سياسة عربية

هل تنجح واشنطن بحسم معركة "الرقة" دون مشاركة تركيا؟

توقعات بتدهور العلاقات التركية الأمريكية حال استبعاد الدور التركي في معركة الرقة- أرشيفية
عقّد نزول طلائع قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في الشمال السوري، من خارطة التضاريس العسكرية، مع تأكيد استبعاد واشنطن للدور التركي في المعركة المرتقبة ضد تنظيم الدولة في الرقة، واعتمادها بصورة شبه كلية على وحدات حماية الشعب الكردية الخصم اللدود لأنقرة .

وفتح نزول المارينز الفعلي على الأرض السورية تمهيدا لتحريك وشيك صوب الرقة، العديد من التساؤلات حول الأسباب الفعلية التي دفعت لهذا النزول والمآلات التي ستترتب عليها بعد استبعاد الجيش التركي صاحب الدراية والخبرة الفعلية والعملية داخل سوريا .

ويرى مراقبون أن من شأن الاصرار الأمريكي على استبعاد الأتراك عن معركة الرقة، وتفضيل الوحدات الكردية، توتير العلاقات بين واشنطن وأنقرة مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة . 

ولا يعلم حتى اللحظة ما تمخض عن اجتماعات رؤساء أركان جيوش كل من روسيا وتركيا والولايات المتحدة المجتمعين منذ يومين في مدينة انطاليا التركية، وفيما إذا كان سيتمخض عن الاجتماع توافقات عسكرية حيال المعركة المرتقبة في الرقة. 
     
وتنتشر قوات أمريكية قوامها نحو خمسمائة جندي من العمليات الخاصة، لتقديم المشورة للقوات التي تقاتل تنظيم الدولة خاصة قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا.

اقرأ أيضا : لقاء جمع رئيس أركان تركيا وروسيا وأمريكا.. ماذا ناقشوا؟


من جهته اعتبر المحلل العسكري العقيد أديب عليوي أن استبعاد الدور التركي من معركة الرقة سيلقي بظلاله على النتائج.

وعن أسباب استبعاد تركيا قال عليوي لـ"عربي21" :" تركيا تشترط إبعاد العناصر والمليشيات الكردية من معركة تحرير الرقة، الأمر الذي لا تريده أمريكا في الوقت الحالي باعتبار الأكراد حاليا  حليفا استراتيجيا لها، وبالتالي هي تضحي بالدور التركي في هذه المرحلة رغم أنه الأكثر جدارة ومعرفة على الأرض".

وأشار عليوي أن الوجود الأمريكي على الأرض يعزز القناعات من عدم قدرة الوحدات الكردية لوحدها حسم المعركة والانتصار بالمواجهة المباشرة مع تنظيم الدولة.

وتوقع  أن يؤدي استبعاد الدور التركي من معركة الرقة إلى اطالة أمدها التي توقع أن  تمتد شهورا، بالنظر إلى ما جرى في الموصل، حيث لا زالت القوات العراقية المدعومة من التحالف تواصل عملياتها دون أن تحسم المعركة حتى الآن.

أوراق اللعبة


وبرأي محللين فإن لدى انقرة العديد من اوراق القوة التي من شأنها دفع واشنطن فعادة النظر بالدور التركي بالمعركة المرتقبة، منها عدم القدرة العملية عن الاستغناء عن قاعدة انجرليك التي يستخدمها التحالف، وكذلك امكانية دخول القوات التركية المعركة من منطقة تل أبيض بعد طرد قوات سوريا الديمقراطية منها.

اقرأ أيضا : مصادر تركية: أمريكا قررت الاستعانة بالأكراد في معركة الرقة


من جهته اعتبر المحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا أن ما حصل من استبعاد الدور التركي في معركة الرقة يعد امتدادا لسياسة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ما يعني بقاء وجود مبدأ استبعاد تركيا عن الملف السوري.

تدهور العلاقات

وحول الاستعانة بالميليشيات الكردية قال ياشا لـ"عربي21": " لا يمكن مقارنة القوات التركية من حيث القوة والتجهيز بالمليشيات التي تعتمد عليها واشنطن شمال سوريا، بالكاد سيؤثر سلبا على العملية ومدة حسمها".

وحول مواصلة العمليات شمال سوريا قال المحلل السياسي: " تركيا ستواصل عملياتها قرب الحدود في شمال سوريا لأن الأزمة هناك تلقي بظلالها على الأمن القومي التركي، لذلك فوجود القوات التركية هناك محسوم ولا جدال فيه".

ولفت ياشا أن العلاقات التركية الأمريكية على المحك ومرشحة نحو مزيد من التوتر وقال: " تركيا كانت تنتظر أن تنتهي ولاية أوباما لتعطي فرصة للإدارة الجديدة من أجل مراجعة العلاقة مع تركيا باتجاه تحسينها، لكن يبدو أن شيئا من ذلك لن يحصل على الأقل في هذه المرحلة ما ينذر بتدهور أكبر للعلاقات مع واشنطن، خاصة في ظل زيادة التعاون بينها وبين والمليشيات الكردية المصنفة إرهابيا في تركيا".

بدوره قال الخبير العسكري أحمد الحمادي إن الوجود الأمريكي في سوريا ليس جديدا فقواتها منتشرة في عدة مناطق شمالي البلاد، وترفع الأعلام الأمريكية في مناطق واسعة شمال سوريا.

واستبعد الحمادي لـ"عربي21" أن تفصح القوات الأمريكية عن أماكن تواجدها لدواع أمنية، مشيرا أن القوات التي وصلت لمشارف الرقة ستكون مقدمة لوصول قوات جديدة من التحالف ضد تنظيم الدولة، في اطار اتفاق على توزيع وترتيب الوجود العسكري على الأرض.