حقوق وحريات

"قانون غامض" يفضح انتهاكات الاحتلال بحق أسرى.. كيف ذلك؟

أسرى اعتقال
أسرى اعتقال
يعتقل الاحتلال الإسرائيلي عشرات الفلسطينيين بموجب "قانون غامض" وفق ما وصفته منظمات حقوقية، أشارت إلى أنه لا يضمن الحق في مراجعة قضائية حقيقية، وسلامة إجراءات التقاضي.

وقالت منظمتان حقوقيتان هما "هيومن رايتس ووتش" و"مركز الميزان لحقوق الإنسان"، إن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 18 فلسطينيا من سكان غزة بموجب قانون "المقاتلين غير الشرعيين" منذ عام 2005. 

وبحسب ما نشرته المنظمتان واطلعت عليه "عربي21"، فإن محكمة في منطقة بئر السبع أصدرت في 16كانون الأول/ ديسمبر 2016 قرارا بتمديد اعتقال منير حمادة ستة أشهر أخرى، وهو الوحيد المحتجز بموجب هذا القانون حاليا. 

وأثارت قضيته انتقادات حادة لهذا القانون، مسلطة الضوء على أن السلطات الإسرائيلية تواصل أيضا احتجاز مئات الفلسطينيين من الضفة الغربية، والقدس المحتلة ومدن أخرى بموجب شكل آخر من أشكال الاحتجاز الإداري دون تهمة.

مصطلح "مقاتل غير شرعي"

من جهته، أكد مدير مؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان، محمود حنفي، أنه ليس هناك أي مصطلح قانوني اسمه "مقاتل غير شرعي"، لأن القانون الدولي الإنساني (قانون الحرب)، يقسم السكان إلى قسمين، الأول محارب والثاني مدني، والمحارب إما يكون جزءا من جيش أو من حركة مقاومة.

وأوضح لـ"عربي21" أنه إذا كان المعتقل جزءا من جيش أو حركة مقاومة فهو يعد أسيرا، وهناك اتفاقية دولية هي اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بشؤون الأسرى تحدد حقوقه، أما غير ذلك فيكون المعقتل مدنيا، وتنطبق عليه اتفاقية جنيف الرابعة وتضمن حقوقه. 

وأكد أنه لا يوجد مصطلح "مقاتل غير شرعي" في القانون الدولي، وأن من يستخدم هذا المصطلح الولايات المتحدة الأمريكية، في تعاملها مع المعتقلين في سجن غوانتانامو.

وإسرائيل تستخدم هذا المصطلح لكي تنتزع أي حق ممكن أن يتمتع به المحجوز في سجونها الذي يعرّف قانونيا بأنه أسير، ولكن حين تطلق عليه مصطلح "مقاتل غير شرعي"، فإنها تريد ألا يتمتع بأي حق من الحقوق، سواء تلك المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بالأسرى، أو اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.

وطالب حنفي أن يتم إعطاء الوصف القانوني للفلسطينيين الموجودين في سجون الاحتلال، فإما أن يكونوا أسرى حرب فيتمتعون بالحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، أو أن يكونوا مدنيين فيتم معاملتهم على هذا الأساس، ويطلق صراحهم فورا.

وقال إن المطلوب من "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" أن يكون لها موقف من هذا الشأن، وكذلك الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربعة أن تعطي الفلسطيني الوصف القانوني الذي يستحق.

اقرأ أيضا: مركز يرصد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية

ولفت حنفي إلى أن أي نزع لهذا التوصيف "يشرعن للاحتلال أن يمارس جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين، الأمر الذي يرقى إلى جريمة حرب".

أما على المستوى العربي، فطالب حنفي أن تناقش الانتهاكات بما بتصل بالاعتقال الإداري وتعذيب الأسرى على مستوى جامعة الدول العربية، وإنشاء محكمة جنايات عربية، المشروع الذي كان قدم في عام 2001، ما يجيز لها أن توقف قادة إسرائيليين في حال زيارتهم لدول وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل مثل الأردن ومصر.

إشراف قضائي محدود


من جانبه، قال مدير مركز الميزان عصام يونس، لـ"هيومن رايتس"، إن "استمرار تطبيق المحكمة لقانون المقاتلين غير الشرعيين ضد حمادة يثبت دور القضاء في توفير الحماية القانونية لسياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تنتهك القانون الدولي". 

وأشار إلى أن هذا القانون يوفر إطارا قانونيا لجيش الاحتلال الإسرائيلي لحبس المدنيين دون تمكينهم من إجراءات الحماية المتعلقة بالمحاكمة العادلة، وهو يستند إلى مجرد الشك وليس الأدلة، مطالبا بإلغاء هذا القانون.

وكان "الكنيست" الإسرائيلي أصدر "قانون المقاتلين غير الشرعيين" عام 2002، للسماح بالاحتجاز دون اتهام لفترات طويلة لمواطنَين لبنانيين، بعد أن قررت المحكمة العليا عام 2000 أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي احتجاز المعتقلين اللبنانيين فقط كـ"ورقة مساومة" لعودة المفقودين الإسرائيليين، لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت هذا القانون منذ ذلك الحين لاعتقال الفلسطينيين من قطاع غزة لفترات قابلة للتجديد.

ويسمح القانون المعدل في 30 تموز/ يوليو 2008 لرئيس الأركان العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بسجن أي شخص بزعم أنه "مقاتل غير شرعي، وأن إطلاق سراحه سيضر بالأمن القومي". 

ما هو هذا "القانون"؟

ويعرّف القانون "المقاتل غير الشرعي" على أنه شخص "شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال عدائية ضد دولة إسرائيل، أو أنه منخرط في قوة ترتكب أعمال عدائية ضد دولة إسرائيل"، وفق نص القانون. 

ويقيد نص القانون نطاق المراجعة القضائية بشكل يتجاوز نظام الاحتجاز الإداري التقييدي الذي تفرضه الحكومة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والقانون الجنائي الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة. 

وينص قانون عام 2002 على أن المحكمة تقبل تلقائيا بما تتوصل إليه وزارة الدفاع بأن مجموعة ما تُشكل قوة "معادية" وأن الانتماء لها يجعل المحتجز "شخصا قد يضر الإفراج عنه بأمن الدولة".

اقرأ أيضا: مستشار حكومة الاحتلال يرفض تمثيلها أمام محكمة العدل.. لماذا؟

وبحسب المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن هذه الافتراضات تضع عبئا على المحتجز لإثبات أنه لا يشكل تهديدا، بدلا من وضع عبء الإثبات على عاتق سلطات الاحتلال، كما ينصّ على ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. 

وأشار حقوقيون إلى أن سريّة الأدلة تجعل من المستحيل على المحتجز الاعتراض الفعلي على هذه المزاعم. بالإضافة إلى ذلك، يقتصر نطاق جلسة مراجعة المحكمة لتمديد الاعتقال على تحديد ما إذا كان استخدام السلطات التقديرية معقولا، وهو ما تقيده افتراضات القانون بشكل أكبر.

وتحتجز قوات الاحتلال حمادة (50 عاما) وهو تاجر وأب لثمانية من مخيم الشاطئ للاجئين في غزة، منذ اعتقاله عند معبر إريز في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عندما حاول السفر إلى الضفة الغربية للعلاج الطبي. 

وقبلت محكمة بئر السبع مزاعم سلطات الاحتلال أن حمادة كان "عميلا كبيرا" وأن "له أنشطة عسكرية ضمن حركة الجهاد الإسلامي"، وأنه يمثل "تهديدا للأمن القومي". 

وسرية المعلومات المقدمة للقضاء عرقلت حقه بالحصول على حكم عادل.

وتمنع هذه المعايير المحكمة من مراجعة قرار سلطات الاحتلال بأن حمادة بمفرده يشكل تهديدا، كما يقتضيه الاحتجاز الإداري بموجب القانون الإنساني الدولي. 

ولا يعترف القانون الدولي بصفة "مقاتل غير شرعي"، ولكن يحدد الحماية للمدنيين المشاركين في القتال في "اتفاقية جنيف الرابعة" التي تنطبق على الفلسطينيين من غزة، المحتجزين بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين. 

من جهتها، ذكرت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، التي تفسر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، والاحتلال الإسرائيلي طرف فيه، أنه في الظروف المحدودة جدا التي تسمح بالاحتجاز الإداري "يقع عبء إثبات أن الفرد يشكل مثل هذا التهديد على الدول الأطراف، وأنه لا يمكن تناوله باتّخاذ تدابير بديلة، ويزداد هذا العبء مع طول الاعتقال". 

وقالت أيضا إنه كحد أدنى من الإجراءات القانونية، يجب الكشف للمعتقل عن جوهر الأدلة المستخدمة لتبرير الاعتقال.

في 2016، أثارت "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" قضية حمادة، وحثت إسرائيل على "اتخاذ التدابير اللازمة لإلغاء الحبس بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين". 

وأعربت اللجنة عن قلقها من أن الاحتجاز الإداري وقانون المقاتلين غير الشرعيين قد يحرمان "المحتجزين من الضمانات القانونية الأساسية ضمن أمور أخرى، ويمكن أيضا رهن احتجازهم دون تهمة إلى أجل غير مسمى، وذلك على أساس أدلة سرية لا تتاح للمحتجز ذكرا كان أم أنثى أو لمحاميه".

ووفقا لأرقام وثقتها منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "الضمير"، اطلعت عليها "عربي21"، فإنه حتى منتصف كانون الثاني/ يناير 2017، احتجز الاحتلال الإسرائيلي حوالي 536 فلسطينيا بموجب الاعتقال الإداري. 

وأعلن عدد من الفلسطينيين الإضراب عن الطعام احتجاجا على الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، من بينهم محمد القيق، الذي أعيد اعتقاله في 15 كانون الثاني/ يناير، وبدأ إضرابا عن الطعام في 6 شباط/ فبراير الماضي.
التعليقات (0)