نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا يقول فيه إن تقريرا لمنظمة "
هيومان رايتس ووتش"، صدر اليوم الجمعة، ذكر أن سلطات الأمن
المصرية ربما قامت بتزوير عملية مداهمة للتغطية على قتل ناشطين.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن خبراء عسكريين، قولهم إن اللقطات التي بثتها وزارة الداخلية، وأظهرت قوات مصرية وهي تتقدم لمداهمة منزل، غير حقيقية؛ وذلك للتغطية على قتل ما بين أربعة إلى عشرة رجال، بحسب تقرير المنظمة، الذي قال إنه من المحتمل أن تكون قوات الأمن الداخلي المصرية، التي تقوم بحملة ضد عناصر من فصيل مقرب من
تنظيم الدولة في شبه جزيرة
سيناء، أعدمت ما بين أربعة إلى عشرة رجال خارج إطار القضاء.
ويشير الموقع إلى أن المنظمة قالت إن قوات الأمن ربما احتجزت أيضا هؤلاء الأشخاص تعسفا، وأخفتهم قسرا، ثم لفّقت المداهمة لتغطية الإعدامات، لافتا إلى أن تقرير المنظمة، الذي اعتمد على عدة مصادر، منها وثائق ومقابلات مع أقارب القتلى، بالإضافة إلى فيديو عن المداهمة المفترضة، خضع للمونتاج ونشرته السلطات، قال إن الشرطة أوقفت بعض الرجال قبل أشهر من تبادل إطلاق النيران المزعوم في أحد المنازل شمال سيناء، وإن المداهمة ملفقة.
وينقل التقرير عن نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" جو ستورك، قوله: "تُظهر هذه الإعدامات دون محاكمة أن القوى الأمنية تتمتع بحصانة تامة في شبه جزيرة سيناء في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح
السيسي، وعلى النيابة العامة أن تقوم بتحقيقات شاملة وشفافة لإظهار حقيقة ما يمكن أن يكون انتهاكا جسيما".
ويذكر الموقع أن المنظمة أشارت إلى أن من الواضح أن الإعدامات تتبع نمط انتهاك ضد المدنيين على يد الجيش وقوات الأمن الداخلي، اللذين يحاربان تنظيم الدولة، حيث أسفرت المواجهة بين الطرفين عن مقتل مئات من عناصر القوى الأمنية ومقاتلين مزعومين في تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن السلطات المصرية لا تسمح للصحافيين ولا الناشطين الحقوقيين بالدخول إلى المنطقة والتحقيق في تقارير الانتهاكات.
ويلفت التقرير إلى أن وزارة الأمن نشرت في 13 كانون الثاني/ يناير بيانا زعمت فيه أن قوات مكافحة الإرهاب في الوزارة تعقبت مجموعة من مقاتلي تنظيم الدولة المشتبه بهم حتى منزل مهجور في العريش شمال سيناء، في وقت سابق من ذلك اليوم، حيث كانت تتحضر لمداهمة المكان حين تعرضت لإطلاق النيران.
وينوه الموقع إلى أنه بحسب البيان، فإن القوات ردت على النيران وقتلت الـ 10 المشتبه بهم، الذين كانوا في المنزل، وأعلنت الوزارة عن أسماء 6 منهم، متهمة إياهم بالمشاركة في قتل عناصر من القوى الأمنية، بالإضافة إلى أحداث أخرى تبنى تنظيم الدولة بعضها، ولم تحدد هوية الأربعة الآخرين حتى الآن.
ويفيد التقرير بأنه نشر في اليوم ذاته شريط فيديو قصيرا على "يوتيوب"، من المفترض أنه يُظهر المداهمة، بعنوان "مصرع 10 من العناصر الإرهابية في تبادل لإطلاق النيران مع قوات الأمن في شمال سيناء"، حيث يظهر في الفيديو، الذي خضع للمونتاج بشكل كبير، ثمانية عناصر كوماندوز يقتربون من مبنى، في الوقت الذي يطلق فيه اثنان منهم النيران على شخص في الخارج، وستة أشخاص ميتين بملابس مدنية في غرف مختلفة من المبنى، ومحاطين بالأسلحة والدماء، وتظهر آثار الرصاص على الجدران.
ويورد الموقع نقلا عن المنظمة، قولها إنها تحدثت مع أقارب ثلاثة من القتلى، وهم أحمد رشيد ومنصور جامع ومحمد أيوب، ومع محام يمثل رشيد، ورجل رابع هو عبد العاطي عبد العاطي، الذين قالوا جميعا إن قوى الأمن اعتقلت هؤلاء الأشخاص دون مذكرات توقيف في تشرين الأول/ أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أي قبل أشهر من مداهمة كانون الثاني/ يناير المزعومة.
وبحسب التقرير، فإن "القتل أثار غضب سكان العريش واحتجاجات -نادرا ما يُسمح بحدوثها- ضد وزارة الداخلية أثناء جنازات بعضهم، والتقى كبار العائلات المحلية في 14 كانون الثاني/ يناير لتشكيل (لجنة شعبية)، وأعلنوا عددا من المطالب، من بينها الإفراج الفوري عن المحتجزين دون تهم، واستقالة نواب شمال سيناء، ومحاسبة المسؤولين عن القتل، وطالب النائب عن شمال سيناء حسام الرفاعي، بتشكيل لجنة تقصي حقائق حكومية للتحقيق في الحادثة".
وينقل الموقع عن أقارب جامع وأيوب، قولهم إن خوفهم من القوى الأمنية منعهم من تقديم شكاوى، أو المطالبة بأي إجراء قانوني، حيث قال يحيى أيوب، المحامي الذي يمثل عائلتي رشيد وعبد العاطي، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن مسؤولين في وزارة الداخلية اتصلوا ببعض أقارب القتلى، ونصحوهم بالتوقف عن ملاحقة الأمر، وإن الشرطة أوقفت في أواخر شباط/ فبراير وأوائل آذار/ مارس اثنين من أقارب رشيد، وثلاثة من أقارب عبد العاطي، بينهم ابن عمه؛ من أجل الضغط على عائلتيهما للتنازل عن القضية، منوها إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" لن تنشر أسماء الأقارب؛ حرصا منها على سلامتهم.
ويكشف التقرير عن أن المحامي وبعض الأقارب قالوا لـ"هيومن رايتس ووتش" إن كلا من وزارة الداخلية والنيابة العامة لم يفتحا تحقيقا في مقتل هؤلاء الأشخاص.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى تعليق ستورك قائلا: "بالإضافة إلى التحقيق الفوري والشامل، فإن على السلطات المصرية فتح منطقة شمال سيناء أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات الإغاثة؛ فمنذ سنوات أصبحت شمال سيناء ثقبا أسود لا أحد يعرف عنها شيئا".