كتاب عربي 21

البتوع

حاتم عزام
1300x600
1300x600
بعد فضيحة "الإعلاميين بتوعهم" والتسريبات الجديدة التي كشفت أن المخابرات الحربية لها إعلاميون تحركهم بالريموت، علمنا منهم حتى الآن: إبراهيم عيسى، وائل الإبراشي، نائلة عمارة، أحمد موسى، محمود مسلم، أسامة كمال، رولا خرسا، محمود سعد "المؤيد المحب"، و"البت" عزة و"الواد" الحسيني، بحسب ما ورد على لسان "تبّاع زعيم العصابة" ومدير مكتبه اللواء عباس كامل.
 
بعد هذه الفضيحة التي كشفت كيف تهتم العصابة -التي استولت على مقدرات الوطن بقوة السلاح والقتل والقهر- بالعمل على تغييب وعي المصريين بشكل ممنهج، مستغلة التحالف الفاسد بين تلك السلطة العسكرية ورجال الأعمال الفاسدين أصحاب القنوات الفضائية التي توظف هؤلاء الإعلاميين ليقوموا بهذا الدور. كما فهمنا من التسريب، فهم: نجيب ساويرس "فضائية أون تي في"، محمد الأمين "فضائية سي بي سي"، سيد البدوي "فضائية الحياة"، محمد أبو العينين "فضائية صدى البلد"، طارق نور "فضائية القاهرة والناس"، أحمد بهجت "فضائية دريم"، حسن راتب "فضائية المحور "، وعماد جاد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي اشترى "فضائية التحرير" مؤخراً من رجل الأعمال سليمان عامر مالك قرية السليمانية، ولا يعلم أحد كيف، وتاريخ الدكتور عماد جاد المهني والوظيفي لا يؤهله لتمويل قناة منفردا، فهو أكاديمي وموظف عام بالدولة وليس رجل أعمال أو من عائلة ثرية على سبيل المثال. لذا تتواتر الروايات داخل الأوساط الإعلامية أن تمويل قناة التحرير الآن مباشرة من الكنيسة المصرية أو إحدى مؤسساتها ورجال الأعمال الذين يستثمرون أموالها، وهي معلومة نريد من إدارة قناة التحرير توضيحها للرأي العام لأنه لو صحت هذه المعلومة المتواترة سراً بين الوسط الإعلامي فهي ظاهرة خطيرة جداً تحتاج التوقف أمامها ومناقشتها.

هؤلاء هم إذن رجال الأعمال "بتوعهم" إذ لا منطق أن تحرك المخابرات الحربية مذيعي هذه القنوات "بالريموت" دون أن تكون ضامنة لولاء "اللي مشغلهم"!! أردت أن أضع هذه الخريطة الإعلامية أمام حضراتكم ليس علي سبيل "شخصنة" الأزمة الرخيصة التي نعيشها، ولكن لنكشف البعد الأعمق لهذه التسريبات.. محرك الانقلاب الأساسي.. التحالف الآثم بين فاسدي رجال أعمال نظام مبارك والسلطة العسكرية التي تحكم مصر منذ عام 1954 وحتى الآن والتي تسيطر على أكثر من 40% من مفاصل الاقتصاد المصري. هذه هي "الخلطة" الانقلابية التي لا تريد للشعب المصري أن تكون له إرادة حرة تحكمه، لأن إرادة الشعب المصري لو أنها هي التي تحكم بحرية لضاعت "السلطة" و"الثروة" منهم.
 
هل تعلم عزيزي القارئ كم هو الراتب الأساسي للواء أو قائد أعلى في القوات المسلحة أو وزير الدفاع؟ وزير الدفاع لا يزيد مرتبه الشهري على 25- 30 ألف جنيه بعد كل المكافآت، وهذا هو مرتب الوزير الرسمي شاملاً المكافآت. هل تعلم أنه بعد إضافة بدلات حضور مجالس إدارات الشركات والمؤسسات الاقتصادية المملوكة للقوات المسلحة والنوادي والفنادق فإن مرتبات الكثيرين من قادتهم تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات في الشهر؟! هل تعلم أن المُرقى منهم وسمع وأطاع وترقى ليصبح من القيادات العليا تكون له بدلات تسمى ببدلات "الولاء" بخلاف نسبة من أرباح المؤسسات الاقتصادية التي تنفذ بالأمر المباشر مشروعات الدولة بمليارات الجنيهات، بخلاف عمولات رسمية لصفقات التسليح التي تبرمها الدولة المصرية، بالإضافة إلى المزايا العينية من أراض وفيلات بالمناطق الراقية في القاهرة الجديدة والساحل الشمالي، و..و..؟ كل هذا يصل بدخل القيادات العليا إلى أكثر من عشرة ملايين من الجنيهات في العام الواحد.. هل تعلم أنه لا رقابة على مصروفات هذه الوزارة من قبل الشعب وتدرج موازنته رقماً واحداً لا يقبل المناقشة والمحاسبة في دستور الانقلاب العسكري..؟ كل هذه المصالح تهددها دولة الديموقراطية والقانون والمحاسبة.
 
أما رجل الأعمال "بتوعهم"، فبالطبع لست في حاجة إلى شرح تفاصيل تربّح رجال أعمال نظام مبارك من أراض ومنح ومزايا واستحواذات بمئات المليارات من الجنيهات وتهرّب من الضرائب المستحقة عليهم لصالح الشعب المصري بعشرات المليارات.. كل هذه الامتيازات والتضخم الزائد والمبالغ فيه من الثروات حصلوا عليها فقط بسبب تمييزهم ورشاواهم وعمولاتهم ليحصلوا على ما لا يتاح لقطاع واسع من صغار رجال الأعمال الشرفاء وقلة نادرة من رجال أعمال كبار وشرفاء، وليضيعوا على الطبقة الأوسع من المصريين حقهم في موارد للخزانة العامة للدولة تحسن من أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية.. من رغيف الخبز، للتعليم، للصحة، للصرف الصحي لأنبوبة البوتاجاز.. كل هذه المصالح تهددها دولة الديموقراطية والقانون والمحاسبة.
 
بالطبع أن دور "الإعلاميين بتوعهم" الذين يعملون في قنوات رجال الأعمال "بتوعهم" بهدف "تلبيس الشعب العمة" -وهو المصطلح المنحط الذي جاء على لسان "تبّاع" رئيس عصابة الانقلاب ومدير مكتبه لتغييب وعي المصريين في الداخل- لا يقوم به فئة الإعلاميين فحسب. فهناك أيضاً  "المثقفون بتوعهم" و"السياسيون بتوعهم" و"الحقوقيون بتوعهم"..
 
آخر أنشطة المثقفين و الحقوقيين "بتوعهم" جاءت على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجية قبل أيام حيث صرح رسمياً بأن (وفداً "حقوقياً" وبرلمانياً مكوناً من رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، وعضو المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان منى ذو الفقار، والباحث السياسي والبرلماني السابق د. عمرو الشوبكي قد زار العاصمة الألمانية برلين خلال الفترة من 15-17 يناير 2015، حيث عقد الوفد لقاءات موسعة مع المسؤولين بالخارجية الألمانية والبرلمان الألماني ليشرحوا لهم "التطورات الإيجابية" للوضع في مصر بعد "ثورة 30 يونيو" وحتى الآن والاستعدادات الجدية "للانتخابات البرلمانية").
 
هذا البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية المصرية على لسان متحدثها الرسمي في 2015/1/20 يوضح دور السياسيين والمثقفين والحقوقيين "بتوعهم" في الترويج للاستبداد والحكم العسكري والقيام بأكبر عملية غسيل سياسي لجرائم واستبداد الحكم العسكري السلطوي.. يتحدثون عن وضعية حقوق الإنسان الممتازة في مصر وأجواء الديموقراطية "المتفشية".. طبعاً أقدر أن صفعة البرلمان الأوروبي لهم أقوى مما كانوا يتحملون، فقد أنفقوا مئات الملايين من الجنيهات من موازنة الشعب المصري منذ الانقلاب وحتى الآن لمحاولة "تبييض" جرائم الانقلاب أمام العالم، ولم تؤد إلى شيء. الحقيقة آن هذه الأسماء التي أتت في بيان وزارة الخارجية ليست أسماء موظفين في وزارة لخارجية أو الدولة أو الحكومة وليس لهم هذه الصفات الرسمية، وكأن وزارة الخارجية السلطة العسكرية تتباهى بذكر أذرعها السياسية والحقوقية التي توظفها كمساحيق تجميل رديئة لأيديها الملطخة بدماء المصريين وقتل حرياتهم.
 
هل تعلمون الآن أين تذهب الـ 40 مليار جنيه مصروفات أخرى التي أتت في آخر موازنة لسلطة الانقلاب العسكري؟ فبعد أن يصرفوا المليارات لشراء أدوات قمع وغازات خانقة وأسلحة ومقذوفات لقتل وإصابة المتظاهرين والإنفاق أيضاً على عصابات البلطجية المنظمة من "المواطنين الشرفاء" ومن أدوات تعذيب المعتقلين، ولا بأس كذلك من إنفاق بضع العشرات من ملايين الجنيهات على السياسيين والمثقفين والحقوقيين "بتوعهم" لزوم أعمال المكياج الرديء لعصابة تختطف الوطن. يكفيك أن تعلم أن هذه هي مهمة المجلس القومي لحقوق الإنسان وعشرات السياسيين والمثقفين، الذين شملت قائمتهم على سبيل المثال لا الحصر من بعد 2013/7/3: محمد فائق، جورج إسحق، ناصر أمين، حافظ أبو سعدة، منى ذو الفقار، كمال الهلباوي، عمرو الشوبكي وأحمد الفضالي المشرف الميداني على موقعة الجمل أثناء ثورة 25 يناير وغيرهم من "بتوعهم" الذين يسافرون بلاد العالم على حساب المصريين وموازنة الدولة لمحاولة تجميل وجه السلطة العسكرية دولياً وفي المحافل الدولية نافين القتل خارج نطاق القانون والقمع والاعتقال التعسفي ومصادرة الحريات المدنية والسياسية وقتل التحول المدني الديموقراطي.
 
دور السياسيين والمثقفين والحقوقيين "بتوعهم" الخارجي المهم بالأساس هو محاولة "ردم" جرائم الانقلاب وإظهاره بالمظهر الديموقراطي في المجتمع الدولي وإيهامه أن ثمة شرعية سياسية ومشروعية حقوقية وديموقراطية له، خصوصاً بعد أن صدرت تقارير دولية من منظمات حقوقية دولية وغير رسمية مشهود لها بالنزاهة مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وتعالي أصوات سياسيين ومثقفين وبرلمانيين أوروبيين وغربيين محاولين الضغط على حكوماتهم التي يرونها متواطئة مع الانقلاب، ليس آخرها قرارات البرلمان الأوروبي الأخيرة التي صدرت في 2015/1/15، والتي أدانت كل ما يتم في مصر منذ الانقلاب، وكأن كل المجهود الخارجي لهؤلاء "البتوع" قد تبخر. فتحركت سلطة الانقلاب العسكري في سرعة البرق لترسل "بتوعهم" في محاولة لتخفيف الصفعة. أما الدور الداخلي فهو تمثيلية الانتخابات و الاستفتاءات والذي منه.
 
بالطبع لا ننسى "رجال الدين بتوعهم" لزوم الدروشة و إنزال أهل العسكر و السلطان بمنزلة الأنبياء والمرسلين ويذوبون عشقاً فيهم و يتجلى فيهم المسيح.

سيسقط قادة العسكر المجرمون المستولون على السلطة لا مفر مع سقوط الانقلاب العسكري، وسيحاكمون، هذه سنن الثورات والثورات المضادة والاستبداد.. واقرأوا ما حدث في دول أمريكا اللاتينية من شيلي للبرازيل للأرجنتين والإكوادور و غيرهم.. اقرأوا تاريخ فرانكو في إسبانيا.. و غيرهم، و سيهرب وسيفر رجال الأعمال الفاسدين علي طائراتهم الخاصة يستمتعون بحساباتهم "الأوف شور" في بنوك جزر الباهاماز.. أما "البتوع" فسيظلون "بتوعا" لا قيمة لهم مهانين في كل العصور. فكما أنه لا يحترمهم أسيادهم في السلطة العسكرية.. سيلبسهم الشعب المصري ما يستحقون جزاءً على محاولاتهم إلباسه "العمة" وتسويغ وتبرير قتله وقهره وشرعنة السلطة العسكرية الفاسدة المستبدة.

الموقع الرسمي للمهندس/حاتم عزام:
www.hatemazzam.com
التعليقات (3)
د. طارق الفقي
الأربعاء، 28-01-2015 04:44 م
(وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون)- ان الله يمهل للظالم حتي اذا اخذه لم يفلته- سلمك الله يا باشمهندس
محمد الشريف
الإثنين، 26-01-2015 03:31 م
بإختصار أقول: لافض فوك مقال مفصل شامل أسمية(كشف بصير منير لفعل حقير) رائع ياهندسة
د . نوره آل حنزاب
الإثنين، 26-01-2015 03:06 م
للباطل في كل زمان و مكان جيشه و يكفيكم حقٌ عزيز تجاهدون من اجله و اسماء تسجل لكم كشرفاء انسانيه و وطن و الله مدبر مطلع على ما يجري و ما يحدث لمصر إنما هو تمحيص للحق و تنقيه لأهله ايدكم الله و نصركم فنصره آت و عسى ان يكون لكم و لنا نصيب فيه عاجلاًغير آجل