ملفات وتقارير

بعد طرد تنظيم الدولة من دابق بـ"معركة صغرى".. ماذا بعد؟!

حملت المجلة الرئيسية لتنظيم الدولة باللغة الإنكليزية اسم "دابق" نظرا للأهمية التي كان التنظيم يوليها للمنطقة - أرشيفية
حملت المجلة الرئيسية لتنظيم الدولة باللغة الإنكليزية اسم "دابق" نظرا للأهمية التي كان التنظيم يوليها للمنطقة - أرشيفية
تمكنت فصائل من الجيش السوري الحر، بدعم من تركيا، من طرد تنظيم الدولة من قرية دابق شمال حلب، من خلال معركة خاطفة لم تستغرق أكثر من أربعين دقيقة، خلافا لكل التوقعات، لا سيما بالنظر إلى الأهمية التي كان يروج لها التنظيم بشأن هذه المنطقة.

وبحسب قيادات في الفصائل، فقد تمّت السيطرة على البلدة بعد انسحاب تنظيم الدولة منها دون قتال، مع اقتراب المقاتلين المدعومين من تركيا.

وفي هذا السياق يقول أنس الشيخ ويس، قائد فيلق الشام في الشمال، إن مقاتلي التنظيم "هربوا لأنّ طريق إمدادهم أصبح في خطر، وتركنا لهم بالمقابل منفذاً للهروب عبر قرية "حور النهر" تجنباً للدمار"، وفق قول الشيخ ويس لـ"عربي21".

وأوضح أن التنظيم آثر الانسحاب من دابق بعد خسارته الخطوط الدفاعية المتمثلة بالقرى المجاورة، مثل احتيملات، مضيفا: "شهدنا مقاومة شرسة في احتيملات، ولا سيما أنّ أوامر بالثبات جاءت للعناصر خلافاً لدابق".

التنظيم هيّأ مؤيديه نفسياً للهزيمة

وقد مهد التنظيم إعلامياً لهذا الانسحاب قبل يومين، عندما نشر في مجلة النبأ بياناً جاء فيه أن "عبّاد الصليب وأولياءهم حشدوا في ريف حلب الشمالي معلنين أن دابق هدفهم الأكبر، زاعمين أن تدنيسها بأقدامهم النجسة وراياتهم الرجسة سيكون انتصاراً معنوياً عظيماً على الدولة الإسلامية"، وفق المجلة.

ويأتي ذلك خلافاً لاستعدادات التنظيم العسكرية في البلدة من جهة، ولخطابات البغدادي والعدناني سابقا حول أهمية دابق في فكر التنظيم، باعتبار أنها ستشهد المعركة الفاصلة مع أعداء التنظيم.

ويقول رئيس المكتب السياسي للواء  المعتصم (المشارك في المعارك)، مصطفى سيجري، إن البغدادي "أكسب معركة دابق بعداً دينياً عقائدياً، مستغلاً جهل وقلّة علم مقاتليه"، ووفق تعبيره.

وليتخلص التنظيم من شعاراته السابقة، حاولت مجلة النبأ التابعة للتنظيم؛ التقليل من شأن المعركة، قائلة: "يظنون أن جنود الدولة الإسلامية لا يميزون بين معركة دابق، وملحمة دابق الكبرى".

وتكتيك جديد

ولم تختلف معركة دابق عن بقية المعارك بالنسبة لفصائل الجيش الحر، من حيث الإعداد المادي والمعنوي، وفق النقيب المهندس سعد الدين صومع، القيادي في فيلق الشام.

وقال صومع لـ"عربي21": "دابق بالنسبة لنا مثل أي معركة، وكنا نتوقع مقاومة شرسة، ولكن بعد ترويج التنظيم أنها ليست ملحمة دابق عرفنا أنهم سينسحبون، وتحررت دابق بـ40 دقيقة فقط".

ورغم استعداد مقاتلي الجيش الحر، والدعم التركي، فإنهم كانوا يتوجسون من المعركة بسبب بعدها الديني.

وفي هذا السياق يقول شيخ ويس: "همة الثوار كانت مرتفعة رغم توجسنا من حماقة الدواعش لكونها دابق"، مضيفا: "قمنا بالالتفاف من الخلف عبر طريقهم الذي يستخدمونه لخلوه من الألغام، وتركنا لهم بالوقت نفسه ممراً ضيّقاً للهرب".

ماذا بعد دابق؟

وبعد السيطرة على دابق، وقبلها بلدات تركمان بارح والراعي والبلدات حولهما، بات الطريق مفتوحاً نحو مدينة الباب، وهي المعقل الأكبر المتبقي للتنظيم في ريف حلب.

ويؤكد مصطفى سيجري لـ"عربي21"، أنه "نحن مستمرون في التحرير، ووجهتنا الباب، ونتوقع مقاومة شرسة من الدواعش"، فيما رجح كثيرون انسحاب التنظيم إلى مسكنة دون مقاومة كبيرة.

ويتوقع ناشطون أن تعود السخونة لجبهة الجيش الحر مع القوات الكردية، ولا سيما بعد طرد التنظيم من القرى في محيط مدينة مارع، واتصال مناطق الثوار ضمن بقعة جغرافية واحدة في ريف حلب الشمالي.

ويقول الناشط الإعلامي محمود الحسين، من ريف حلب: "أتوقع توجه الثوار لتحرير تل رفعت والشيخ عيسى في المرحلة الأولى، إلا إذا كان هناك تفاهم تركي روسي بتهدئة الجبهة". والمنطقتين المذكورتين سبق أن استولت عليها القوات الكردية من يد الجيش الحر، بغطاء جوي روسي قبل أشهر.

وقد يتجه الثوار عقب ذلك لطرد القوات الكردية من منبج. ويذكر هنا أن القوات الكردية استولت العام الماضي على عدد من القرى والمدن العربي شمال حلب مستغلة انشغال الثوار بقتال التنظيم والنظام في ريف حلب الشمال، مستثمرة الدعم الجوي الروسي.

الخشية من مفخخات انتقامية

وقد ينتقم التنظيم من الأتراك لمساهمتهم الفعالة في طرد التنظيم من دابق والريف الشمالي، عموماً عبر عملية "درع الفرات" في مراحلها المختلفة.

وعبّر الناشط الإعلامي السوري أبو جعفر المغربل؛ عن ذلك بتغريدة عبر تويتر، حيث قال: "كم عملية انتحارية ستشهد تركيا في الساعات القليلة القادمة؟".

وبالسيطرة على دابق؛ ينتهى وجود التنظيم على الشريط الحدودي لتركيا، كما ينتهى وجود التنظيم في شمال حلب، وبالتزامن تعرض مخطط القوات الكردية لوصل مناطق سيطرتها في عين العرب (كوباني) وعفرين، كما تم إبعاد خطر التنظيم والوحدات الكردية عن مدينتي اعزاز ومارع، شمال حلب، وبات الجيش الحر يسيطر على منطقة جغرافية متصلة، لتتجه الأنظار نحو الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، ومنج التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، كما يرى مراقبون ونشطاء ميدانيون.
التعليقات (0)