سياسة عربية

ما دلالات تصويت القاهرة ضد فرض عقوبات أممية على دمشق؟

القاهرة صوتت ضد فرض عقوبات مشددة على النظام السوري لاستخدامه أسلحة كيماوية- أرشيفية
أثار امتناع مندوب مصر في الأمم المتحدة أمس الثلاثاء عن التصويت على مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات مشددة على النظام السوري تساؤلات حول دلالة هذا الامتناع واقتراب القاهرة خطوات أكبر من التحالف الروسي الإيراني في المنطقة على حساب السعودية .

وعلى الرغم من أن التوقعات كانت ضعيفة بنجاح مشروع القرار في ظل التوعد الروسي بإشهار الفيتو بوجهه وهو ما حصل لاحقا إلا أن القاهرة أسهمت وللمرة الثانية بتعطيل قرار ضد النظام السوري كان سيرضي الرياض وهو ما يزيد من هوة الخلاف بين الطرفين.

وكانت روسيا نفذت أمس وعدها بالوقوف في وجه مشروع قرار أممي لتشديد العقوبات على النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية ورفعت الفيتو بوجهه.

وأشارت إلى أن مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا سيلحق الضرر بمحادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة بين الفرقاء السوريين في مفاوضات "جنيف4".

وصوت تسعة أعضاء بمجلس الأمن لصالح مشروع القرار، واعترضت بوليفيا على النص في حين امتنعت إثيوبيا ومصر وقازاخستان عن التصويت. 

ويحتاج أي قرار إلى تأييد تسعة أصوات وعدم استخدام الفيتو من قبل أي دولة من الدول دائمة العضوية وهي الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح قبل التصويت على مشروع القرار بالقول إنه مشروع "غير ملائم"، على حد وصفه.

وكانت مصر صوتت بشكل متناقض في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي 2016 على مشروعين متضادين يتعلقان بحظر الطيران فوق سوريا كانت تقدمت به بريطانيا وأمريكا ودعمته السعودية.

وأثار هذا التصويت المتناقض في حينه غضب النظام السعودي الذي ندد بالتصويت المصري على مشروع القرار مرتين وقال مندوب الرياض لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي حينها "إن من المؤسف أن يكون موقف ماليزيا والسنغال في شأن عربي أقرب من مندوب العرب".

واتخذت الرياض وقتها سلسلة من الخطوات العقابية التي ضد نظام السيسي كان أبرزها وقف الإرساليات النفطية من شركة أرامكو ما تسبب في أزمة فعلية للقاهرة على مستوى قطاع المحروقات.

اقرأ أيضا: مصر تمتنع عن التصويت على عقوبات ضد نظام الأسد (فيديو)

الحقوقي والمحلل السياسي المصري عمرو عبد الهادي قال إن الموقف الأخير للقاهرة غير مستغرب وكان متوقعا بعد سلسلة المواقف التي اتخذتها لصالح الحلف الروسي الإيراني والحصول على مكتسبات منه.

وقال عبد الهادي لـ"عربي21" إن مصر موعودة ببدء ضح شحنات من النفط من العراق، والمعروف أن صاحب القرار في أغلب القرار بالعراق هي إيران.

ولفت إلى أن أبواب العلاقات فتحت مع إيران بشكل واسع بعد قرار السعودية وقف الشحنات النفطية والذي عملت إيران على استثماره لصالحها ووعدت عبد الفتاح السيسي بتعويضه من نفط العراق.

وأوضح عبد الهادي أن مصر حاولت "التملص العام الماضي من تبعات تصويتها ضد قرار حظر الطيران فوق سوريا لإرضاء السعودية، لكن هذه المرة بعودتها إلى التصويت ضد قرار الأسلحة الكيماوية أعلنت القاهرة بشكل واضح أنها تميل تجاه موسكو وطهران وتبتعد خطوات عن الرياض".

وقال إن تحسن العلاقات الإيرانية مع مصر بدأ مع مجيئ السيسي إلى الحكم وكان أهم مؤشراته الانفتاح الثقافي الذي وفره النظام المصري للإيرانيين في عدد من المساحات بمصر.

وأضاف: "لأول مرة شاهدنا فضائية دينية شيعية تبث من أحد الأضرحة المقدسة لآل بيت الرسول في القاهرة بشكل مباشر وتجري لقاءات مع المتواجدين في الضريح".

ولفت إلى "فتح المجال لبعض الطرق الصوفية التي تمتلك علاقات متجذرة مع طهران والسماح لها بإقامة عدد من الفعاليات والشعائر والمسيرات وهي تحمل رايات لها دلالات مذهبية في أمر لم يحصل أيام حسني مبارك أو محمد مرسي أو حتى الفترة المؤقتة التي حكمها طنطاوي".

وتوقع عبد الهادي أن تتدفق خلال الفترة المقبلة السلع الإيرانية إلى السوق المصرية بشكل كبير بالتزامن كذلك مع عودة السياحة الإيرانية إلى مصر.
 
وأشار إلى أن كافة الأضرحة والمقامات الدينية المتعلقة بآل البيت في مصر تقوم إيران سنويا بالإنفاق عليها بأموال كبيرة من أجل خدمتها وترميمها.

وعلى صعيد العلاقة مع السعودية وملف المصالحة معها توقع عبد الهادي أن تحافظ السعودية على حبل رفيع من العلاقة مع مصر حتى لا تخسرها تماما وتفتح جبهة جديدة هي في غنى عنها في ظل جبهات أخرى مشتعلة تشرف عليها.

وقال عبد الهادي إن السعودية ستحافظ على الحد الأدنى من العلاقة بشكل لا يكلفها أي أعباء اقتصادية إضافية بشرط أن لا يصبح ترك المجال للنظام المصري في اقترابه من الحلف الإيراني الروسي مصدر إزعاج وقلق لمصالح السعودية في المنطقة.

وشدد على أن السيسي أكثر سرورا بوجود علاقة بالحد الأدنى مع السعودية، لأن أي ارتباط ودعم من جانب الرياض يعني تكبيله وجعله أسيرا لدفع ثمن هذه العلاقة والحد من تحركاته على عكس مناورته في الاقتراب من روسيا وإيران.