ملفات وتقارير

رغم "مجاملة" دول الحصار.. موقف أردني مختلف من حماس والإخوان

تأثر الأردن سلبا جراء الأزمة مع قطر وبشكل كبير على المستوى الاقتصادي- جيتي
تداولت صحف ومواقع بشكل واسع، تصريحات عن موقف أردني رافض لمطالب دول الحصار ضد قطر، لا سيما المتعلقة بحماس والإخوان، فقد كان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خير قطر بين حماس والخليج.

والموقف الأردني حول المطالب الخليجية رغم أنه غير معلن، ويجري الحديث عنه في أروقة السياسيين وصفحات النشطاء فقط، إلا أنه لم يصدر حتى الآن عن المملكة الأردنية أي قرارات أو مؤشرات وتصريحات سلبية ضد حركة حماس رغم وصفها خليجيا بـ"الإرهاب"، أو ضد جماعة الإخوان المسلمين التي تصنف على أنها "تنظيم إرهابي" لدى كثير من دول الحصار.

والأردن في ظل دوره المعروف بما يتصل في القضية الفلسطينية، لم يعقب على المطلب الخليجي هذا، ولكنه سبق أن اكتفى بخفض تمثيله الدبلوماسي مع قطر، استجابة للموقف السعودي ودول المقاطعة.

وكان ذلك حتى كشفت صحيفة "الشرق" القطرية أن رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، قال إنه لا يعتبر الأردن طرفا في الأزمة، والإجراء المتخذ كان بمثابة الحد الأدنى.

ونقلت أن الطراونة قال إن الأردن أبلغت حكومة قطر أنها لا تتبنى تصنيف دول المقاطعة الأربع بخصوص الإخوان المسلمين وحركة حماس في قائمة الإرهاب.

وتعد التصريحات هذه مثيرة للجدل في ظاهرها ومقبولة في مضمونها، إذ إنها كشفت عن عدم رضى من الأردن حول هذه المطالب، وأنها لا تريد التصعيد مع قطر أكثر من ذلك، في ظل العلاقات المتبادلة بين البلدين، رغم اختيارها الجانب المقاطع من الأزمة.

وتعليقا على هذا الأمر، أوضح البرلماني الأردني رئيس لجنة فلسطين النيابية، يحيى السعود، لـ"عربي21" أن الأردن يحترم علاقته بدول الجوار والدول العربية، ولا يعتدي على أي منها، ويبقى على مسافة واحدة من جميع الدول. 

وعن الموقف الخليجي من حماس والإخوان، قال إنه لا توجد دولة تدعم القضية الفلسطينية مثل المملكة الأردنية، وموقف الأردن من حماس لم يتغير. 

وعبر النائب الأردني عن اعتراضه على وصف حركة حماس بـ"منظمة إرهابية"، مشيرا إلى أنها حركة مقاومة مشروعة، ويجب أن تحترم وأن تدعم. 

وفي حين أن السعود عبّر عن أنه لا يمكنه الحديث نيابة عن الموقف الرسمي الأردني، إلا أنه شدد على أن الأردن لم يغير موقفه تجاه حماس والإخوان حتى الآن.

"موقف مجامل"

وحول تخفيض الأردن التمثيل الدبلوماسي مع قطر، علق النائب السعود بالقول إن "هناك نوعا من المصالح المشتركة بين الأردن والسعودية، بالتالي اتخاذنا هذا الموقف ليس مقاطعة لقطر، ولكن تخفيضا للتمثيل الدبلوماسي"، مشددا على أن الأردن لا يمارس أي نوع من الحصار على قطر.

وعلل ذلك بالقول إن "هناك مصالح مشتركة بين الأردن وقطر، ومن مصلحة الأردن أن يحافظ على العلاقة معها، ولكن ما حصل نوع من أنواع المجاملة مع السعودية برأيي، فهي حليف استراتيجي للأردن"، وفق قوله.

ولفت إلى أن خسائر الأردن كبيرة جدا من حصار قطر، مؤكدا أن الأردن يتأثر كثيرا بما يجري في المنطقة، مثل المعارك في سوريا والعراق، وأخيرا الأزمة القطرية.

وقال إنه لا يعتقد بوجود أي إجراءات أخرى من الأردن تجاه قطر مستقبلا، لأن القرار الوحيد الذي اتخذه بهذا الصدد هو تخفيض التمثيل للمحافظة على العلاقة مع قطر الدولة العربية. 

وأكد أن العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وقطر لم تنقطع تماما، خاتما حديثه بالقول: "نتمنى في الأردن أن يعم السلام في المنطقة في أقرب وقت".

وأوردت الصحيفة القطرية أنه فيما يخص قائمة التصنيف الإرهابي للدول الأربع أبلغت عمان الدوحة بأنها لا تستطيع اعتمادها رسميا.

اقرأ أيضا: هل خضعت الأردن للضغوط الخليجية تجاه قطر؟

ولتسليط الضوء أكثر على أهمية العلاقات بين الأردن وقطر، فإنه يجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين قطر والأردن يقرب من الـ400 مليون دولار سنويا، بحسب أرقام غرفة صناعة الأردن. 

ويميل الميزان التجاري إلى صالح قطر التي تستورد منها المملكة مدخلات إنتاج معدنية وكيميائية في أصولها النفطية، كما قال مدير الغرفة ماهر المحروق لـ"عربي21" في تصريحات سابقة.

اقرأ أيضا: ما هي خسائر الاقتصاد الأردني المحتملة من مقاطعة قطر؟

ويصدر الأردن إلى قطر بشكل رئيس سنويا منتجات نباتية من خضروات وفواكه بقيمة 80 مليون دولار، تليها أجهزة كهربائية بـ21 مليون دولار، ومواد كيمياوية (دهانات ومنظفات) بـ15 مليون دولار، ومنتجات حيوانية بـ10 ملايين دولار.

ويتراوح حجم صادرات الأردن من الخضار والفواكه إلى قطر قبل الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات؛ بين 500 و600 طن يوميا.

وجاء إغلاق التصدير البري إلى قطر مرورا بالسعودية، ليوجه ضربة جديدة للمزارع الأردني بشقيه النباتي والحيواني، بعد أن توقف التصدير للدول المجاورة مثل سوريا والعراق، بسبب الحروب في المنطقة.

وبحسب ما اطلعت عليه "عربي21"، فإن أرقام الملتقى الاقتصادي الأردني القطري ومجلس الأعمال المشترك، تشير إلى أن حجم الاستثمارات القطرية في الأردن عام 2016 بلغ نحو 1.6 مليار دولار في قطاعات مختلفة؛ أبرزها العقارات والسياحة.

ويبلغ عدد العمالة الأردنية في قطر نحو 40 ألف شخص، وفقا لإحصائية السفارة الأردنية في الدوحة، ما يثير مخاوف حول مستقبل هذه العمالة بعد قرار الأردن خفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وإلغاء تراخيص قناة الجزيرة، إلا أن السلطات القطرية أصدرت بيانا طمأنت فيه المقيمين من الدول المقاطعة لها بأن ذلك لن يؤثر عليهم، إلا أن حالة القلق والترقب ما زالت مستمرة بين صفوف العمالة.

وعلى الرغم من أن هناك تساؤلات تدور عن مستقبل العلاقة بين الإخوان والدولة الأردنية، إلا أن الجماعة شاركت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ووصول عدد من كوادرها إلى قبة البرلمان، بالإضافة إلى عدد من المرشحين قامت الجماعة بدعمهم في ظل تحالف عريض تحت مسمى "كتلة الإصلاح".

وسبق لجماعة الإخوان في الأردن أن أعلنت فك ارتباطها مع الجماعة الأم في مصر، في ظل ما تعانيه من أزمات عدة عصفت بها على الصعيد الداخلي والخارجي، فلا سبب لتقوم الدولة بالتصعيد ضد الجماعة، في حين أنها تشارك في العملية السياسية، ولا نقاط تماس بارزة ومعقدة بينهما.