حقوق وحريات

نص استقالة ريما خلف مديرة "الإسكوا" ردا على سحب تقريرها

ريما خلف الوزيرة الأردنية ومديرة الاسكوا المستقيلة - جيتي
ريما خلف الوزيرة الأردنية ومديرة الاسكوا المستقيلة - جيتي
تداولت وسائل إعلام نص استقالة الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة، للأمم المتحدة (إسكوا) ريما خلف من منصبها الجمعة، بعد ضغوط من الأمين العام للأمم المتحدة لسحب تقرير يتهم إسرائيل بفرض "نظام فصل عنصري" على الفلسطينيين. 

وجاء في نص الاستقالة الذي اطلعت عليه "عربي21": “حضرة الأمين العام، لقد فكرت مليا في الرسالة التي بعثتها لي من خلال مديرة ديوانك. وأؤكد أنني لم أشكك للحظة في حقك بإصدار تعليماتك بسحب التقرير من موقع الإسكوا الإلكتروني، كما لم أشكك في أن علينا جميعا كموظفين لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أن ننفذ تعليمات أمينها العام. وأنا أعرف على وجه اليقين التزامك بمبادئ حقوق الإنسان عامة، وموقفك بخاصة إزاء حقوق الشعب الفلسطيني. وأنا أتفهم كذلك القلق الذي ينتابك بسبب هذه الأيام الصعبة التي لا تترك لك خيارات كثيرة".

وأضافت: "ليس خافيا علي ما تتعرض له الأمم المتحدة، وما تتعرض له أنت شخصيا، من ضغوط وتهديدات على يد دول من ذوات السطوة والنفوذ، بسبب إصدار تقرير الإسكوا (الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبارتايد). وأنا لا أستغرب أن تلجأ هذه الدول، التي تديرها اليوم حكومات قليلة الاكتراث بالقيم الدولية وحقوق الإنسان، إلى أساليب التخويف والتهديد حين تعجز عن الدفاع عن سياساتها وممارساتها المنتهكة للقانون. وبديهي أن يهاجم المجرم من يدافعون عن قضايا ضحاياه. لكنني أجد نفسي غير قابلة للخضوع إلى هذه الضغوط".

وتابعت: "ليس بصفتي موظفة دولية، بل بصفتي إنسانا سويا فحسب، أؤمن – شأني في ذلك شأنك – بالقيم والمبادئ الإنسانية السامية التي طالما شكلت قوى الخير في التاريخ، والتي اسست عليها منظمتنا هذه، الأمم المتحدة. وأؤمن مثلك أيضا بأن التمييز ضد أي إنسان على أساس الدين أو لون البشرة أو الجنس أو العرق أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يصبح مقبولا بفعل الحسابات السياسية أو سلطان القوة. وأؤمن أن قول كلمة الحق في وجه جائر متسلط، ليس حقا للناس فحسب، بل هو واجب عليهم".

وأشارت إلى أنه: "في فترة لا تتجاوز الشهرين، وجهت لي تعليمات بسحب تقريرين أصدرتهما الإسكوا، لا لشوائب تعيب المضمون ولا بالضرورة لأنك تختلف مع هذا المضمون، بل بسبب الضغوط السياسية لدول مسؤولة عن انتهاكات صارخة لحقوق شعوب المنطقة ولحقوق الإنسان عموما. ولقد رأيت رأي العين كيف أن أهل هذه المنطقة يمرون بمرحلة من المعاناة والألم غير مسبوقة في تاريخهم الحديث، وإن طوفان الكوارث الذي يعمهم اليوم لم يكن إلا نتيجة لسيل من المظالم، تم التغاضي عنها، أو التغطية عليها، أو المساهمة المعلنة فيها من حكومات ذات هيمنة وتجبر، من المنطقة ومن خارجها. إن هذه الحكومات ذاتها هي التي تضغط عليك اليوم لتكتم صوت الحق والدعوة للعدل الماثلة في هذا التقرير. واضعة في الاعتبار كل ما سبق، لا يسعني إلا أن أؤكد إصراري على استنتاجات تقرير الإسكوا القائلة بأن إسرائيل قد أسست نظام فصل عنصري، أبارتايد، يهدف إلى تسلط جماعة عرقية على أخرى".

وأردفت: "إن الأدلة التي يقدمها التقرير قاطعة، وتكفيني هنا الإشارة إلى أن أيا ممن هاجموا التقرير لم يمسوا محتواه بكلمة واحدة. وإني أرى واجبي أن أسلط الضوء على الحقيقة لا أن أتستر عليها وأكتم الشهادة والدليل. والحقيقة المؤلمة هي أن نظام فصل عنصري، أبارتايد، ما زال قائما في القرن الحادي وعشرين، وهذا أمر لا يمكن قبوله في أي قانون، ولا أن يبرر أخلاقيا بأي شكل من الأشكال. وإنني في قولي هذا لا أدعي لنفسي أخلاقا أسمى من أخلاقك أو نظرا أثقب من نظرك، غاية الأمر أن موقفي هذا قد يكون نتيجة لعمر كامل قضيته هنا، في هذه المنطقة، شاهدة على العواقب الوخيمة لكبت الناس ومنعهم من التعبير عن مظالمهم بالوسائل السلمية".

وختمت: "عليه، وبعد إمعان النظر في الأمر، أدركت أنني أنا أيضا لا خيار لي. أنا لا أستطيع أن أسحب، مرة أخرى، تقريرا للأمم المتحدة، ممتاز البحث والتوثيقِ، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. غير أنني أدرك أيضا، أن التعليمات الواضحة للأمين العام للأمم المتحدة لا بد من أن تنفذ. ولذلك، فإن هذه العقدة لا تحل إلا بأن أتنحى جانبا وأترك لغيري أن يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به. وإنني أدرك أنه لم يبق لي في الخدمة غير أسبوعين، لذلك فاستقالتي هذه لا تهدف إلى الضغط السياسي عليك. إنما أستقيل، ببساطة، لأنني أرى أن واجبي تجاه الشعوب التي نعمل لها، وتجاه الأمم المتحدة، وتجاه نفسي، ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر. وبناء عليه، أقدم إليك استقالتي من الأمم المتحدة".
التعليقات (6)
ربيع خسن الصمادي... دمشق
الثلاثاء، 28-03-2017 06:19 ص
كانوا يسمون الشاعر البروفيسور عزالدين المناصرة عام 1995 عندما تصدى للأمم المتحدة ( مؤسسة الأونروا ) وأجبرها على ( التراجع عن قرار اغلاق كلية العلوم التربوية ( جامعة الأونروا لأبناء اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ) وماتزال مفتوحة حتى اليوم.- كانوا يسمون المناصرة : ( الرجل الذي بطح الأمم المتحدة ).
شفيع عباس شفيع... القاهرة
الإثنين، 20-03-2017 08:06 ص
بفضل النظام الأردني والبنك الدولي وصلت ريما خلف الى منصبها في الأسكوا ... وتذكرت هويتها الأصلية الفلسطينية قبل أسبوعين من نهاية خدمتها .
محمد
الأحد، 19-03-2017 10:06 ص
جازاك الله خيرا على بطولتك.
سالم حسونة - رام الله
السبت، 18-03-2017 06:10 م
بورك موقفك يا ريما خلف : - قبل 21 عاما وتحديدا في صيف 1995 فصلت الأمم المتحدة - الشاعر الشهير والبروفيسور الفلسطيني ( عزالدين المناصرة )- عميد كلية العلوم التربوية( جامعة الأونروا ). لكن المفوض العام ( ألتر توركمان ) ل للأونروا في فيينا تحت ضغط المظاهرات في شوارع عمان أجبر على التراجع . وحدثت أنذاك تسوية هي ( التراجع عن قرار الأونروا بإغلاق كلية العلوم التربوية مع فصل العميد ) بسبب احتجاجه العلني في الصحف على إغلاق الكلية. عند ذاك اشتهرت جملته الشهيرة (إذا أغلقوا بيتي بالشمع الأحمر فمن حقي أن أتظاهر وأحتج في الشارع العام)... والمفارقة التي حدثت لاحقا هي أن الكومجن وهو تركي ( ألتر توركمان ) فصل من موقعه كمفوض عام في فيينا بتهمة الفساد وسوء ادارته لأزمة كلية العلوم التربوية في الأردن .
الطالب الأمين عبد الرزاق
السبت، 18-03-2017 02:49 م
هنيئا لك يا أشرف إنسان ربما يقول البعض هاذا لا يغير شي.....بلا يغير وللأشراف ؤسلوب شرفت الإنسان وكرامت البشر