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي)، التابعة للمجلس الأطلسي تابع مسار الاحتجاجات، والتنسيق فيما بين المتظاهرين، وقال إن بصمة ثورات الربيع العربي، والجزائر، والسودان، بدت واضحة في احتجاجات أمريكا.


وأوضح الموقع أن المتظاهرين اعتمدوا بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، في الحشد، والتنسيق فيما بينهم طيلة فترة الاحتجاجات، وتم الاعتماد على ما يعرف بـ"إعادة استخدام المحتوى" بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى.


وإعادة استخدام المحتوى أو "Repurposing Content" المقصود فيه، الاعتماد على أفكار موجودة سلفا والإضافة عليها، أو تبديل محتواها، وهو متعارف عليه في الاحتجاجات، إذ تتكرر بعض الأفكار بصور وشعارات مختلفة تناسب كل دولة.

وأوضح الموقع أن العديد من المتظاهرين في الولايات المتحدة سارعوا في الأسبوع الأول من الاحتجاجات إلى الاطلاع على مظاهرات لبنان، والسودان، وتشيلي، وهونغ كونغ، وغيرها (جميعها العام الماضي)، وأخذ بعض الأفكار منها.


ونشر الموقع تغريدات لناشطين من الدول المذكورة، قدّموا بتغريدات باللغة الإنجليزية المشورة للمتظاهرين في الولايات المتحدة، من واقع تجاربهم التي سجلت نجاحا كبيرا.

واعتمد المتظاهرون على هاشتاغات "تويتر" لنشر آخر تحديثات المظاهرات من صور وفيديوهات، إذ تم إطلاق هاشتاغ لكل ولاية مثل (DCProtest#، #Minneapolisprotest)، وغيرها.

عبر التطبيقات الذكية أيضا، تمكن محتجو بعض الولايات من تفادي نقاط الشرطة التي انتشرت على نطاق واسع، وذلك باستخدام تطبيقي "waze” و "Citizen"، عبر إرسال تبليغات جماعية بوجود حواجز للشرطة، ما يدفع بقية المتظاهرين لتفادي هذا الطريق.

تمكن المتظاهرون أيضا من إنشاء موقع توضع فيه بيانات هامة لكل من يريد المشاركة في المظاهرات، أطلق عليه اسم "blacklivesmatter.carrd.co" والهدف منه تنظيم الاحتجاجات بشكل سلس.

وتوجد في الموقع أقسام، منها خانة توجهك نحو جميع الحملات التي تحتاج إلى توقيعات إلكترونية ضد العنصرية، وخانة توجه نحو أماكن التبرع لصالح الاحتجاجات.

لمنصة "CrowdTangle"، المعنية بمراقبة المحتوى الإلكتروني وإعطاء إحصائيات عنه، فإن الفترة بين 28 أيار/ مايو إلى 4 حزيران/ يونيو، دوّن فيها نحو 150 مليون منشور حول العنصرية عبر فيسبوك.

فيما نشر ناشطون في "تويتر" تعليمات حول كيفية تفادي ضرر الغاز المسيل للدموع الذي تطلقه الشرطة على المتظاهرين، وكيفية علاج الجروح المتوسطة، وغيرها.

 

اقرأ أيضا: كيف غير ترامب ووفاة فلويد آراء الناخبين البيض في أمريكا؟

احتجاجات مختلفة

صحيفة "بزنس انسايدر"، وفي مقال لأستاذة علم الاجتماع في جامعة ماريلاند، دانا فيشر، قالت إن الاحتجاجات على مقتل فلويد أعطت شكلا جديدا لاحتجاجات السود في الولايات المتحدة لم يحدث مسبقا.

 

وأضافت فيشر أن هناك ثلاثة أمور غيّرت من شكل الاحتجاجات مقارنة بما سبقها في السنوات الماضية، وهي: "القلق من الوضع المقلق بحد ذاته، إذ جاءت حادثة مقتل فلويد بعد نحو شهرين من مكوث الأمريكيين في منازلهم، وفقدان نسبة كبيرة منهم للوظائف بسبب تداعيات كورونا، ما أوصل نسبة البطالة في عموم البلاد إلى أكثر من 13 بالمئة، وهو ما يفسر الاستجابة السريعة للمظاهرات".

 

الأمر الآخر بحسب فيشر هو تنوع الحراك، فبالنظر إلى الاحتجاجات المتقطعة على سياسات الرئيس دونالد ترامب منذ وصوله إلى السلطة قبل أربع سنوات، نجد أنها نخبوية إلى حد ما، وتقتصر على فئات معينة ذات اهتمام بالسياسة، فيما توسعت الفئات المشاركة في احتجاجات مقتل فلويد، ما أعطاها زخما واستمرارية.

 

ثالث الأسباب بحسب الأكاديمية فيشر، هو ردة الفعل العنيفة من الحكومة، ما جاء بنتائج عكسية على المتظاهرين، الذين زادوا من إصرارهم على الخروج في مظاهرات يومية، والمطالبة بإيقاف انتهاكات الشرطة بحق المواطنين، لا سيما السود منهم.

 

 

 

 

تداول محتجو أمريكا طريقة ارتداء القناع الواقي من الغازات المسيلة للدموع التي انتشرت في مظاهرات هونغ كونغ