نشرت صحيفة "موندافريك" الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول تصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا
ساركوزي، التي أثارت موجة من الاستياء في
تونس والجزائر، مشيرة إلى الدور السلبي الذي لعبته
فرنسا في الشأن المغربي منذ قرون.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن ساركوزي يحتاج لدرس في التاريخ والجغرافيا، بعد تصريحاته اللامسؤولة حين قال إن "تموقع تونس الجغرافي سيئ، باعتبار أنها موجودة بين
ليبيا والجزائر"، متناسيا دوره في تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في بلدان المغرب العربي اليوم.
وأشارت إلى أن أول حدود ظهرت في منطقة المغرب العربي قد نتجت عن الصراع بين المسيحيين والمسلمين حول الأندلس، "حيث نجح كاثوليك الشمال في السيطرة على غرناطة في 1429، ولاحقوا مسلمي الأندلس إلى حدود السواحل المغربية، الأمر الذي اضطر سكان المنطقة لطلب العون من الأخوين خيرالدين وعرّوج بربروس، اللذين قاما بمبايعة العثمانيين الذين كانوا قد ضموا طرابلس بليبيا، وهكذا تشكلت أولى الحدود في منطقة شمال أفريقيا".
وأضافت الصحيفة أن فرنسا استغلت ضعف الدولة العثمانية، وقامت بافتكاك
الجزائر بالقوة في 1830، وواصلت تدخلها في المنطقة لتقوم باستعمار تونس في 1881. بينما اهتم البريطانيون بالجزء الشرقي من العالم العربي، وقاموا بإهداء منطقة السعودية إلى "الوهابيين المتشددين"، بما فيها من نفط وأماكن مقدسة.
واعتبرت "موندافريك" أنه على عكس الوضع في الجزائر، حيث لا يمكن لوم نيكولا ساركوزي على "المستقبل الغامض" الذي تواجهه البلاد بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة التي رسمتها الحكومات المتعاقبة؛ فإنه من المنطقي لومه على ما يحصل اليوم في ليبيا؛ من انتشار للعنف والمجموعات المتشددة، وصعود مخيف لتنظيم الدولة.
وأشارت إلى أن الرئيس الفرنسي السابق تمتع بتمويلات ضخمة من قبل الدكتاتور معمر
القذافي، خلال حملته الانتخابية في 2007، ثم تخلى عن حليفه وركب موجة ثورة 17 فبراير، وقام بالتدخل في ليبيا بشكل غير مدروس، بعد أن تعمد عدم التشاور مع النخبة السياسية الفرنسية، وساهم في نشر الفوضى في البلاد، في ظل غياب أي تصور سياسي لمرحلة ما بعد القذافي.
وذكّرت بأن رئيس وزراء إيطاليا السابق سيلفيو برلسكوني، كان قد اتهم ساركوزي بالنفاق، وأكد أنه لم يتدخل في ليبيا لنصرة
الثورة ومساندة الديمقراطية وتطلعات الشعب الليبي كما يدعي، وإنما طمعا في استغلال الثروات النفطية والغازية الهائلة، وتحقيق مصالح اقتصادية كبيرة، وقد أدى ذلك إلى انهيار الدولة الليبية، وانقسام البلاد، واندلاع حرب أهلية.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة ستجمع، في الغالب، بين نيكولا ساركوزي، الذي قام بالتدخل في ليبيا، وفرنسوا هولاند، الذي قام بالتدخل في سوريا، مضيفة أن "هذه الحملات الانتخابية التي انطلقت مبكرا؛ سيلزمها تمويلات ضخمة، ودعم من الشركات الكبرى، وهو ما ينذر بالمزيد من السياسات الخارجية الفرنسية الفاشلة والمدمرة".