إن مبعث اهتمامي بمسألة تيران وصنافير في الحقيقة نابع من رفضي لتقسيم تلك المستعمرات التي ولدنا فيها وهو ما اراه وما يراه أي عاقل يراقب الاوضاع في المنطقة.
في الولايات المتحدة يستخدم الأمريكيون مصطلح دكتور فيلجود (Dr. Feelgood ) وتعني حرفيا الطبيب الذي يُشعرك بالتحسن، بينما معناها الحقيقي هو المخدرات التي يتعاطاها المدمنون لتجاوز خبراتهم وتجاربهم السيئة، والمعنى الحرفي والعامي لا يختلفان كثيرا.
هذا ما صارت إليه مصر بعد الانقلاب، عصابة من العسكر تبيع أراضي الشعب بالقطعة، ثم بعد أن يمارسوا خياناتهم في الغرف المغلقة، ينشرون عددا من قطعان الخبراء الاستراتيجيين إياهم، ليحدثوا المساكين عن الفائدة الاستراتيجية التي ستعود على مصر.
لا يعلم إلا الله وحده كيف مرت اللحظات الأخيرة على ركاب الطائرة المنكوبة، ربما كان من الأفضل أن نتصور أن أغلبهم كانوا يغطون في النوم، ربما حدث هذا وربما كان هذا من رحمة الله بهم حتى لا يروا مشهد المياه المظلمة وهي تقترب والطائرة تغوص بهم في المياه. ربما شعروا بلحظة الارتطام وربما استيقظ بعضهم.
علينا جميعا أن ندرك أننا قد نكون بصدد عصر استعباد جديد ينوي العسكر تدشينه في مصر، مرحلة ستبدو الستون عاما الماضية بالنسبة لها جنة، إن لم تنجح الثورة في تعطيل كل هذه المخططات وتحقيق نصر حقيقي.
أمين شرطة يطلق النار على شاب يبيع الشاي فيرديه قتيلا لخلاف على الأجرة، أمين شرطة يطلق النار على سائق توكتوك بالدرب الأحمر فيرديه قتيلا لخلاف على الأجرة، ضابط شرطة يطلق النار على فلان بسبب كذا فيرديه قتيلا .. أمين شرطة يطلق النار .. ضابط يطلق النار .. طائرة تنسف منازل في سيناء .. مدافع تضرب بيوتا في
وبينما يصطف الجميع في معسكرين لا ثالث لهما، معسكر مع مؤسسات دولة العسكر وجيوش الأنظمة العميلة، ومعسكر آخر مع الثورة، نجد في الحالة المصرية، أصواتا منبعثة من أطراف معسكر الثورة، مطلقة دعوات ظاهرها التعقل الثوري وباطنها العذاب، تدعو للحفاظ على المؤسسات!!
حدود سايكس بيكو في أيامها الأخيرة الآن على فراش الموت، وهناك من يريد تقطيع سايكس – بيكو إلى قطع صغيرة ومستعمرات أصغر، وعلى الجانب الآخر، ترغب الشعوب فيما أرى في استعادة ما قبل سايكس بيكو.
تحولت مصر على يد العصابات العسكرية إلى أنقاض وخرابات لا يمكنك مغادرتها، ولا يمكنك العيش فيها.
لا يحق لك أن تفر، ولا يحق لك أن تشتكي، ولا يحق لك أن تصرخ، أنت ممنوع من السفر، وممنوع من الكلام، وممنوع من الشكوى، وممنوع حتى من الدعاء على الظالمين.