بالفيديو | تعرف على ضريح الإمام الشافعي الذي حرص أردوغان على زيارته في مصر

  • محمد سندباد
  • الخميس، 22-02-2024
  • 10:11 ص

اتجهت الأنظار إلى ضريح "الإمام الشافعي" أحد أبرز أئمة أهل السنة والجماعة في التاريخ الإسلامي، بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الضريح على هامش زيارته الرسمية إلى مصر إيذانا بانتهاء فترة الخلاف والمقاطعة بين البلدين.

و"الإمام الشافعي"، هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي، ثالث الأئمة الأربعة بعد أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي وكان تلميذا للإمام مالك وشيخا للإمام أحمد بن حنبل، رابع الأئمة.

ويحظى أئمة أهل السنة والجماعة بتقدير الأتراك السنة بصفة عامة وعلى رأسهم الشافعي الذي ولد في مدينة غزة بفلسطين في شهر رجب عام 150 هجرية (آب/ أغسطس 767 ميلادية)، وتوفي في مصر في آخر يوم من شهر رجب عام 204 هـ الموافق 20 كانون الثاني/ يناير 820 م.

تركيا والآثار الإسلامية

وكانت تركيا قد قررت مطلع عام 2012، تنفيذ مشروع ترميم الجامع الأزهر ومسجد الإمام الشافعي وفرشهما بالسجاد وبناء عمارة للطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر الشريف وإعادة تحسين سبيل ومدرسة السلطان محمود، وفقا للسفير التركي.

ونشأ الشافعي في مكة المكرمة ودرس على يد الإمام مالك صاحب المذهب المالكي في الفقه السني، ثم استقل بمذهبه الخاص، وقدم إلى مصر عام 198 هـ / 813 م وألقى دروسه في جامع عمرو بن العاص، ونبغ على يديه العديد من المصريين، وتوفي عام 204 هـ / 819 م ودفن في تربة أولاد ابن عبد الحكم في القرافة الصغرى.

ويحتل الضريح مربعا طول ضلعه 15 م، وسماكة جدرانه 2.75 م ويرتفع إلى ما يقرب من 20 م فوق سطح الأرض، وبني النصف الأسفل من الجدران من الحجارة والباقي من الطوب، ويحتوي الجدار الجنوبي للضريح على ثلاثة محاريب.

اظهار ألبوم


تعد القبة التي تغطي الضريح قبة عظيمة ومن أجمل قباب مصر، وترتفع عن أرضية الضريح مسافة 27 م، ويوجد في زوايا مربع السقف ثلاثة صفوف من المقرنصات تشكل المنطقة الانتقالية من المربع إلى دائرة القبة. وصنعت المقرنصات من الخشب ونقشت بزخارف كتابية نسخية، وتنحصر بين المقرنصات شبابيك من الجص المفرغ المعشق بالزجاج الملون.

تتكون القبة من طبقتين: طبقة داخلية خشبية، وأخرى خارجية من الرصاص جددها السلطان قايتباي المملوكي على هذا الشكل، ويوجد بوسط الضريح التابوت الذي وضع على قبر الإمام الشافعي، وتابوت والدة الملك الكامل.

تاريخ البناء وموالاة المبنى

يقع ضريح الإمام الشافعي في شارع الإمام الشافعي في القرافة الصغرى بالقاهرة القديمة. ويعود تاريخ البناء إلى 608 هـ/ 1211 م خلال العصر الأيوبي، وتم تشييد البناء في مراحله الأولى في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي (حكم في الفترة 564 – 589 هـ / 1169 – 1193 م) قد قام ببناء التربة فقط ثم تعهد السلطان الكامل محمد بن العادل  ببناء القبة الشهيرة (حكم في الفترة 615 – 635 هـ / 1218 – 1238 م)

وفي عام 574 هـ / 1178 م، تم الانتهاء من عمل التابوت الخشبي الذي يعلو التربة، وهو مزخرف بحشوات هندسية منقوشة بإتقان، وكتب عليه آيات قرآنية وترجمة حياة الشافعي واسم صانعه (عبيد النجار) بالخطين الكوفي والنسخ الأيوبي.

وفي عام 608 هـ/ 1211 م، توفيت والدة الملك الكامل بن العادل ودفنت في تربة الشافعي بجوار قبره، ولذلك شيد الكامل قبة تغطي التربة.

اظهار أخبار متعلقة


واصل الملوك والحكام المسلمين الاهتمام بالضريح فالقبة الخشبية الحالية وكذلك المقرنصات والزخرفة الرخامية فهي من التجديدات التي قام بها عام 885 هـ / 1480 م السلطان المملوكي قايتباي (872 هـ /1468 – 901 هـ/ 1496 م).

وجدد السلطان المملوكي قانصوه الغوري (906 هـ/  1501 – 922 هـ / 1516 م) الضريح أيضا وفي العهد العثماني قام الوالي العثماني علي بك الكبير عام 1186 هـ / 1772 م، بتجديد قبة الضريح الخشبية وإضافة النقوش الزخرفية الملونة التي تكسو الجدران الداخلية والمقرنصات والقبة.

وهو ليس مجرد ضريح للشافعي فقط؛ فإن من أبرز من دفن في ضريح الإمام الشافعي من أسرة صلاح الدين الأيوبي هي زوجته الملكة "شمسة"، وابنه "العزيز عثمان"، كما أنه دفن فيه أيضاً الملك "الكامل بن العادل"، وفي الضريح أيضا مقابر أولاد "ابن عبد الحكم"، والعديد من كبار مشايخ وأئمة المذهب الشافعي.

أثر ديني وتاريخي

يقول كبير الأثريين بوزارة الآثار والسياحة، الدكتور مجدي شاكر: "على المستوى الديني، الإمام الشافعي هو ثالث الأئمة الأربعة، وكان موسوعة متنوعة فهو إمام علم الحديث والعلوم الدينية، وهو القاضى العادل، والشاعر الفصيح، والفارس الشجاع ورامي السهام الماهر، عنوان الكرم والمروءة، واتسعت رؤية الإمام بعد القدوم إلى مصر والاطلاع على فقه الإمام الليث بن سعد والشيخ الأوزاعي، ولم يرتبط الفقه لديه بمكان أو زمان وأصبح أحد منارات الفقه".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21 لايت": "تاريخيا، جامع وضريح الإمام الشافعي واحد من أهم الآثار الإسلامية منذ العهد الأيوبي وهي قليلة، ويقع في حي الأمام الشافعي، شرق القاهرة إلى الجنوب من قلعة صلاح الدين، حيث يمكن الوصول إليه من ميدان السيدة عائشة، وأنشئ المسجد تعظيما للإمام.. غير أنه لم يتبق من المسجد الآن إلا القبة الضريحية".

وأوضح كبير الأثريين أن "للمسجد ذي الواجهة الحجرية الجميلة والذي رممه الأمير عبد الرحمن كتخدا 1190هـ -1776م  وأضاف سبيلا على يساره وجدده بالكامل الخديوى توفيق عام 1891م..أما القبة فسجلت برقم 281  فى عداد الآثار الاسلامية، وهو مسجد جميل وجهاته مبنية بالحجر وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية، وله منارة رشيقة شكلت على شكل المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن والآبنوس، كان الانتهاء من عمله سنة 1310 هجرية".

اظهار أخبار متعلقة


واعتبر شاكر أن "قيمة الأثر تأتي من أهمية الإمام أحد الرموز الإسلامية، وحظي الجامع والضريح باهتمام الملوك على مر العصور من خلال التجديد والإضافة واكتسب قيمة أثرية وأصبحت ملامحه المعمارية مميزة، وللإمام الشافعي مكانة كبيرة لدى كافة المسلمين ويقصده المسلمون للزيارة والتأمل والتذكر كمكان روحاني، وليس من الغريب أن يقوم الرئيس التركي بزيارة الضريح وأن يحظى باهتمامه وبالتالي على المستوى السياحي سيصبح مصدرا دينيا للأتراك وغيرهم".

فخر الملوك

يقول مدير عام الآثار الإسلامية بالمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد رشاد، إن "الإمام الشافعي مؤسس علم أصول الفقه هو أحد أبرز الأئمة في التاريخ الإسلامي، وهو ثالث الأئمة الأربعة بعد أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس، ودفن في القاهرة وقام الناصر صلاح الدين الأيوبي ببناء التربة ولم يكن عليها مبنى.. والذي بناه لاحقا شقيقه المالك العادل الذي دفن والدته إلى جوار الشافعي".

وبالنسبة للأهمية الأثرية، يوضح لـ"عربي21 لايت": "أن القبة تعود لعصر الدولة الأيوبية في مصر وأسسها الناصر صلاح الدين الأيوبي، والضريح عليه تركيبة خشبية فريدة مطعمة بالعاج والأبنوس ويميزها من الخارج الزخارف والعشاري وهو القارب الموجود على القمة وكان يستخدم لتحديد القبلة ويرمز للإمام الشافعي الذي يبحر في بحر العلوم، والبعض قال إنه كان يستخدم لوضع الحبوب للطيور".

ورأى أن زيارة "الرئيس التركي بصحبة زوجته للضريح لها سبب وجيه وهي أنه كان هناك مشروع تركي قبل 10 سنوات لترميم ضريح الإمام الشافعي وقد توقف بسبب الأحداث السياسية اللاحقة، ما يعني أن المكان لا يزال يحظى باهتمام الرئاسة، إلى أن أتباع ومريدي الإمام يجلون ويقدرون هذا المكان دينيا أيضا باعتبار الإمام مؤسس المذهب الشافعي".

شارك
التعليقات