سياسة عربية

غضب وانقسام بين صحفيي مصر بمواجهة حبس النقيب السابق

يحيى قلاش إلى يمين الصورة- أرشيفية
بدت بوادر انقسام بين الصحفيين المصريين، في موقفهم، إزاء كيفية التعاطي مع حكم محكمة جنح مستأنف قصر النيل، السبت، في جلستها للنطق بالحكم في استئناف النقيب السابق للصحفيين يحيى قلاش، وعضو المجلس الحالي السكرتير العام السابق للنقابة جمال عبدالرحيم، والرئيس السابق للجنة الحريات خالد البلشي، بالحبس عاما لكل منهم، مع إيقاف التنفيذ ثلاث سنوات، تبدأ من اليوم.

ويأتي الحكم في تهمة "إيواء مطلوبين أمنيا" داخل مقر النقابة، هما الصحفيان عمرو بدر (الفائز أخيرا بعضوية مجلس النقابة)، ومحمود السقا، تخفيفا لحكم محكمة جنح قصر النيل بالحبس عامين مع الشغل، وكفالة عشرة آلاف جنيه، لكل منهم، في القضية التي تم تداول جلساتها عبر عشر جلسات، خلال خمسة أشهر.

وقبل صدور الحكم، وبعده، السبت، تجمع عشرات الصحفيين الغاضبين بالنقابة، للتباحث حوله.

وأعرب هؤلاء عن صدمتهم من الحكم قائلين إنه غير مسبوق في تاريخ الصحافة المصرية أو العربية أو العالمية، وسيكون له تداعيات على المستوى السياسي، فيما قلَّل فريق آخر من الحكم قائلين إنه يجوز الطعن عليه بالنقض.

واستند هؤلاء إلى أن العقوبة التي تصدر مع إيقاف التنفيذ، هي عقوبة نفسية بالأساس، خاصة أنها توضع في السجل الجنائي للمتهم، موضحين أن المحكمة يحق لها الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها مراعاة لظروف الواقعة، وأن المتهم لن يعود للجريمة مرة أخرى، فضلا عن أن السجن فيه خطورة على المتهم.

النقيب السابق يهاجم الحكم

لكن النقيب السابق هاجم الحكم قائلا إنه يمثل ورقة ضغط على الصحفيين، لأنه اعتمد على تحريات "الأمن الوطني" الذي اختصمناه في بلاغ لم يتم التحقيق فيه حتى الآن، وبالتالي فهو خصم وحكم، وفق قوله.

وأضاف أن الحكم يهدر أركان العمل النقابي من خلال علاقة الصحفي بنقابته، التي وجب عليه حمايتها، مثلما يحدث في أية نقابة أخرى، معتبرا الحكم بمثابة إرهاب وترويع لكل نقيب عليه أن يتخذ أحد قرارين، إما أن يطرد زميله من نقابته، أو يسلمه بنفسه، ويتحول وقتها إلى "نقيب ضبط وإحضار"، على حد وصفه.

وتابع قلاش، في تصريحات صحفية، أن هناك خطوات سنقوم باتخاذها لنقض الحكم على الرغم من كونه يبدو مخففا، خاصة أنه ليست هناك جريمة، ولا أركان الجريمة نفسها متوفرة.

أما  خالد البلشي، المحكوم بحبسه، فقال: إن حكم اليوم جزء من معركة قضائية، ولدينا درجة طعن أخرى أمام محكمة النقض.

وأكد في تصريحات صحفية، أنهم أمام معركة أخرى، هي معركة الحريات، واعتداء السلطة على حرية الصحافة، وهي معركة لا تزال قائمة، وفق قوله.

وتابع: "يتحمل مجلس النقابة الحالي مسؤولية الدفاع عن الزملاء، ونحن سنؤدي دورنا في تحريك معركة اقتحام النقابة، والبلاغات التي لم تتحرك، ومحاولة تركيع النقابة، وقادرون على ذلك من خلال جمعية عمومية واعية، فحرية الصحافة قضيتنا المحورية، فهي قضية مهنية بالأساس".

وأشار البلشي إلى أنه مستمر داخل النقابة من خلال موقعه داخل الجمعية العمومية، مشيرا إلى أن هناك نحو 800 حالة انتهاك ضد الصحفيين، لا بد من البت فيها، والدفاع عنهم، وحمايتهم، بحسب تعبيره.

ماذا قال النقيب الحالي وفريقه؟


في المقابل، لجأ فريق النقيب الحالي، إلى التخفيف من وطأة الحكم.

وقال عبد المحسن سلامة إنه يحترم أحكام القضاء، وإنه لا تعليق عليها، و"لكن كنا نتمنى الحكم ببراءة الزملاء".

وزعم أن التخوف الحقيقي كان في أزمة حبس الزملاء الثلاثة، لكن بزوال هذه العقوبة سيبدأون تحركاتهم بهدوء، وفق قوله.

وأكد سلامة، في الوقت نفسه، مساندة الزملاء، واتخاذ الإجراءات القانونية كافة لحصولهم على البراءة، من الطعن أمام محكمة النقض، أو خلافه.

ومن جهته قال عضو مجلس النقابة، أيمن عبد المجيد، الموالي لسلامة، إنه لا تعليق على أحكام القضاء مهما كانت، غير أنهم كأعضاء مجلس نقابة الصحفيين، سيقفون إلى جوار الزملاء وفق ما تسمح به الإجراءات الدستورية والقانونية لإنهاء الأزمة بأسلوب عقلاني، على حد تعبيره.

ماذا يحدث ميدانيا؟

إلى ذلك، شهد محيط نقابة الصحفيين، بشارع عبد الخالق ثروت، السبت، تشديدات أمنية مكثفة من قبل قوات الأمن، تحسبا لأي تجمعات غاضبة من قبل الصحفيين، أو تنظيم وقفات احتجاجية، ضد الحكم الصادر، على سلالم النقابة.

وكانت جبهة " الدفاع عن الصحفيين والحريات" وجهت دعوة للاحتشاد بالنقابة، ترقبا للحكم.

يواجهون الأزمة بانقسام حاد

ويعاني مجلس نقابة الصحفيين الحالي تحت رئاسة سلامة من الانقسام الحاد، مع بداية عمله، الأسبوع الفائت، على خلفية دعوة الأخير لأعضاء المجلس للتشاور بشأن تشكيل هيئة مكتب النقابة ولجانها النوعية.

لكنه قام بتحويل الجلسة إلى جلسة للتشكيل النهائي، انتهت بإسناد مراكزها المهمة للمتحالفين معه من أعضاء المجلس (عددهم ستة أما السابع أبو السعود محمد فيلزم الحياد)، الأمر الذي أدى إلى انسحاب بقية أعضاء المجلس، وعددهم خمسة، من الجلسة، احتجاجا.

وأصدروا بيانا بهذا الخصوص، أكدوا فيه أنهم لن يقبلوا بـ"سياسة الإقصاء وفرض الأمر الواقع، ولن يتراجعوا عن إنفاذ إرادة الجمعية العمومية التي منحتهم ثقتها"، وفق تعبيرهم.

وفي المقابل، قال سلامة، عقب إعلان التشكيل، إن المنسحبين حاولوا خلق أزمة مفتعلة، ولن نسمح بذلك.

مغازلة قلاش لم تنفع

وكان النقيب السابق، يحيى قلاش، وجه رسالة إلى نساء مصر، بالتزامن مع حلول يوم الأم، الثلاثاء الماضي، أثارت حفيظة الوسط الصحفي بمصر، الذي اعتبرها مغازلة لنظام حكم رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، كي لا يصدر الحكم بحبسه.

وقال قلاش، عبر حسابه بموقع "تويتر": "إلى كل مصرية مقاومة وصامدة وصابرة.. شهيدات ومضحيات في الثورة، وفي ابتلاء حكم الإخوان، وفي بلاء الغلاء والفساد.. كل عيد أم وأنتم بخير".

وكتب الإعلامي عبد العزيز مجاهد معلقا: "يعني أنت افتكرت حكم الإخوان، ونسيت الحكم اللي بهدلك، طب راعي أنك عندك جلسة يوم 25، ولا أنت بتقدم لهم السبت".