مقالات مختارة

هل "يبيع" بوتين إيران والأسد لترامب؟

1300x600
المعلومات الواردة إلى بيروت من مصادر أمريكية مطلعة ووسائل إعلامية تشير إلى أن أي حوار بين رئيس روسيا بوتين والرئيس الأمريكي ترامب ووزير خارجيته تيلرسون لا يمكن أن يبدأ إلّا إذا كانت إيران البند الأول فيه. 

فترامب يريد أن يحلّ الاتفاق النووي الموقّع معها، وهو على استعداد مع نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لمواجهتها حتى عسكريا إذا استأنفت أبحاثها للمباشرة في صنع أسلحة نووية. 

والسؤال الذي يطرح في واشنطن الآن هو: كيف سيتصرف بوتين إذا وجد نفسه في الحال الموصوفة أعلاه؟ علما أن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن إيران قد لا تكون في وارد القيام بذلك الآن. وتشير المعلومات نفسها أيضا إلى أن ترامب يريد أن يواجه السياسة العدوانية لإيران في المنطقة وأن يحاربها. فهل يتجاوب معه بوتين في حال توصلا إلى اتفاق ثابت حول الشرق الأوسط؟ هل يوافق على "بيع" الرئيس بشار الأسد والإيرانيين إذا رفعت أمريكا عقوباتها على بلاده لاحتلالها شبه جزيرة القرم والتدخّل المباشر في شرق أوكرانيا؟ طبعا لا أجوبة عن هذه الأسئلة.

وتشير المعلومات إياها ثالثا إلى أن التسريبات "الاستخبارية" الأمريكية الجديدة، تفيد أن المعلومات التي نتجت عن القرصنة الإلكترونية الروسية لمجلس الحزب الديموقراطي وصلت إلى ترامب، واستعملها في الأيام العشرة الأخيرة من الحملة الانتخابية ضد المرشحين الديموقراطيين لمجلسَيْ الكونغرس. 

وتفيد أيضا أن مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب سرّب يوم كان في المخابرات العسكرية معلومات مصنّفة سرية وغير مسموح نشرها لحلفاء في أفغانستان. لكنه لم يُعاقب بـ"التأنيب"، وعلى العكس من ذلك رُقّي إلى رتبة جنرال بثلاثة نجوم. وتبيّن أن ذلك كان نتيجة جهد أحد أجهزة الاستخبارات الأمريكية، والهدف كان التخلّص منه نظرا إلى عدم ثقته به وغياب الثقة بينه وبين زملاء له من الجنرالات.

وتشير المعلومات نفسها رابعا إلى أن "لَيْ الأذرع" مستمرّ بين المجتمع الأمني الاستخباري الأمريكي ("الأشباح") وترامب ومن سمّاه وزيرا للخارجية. وقد بلغ نقطة بات معها ترامب غير قادر على تلافي آثار القرصنة الإلكترونية الروسية ومضاعفاتها. ففي الـ48 ساعة الماضية نشر المجتمع المذكور أو زوّد وسائل إعلام معلومات مؤذية جدا، جعلت الأمريكيين يعرفون أن بوتين كان يدير بنفسه عمليات القرصنة أو يشرف عليها، وأنه كان يريد الانتقام من المرشحة الرئاسية الديموقراطية هيلاري كلينتون لانتقادها علانية الانتخابات الروسية (الرئاسية) قبل نحو أربعة أعوام، كما جعلتهم يعرفون أيضا أن بوتين كان يخشى كلينتون "الحقودة" والميّالة إلى الانتقام. ولذلك كان يُعِدّ لصراع كبير معها في حال فوزها بالرئاسة، لاقتناعه في حينه بأنّه محتمل. أما الآن فهو مسرور جدا بالنتائج وخصوصا بتسمية صديقه ريكس تيلرسون قُطب شركة إكسون – موبيل النفطية وزيرا للخارجية. وذلك يرقى في رأي البعض داخل الكونغرس ومنهم السيناتور جون ماكين إلى مرتبة "عمل حربي".


ما هو الهدف من التسريبات الاستخبارية، ونشر المعلومات التي تم "التثبّت" منها؟ تفيد معلومات الجهات الأمريكية الواسعة الاطلاع نفسها أنه نزع الشرعية عن انتخاب ترامب رئيسا. علما أن ذلك لن يحول دون تسلّمه سلطاته الدستورية في الـ20 من الشهر المقبل بعد إدائه القسم في حفل رسمي. وهو أيضا منع بوتين وترامب من تأسيس نظام دولي جديد أو عالمي جديد. فضلا عن أن على الرئيس الجديد أن يوضح الكثير من الأمور المتعلقة بالـ"هولدنغ" العقاري الذي يمتلكه، وبالضرائب التي رفض نشرها في أثناء الحملة الانتخابية، وبتدخل أولاده في مسائل سياسية رغم إدارتهم أعماله. هذا إذا كان يستطيع أن يتجرّد فعلا من أعماله أو أن يبتعد عن التدخل فيها. 

وتتوقع الجهات نفسها مزيدا من "الأخبار" المؤذية في الأسابيع المقبلة، ويبدو استنادا إلى ذلك كله أن "الأشباح" "يفلّون البرغوت" كما يُقال في لبنان. كما تتوقع انتشار الغيوم الداكنة فوقه بعد إدائه القسم ومباشرته الممارسة الرئاسية. أما ريكس تيلرسون، كما تفيد معلوماتها، فمحترم من كثيرين في أمريكا، لكنه "متّهم" بعقد صفقة كبيرة جدا مع شركة نفط روسية ذات سمعة سيئة داخل بلادها وخارجها. ويُخشى أن يحاول من خلال موقعه الوزاري التأثير على الغالبية الجمهورية في الكونغرس؛ لرفع العقوبات التي فرضها على روسيا من أجل استئناف تنفيذ الصفقة التي أصابتها العقوبات بالتجميد.

ملاحظة: جون كيلي هو الوزير المعيّن للأمن الداخلي في أمريكا وليس جون ألِن. والكلام في "الموقف" أمس للأخير. أعتذر.