صحافة دولية

ميدل إيست آي: ما دور العقيدة الإنجيلية بقرار ترامب الأخير؟

ميدل إيست آي: كانت الجماعات الإنجيلية القوة المحركة وراء قرار ترامب- أ ف ب

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحافي علي حرب، يعلق فيه على العلاقة بين السياسة والنبوءات، وكيف قام المسيحيون الأمريكيون بالدفع تجاه القرار الأخير المتعلق بالقدس. 

ويشير حرب في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى ما قاله الأسقف السابق لمدينة القدس: "الرب ليس تاجر عقارات"، وذلك في رده على الدعم الإنجيلي لاعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس.

ويعلق الكاتب قائلا إن "موقف الجماعات الإنجيلية المؤيدة لإسرائيل متجذر في العقيدة الدينية، حيث قرر ترامب المضي بالقرار رغم تحذير الحلفاء وتهديد الأعداء، وكانت الجماعات الإنجيلية القوة المحركة وراء القرار، الذي ترك الولايات المتحدة معزولة حول العالم".

وينقل الموقع عن المتحدث باسم جماعة "ديني يصوت/ ماي فيث فوتز" جوني مور، قوله: "ليس لدي أي شك بأن الإنجيليين أدوا دورا مهما في هذا القرار".

ويقول حرب إن "التحول في مجال السياسة خطوة ليست مسبوقة، وأدت إلى شجب دولي ومحلي، حتى من الساسة والدول المؤيدة لإسرائيل، وفي الوقت الذي عارضت فيه الجماعات المسيحية حول العالم موقف ترامب، إلا أن الجماعات اليمينية الأمريكية ساعدت في جعله حقيقة، وأصدرت عدة جماعات مسيحية بيانات، وقامت بتحركات للدفع باتجاه اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويعد الجزء الشرقي من القدس محتلا بطريقة غير قانونية منذ عام 1967، وتم ضمه عام 1980، ولا يزال وضع القدس، التي تعد مقدسة لدى الأديان الإبراهيمية الثلاثة، محلا للتفاوض، ومن هنا أغضب القرار الأمريكي الأخير الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وأثار عاصفة من الاحتجاجات حول العالم".

ويبين الكاتب أن "الناشطين السياسيين الإنجيليين يتعاملون مع النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال المنظور التوراتي، وفي تفسيرهم فإن النصوص الدينية تعطي القدس لليهود، ويشيرون إلى سفر الأيام، الذي يقول فيه الرب: (لقد اخترت القدس ليبقى اسمي فيها واخترت داوود ليكون ملكا على شعبي إسرائيل)، وهناك ملمح آخر عقدي للدعم الإنجيلي لإسرائيل، وهو نابع من الفكرة الأساسية والمرتبطة بإنشاء إسرائيل دولة لليهود والحفاظ عليها من أجل تعجيل نزول السيد المسيح". 

ويورد الموقع نقلا عن المبشر الإنجيلي روبرت جيفريس، قوله لشبكة أنباء "سي أن أن"، قوله: "كانت القدس موضوعا للحب من اليهود والمسيحيين على حد سواء، وعبر التاريخ ومركز النبوءة، والأهم من هذا كله فإن الرب أعطى القدس وبقية الأرض المقدسة لليهود".

وينقل حرب الأسقف السابق للقدس رياح أبو العسل، قوله إن "فكر اختيار الرب شعبا ومنحه قطعة من الأرض هو مهين لصفات المقدس، وأضاف: "أنت تقلل من قيمة الرب العظيم، وتجعله تاجر عقارات يميز طرفا على آخر".

 

ويورد الموقع نقلا عن الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة ميتشغان في ديربورن، رون ستوكتون، قوله إن "المسيحية الصهيونية التي تقيم دعمها لإسرائيل على الإنجيل، تؤمن بأن إنشاء إسرائيل عام 1948 كان تحقيقا للنبوءة"، وأضاف: "هؤلاء الناس، ودون استثناء، مؤيدون لإسرائيل ويدعمون إسرائيل في القضايا كلها تقريبا، وهم لا يعرفون عن إسرائيل أو أي شيء له علاقة بها، ويفكرون فقط من ناحية الواجبات الدينية"، وتابع البروفيسور قائلا إن قرار ترامب أفرح اللوبي الإسرائيلي و"الثقافة الإنجيلية"، وظهر في الوقت ذاته رئيسا قويا يفي بوعوده.

 

ويلفت الكاتب إلى أنه "في محاولات الإنجيليين لتشكيل السياسة، فإنهم وجدوا حليفا غير محتمل بترامب الملياردير صاحب الكازينو، الذي لا يدفعه الدين، وحتى بعد أشرطة الفيديو، التي كشفت عن ترامب وهو يلمس أعضاء النساء الخاصة، إلا أن اليمين المسيحي وقف إلى جانب المرشح الجمهوري، حيث دعمته نسبة 80% من الإنجيليين في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وراهن المحافظون المسيحيون على المرشح الفائز، وقد ربحت مقامرتهم، فمن منع المثليين الخدمة في الجيش، إلى تعيين قضاة محافظين، فإن الرئيس يقوم بتطبيق أجندة اليمين الديني المتطرف، وأوقف موجة التراجع في الحرب الثقافية، التي بدا أن اليمين المتطرف يخسرها لصالح القيم العلمانية والليبرالية، ومن هنا فإن نقل السفارة يجسد التداعيات الدولية، وينسب الإنجيليون القرار لأنفسهم".

وينوه حرب إلى أن الأسقف ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل، وأسقف كيب تاون شجب القرار، وقال: "إن الرب يبكي بسبب قرار دونالد ترامب التحريضي والعنصري باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل"، فيما عبر البابا فرانسيس عن معارضته للتحرك، وقال إنه لن يسكت، وأضاف: "في الوقت ذاته أتمنى إرسال مناشدة من قلبي لتأكيد  احترام أي شخص ملتزم بالوضع القائم بناء على قرارات الأمم المتحدة".

ويذكر الكاتب أن المسيحيين الفلسطينيين داخل القدس دعوا ترامب لئلا يقوم بهذا التحرك، وكتب الأسقف الأرثوذكسي في القدس يوم الثلاثاء: "نحن متأكدون من أن هذه الخطوات ستخلق الكراهية والعنف والنزاع والمعاناة في القدس والأرض المقدسة، بشكل يبعدنا عن هدف الوحدة ويعمق الانقسام والدمار". 

ويفيد حرب بأن الجماعات الفلسطينية والكنائس عارضت استخدام الدين المسيحي لتبرير الاحتلال، حيث تقول مجموعة "كايروس فلسطين": "نعلن أن الاحتلال العسكري لفلسطين يعد خطيئة ضد الرب والإنسانية، وأي عقيدة تقوم بشرعنة الاحتلال والجرائم التي ارتكبت ضد المسيحية تبتعد عن التعاليم المسيحية".

 

ويورد الموقع عن الأسقف أبو العسل إجابته عندما سئل عن السبب الذي يجعل الإنجيليين يدعمون الاحتلال ولا يبالون بمعاناة الفلسطينيين، قائلا: "لأن الكثير من المسيحيين في الولايات المتحدة لا يعرفون أن هناك مسيحيين بين العرب"، وأضاف أنه واجه بنفسه سوء الفهم عندما سئل من الأمريكيين  عن اعتناقه المسيحية بعدما علموا أنه مسيحي فلسطيني.

ويذكر الكاتب أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس سيزور المنطقة في 17 كانون الأول/ ديسمبر، الذي يعد أحد الرموز المهمة في الحركة الإنجيلية المحافظة، وقال في عام 2002: "دعمي لإسرائيل نابع بشكل عام من إيماني". 

ويشير حرب إلى قول القيادة الفلسطينية إن نائب الرئيس ليس مرحبا به، وحذرت حنان عشراوي من منظمة التحرير الفلسطينية بينس ضد الحديث عن الموضوعات التوراتية، وقالت في تصريحات لـ"بي بي سي" إن الرب لم يقل أن العالم يجب ألا يعدل مع الفلسطينيين، وأضافت: "لو أراد الحديث عن السياسة والقانون والأخلاق فهذا جيد وسيجد من يستمع إليه، لكن إن أراد الحضور وإخبارنا أنه (أمر في الإنجيل) فعليه الذهاب والتبشير في الكنيسة لا الحديث عن السياسة". 

وبحسب الكاتب، فإن رئيس الكنيسة القبطية البابا تواضروس رفض مقابلة بينس في رحلته المقررة، أما القسيس في كنيسة سانت أندروز بريسبيتريان في أوستن في تكساس جيم ريغبي، فقال إن التفسير الحرفي للتعاليم الروحية يجب ألا تكون أساسا للسياسات. 

ويختم حرب مقاله بالإشارة إلى قول ريغبي: "أينما فكر الناس أن الرب منحهم هذا فإنه قاد من الناحية التاريخية إلى تداعيات غير جيدة.. بالإضافة إلى أن الدين الحكيم لا يفكر بهذه الطريقة، ولا يقول: وجدت شيئا في الكتاب القديم وأريد استخدامه لتبرير أي سؤال عن العدل والحكمة".