صحافة دولية

لوموند: حزب الله يعمل آلة حرب بين سوريا ولبنان

حزب الله يمتلك أسلحة نوعية تتكون من أسطول دبابات ومضادات طيران- أرشيفية
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تدخل حزب الله الشيعي في الحرب السورية منذ سنة 2013 ووقوفه في صف بشار الأسد. ولا يعتبر حزب الله حزبا مسلحا وقويا في لبنان فقط بل تجاوز تأثيره ليكون قوة عسكرية لا يستهان بها داخل منطقة الشرق الأوسط.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حزب الله يمتلك أسلحة نوعية تتكون من أسطول دبابات، ومدافع رشاشة مضادة للطائرات، ومصفحات مطلية باللون الأصفر الذي يرمز للحزب. وكان أول تدخل للحزب الشيعي في سوريا من بوابة مدينة القصير السورية الحدودية مع لبنان، التي يعتبرها الحزب مدينة رمزية.
 
وتحدثت الصحيفة عن النصر الذي حققه حزب الله في مدينة القصير حيث ساعد النظام السوري في إعادة السيطرة على منطقة إستراتيجية حدودية مع لبنان. وتجدر الإشارة إلى أن تدخل الحزب اللبناني الشيعي في حرب سوريا قابله رفض بعض الأحزاب السياسية في لبنان ثم سرعان ما وافقوا عليه خاصة بعد بعض الانتصارات التي حققها الحزب المسلح داخل الأراضي السورية.
 
وأفادت الصحيفة أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، يتميز بكاريزما سياسية، حيث يعتبر هذا الرجل الذي يرتدي نظارات دائرية الشكل وعمامة سوداء، ألد أعداء السعودية في المنطقة بما أنه ينتقد وبشدة تدخل الرياض في اليمن ويرفض دعمها المالي والعسكري للمعارضة المسلحة في سوريا.
 
وفي نفس السياق، تحدثت الصحيفة عن مظاهرة نفذها أنصار حزب الله في لبنان حملت شعارات من قبيل "الموت لآل سعود" الذي أصبح طاغيا على شعار "الموت لإسرائيل". وقد توسع التأثير العسكري للحزب ليتجاوز سوريا، حيث وصل مقاتلون ومستشارون عسكريون من هذا الحزب الشيعي إلى العراق واليمن، كما جمعت لقاءات بين بعض قياداته مع المعارضة الشيعية في البحرين.
 
وقد أعلن حسن نصر الله مسبقا عن أهداف حزبه المسلح، على إثر تدخله في سوريا منذ سنة 2013، التي تتمثل في إنقاذ ضريح السيدة زينب الموجود على مشارف مدينة دمشق وحماية بلدات شيعية سورية حدودية مع لبنان.
 
وبينت الصحيفة مواقع التواجد العسكري للحزب في سوريا، إذ أعلن أن مقاتليه يتمركزون في مدينة دمشق، وإقليم حمص، وفي جنوب إقليم درعا بالإضافة إلى انضمامهم إلى الصف الأول في معركة حلب لاسترجاع الأحياء الشرقية التي تعتبر آخر معاقل الثوار في المدينة. وقد أطلق نصر الله، الذي أرسل تعزيزات أخرى لحلب، على هذه المعركة اسم "أكبر المعارك".
 
ووفقا لإحصاءات مؤكدة، فإنه يوجد على التراب السوري بين 5000 و7000 مقاتل من حزب الله، بينهم 3 آلاف من فرقة النخبة مدعومة بميليشيا "كتائب المقاومة" وهي عبارة عن قوة شبه عسكرية تابعة لحزب الله.
 
وأفادت الصحيفة أن القائد العسكري بحزب الله، عماد مغنية، الذي قتل سنة 2008، كان المؤسس لميليشيا "كتائب المقاومة". وتتكون هذه الفرقة الشبه عسكرية من متطوعين لبنانيين من مختلف الطوائف الدينية من بينهم شيعة لا تتوفر فيهم المعايير العسكرية والدينية التي يضعها الحزب. وتتميز هذه الفرقة بتأثير ضعيف داخل أسوار الحزب الشيعي، إذ يقتصر دورها في الحرب السورية على مراقبة المناطق المحررة من قبل قوات النظام فضلا عن تقديم الدعم اللوجستي لها.
 
من جهة أخرى، تربط حزب الله بالنظام السوري علاقة قديمة ومعقدة، خاصة خلال فترة حكم حافظ الأسد، فقد وصفها الأمين العام للحزب بأنها "تحتوي على مشاكل" في إشارة منه إلى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والاحتلال السوري للبنان الذي تواصل إلى غاية سنة 2005. لكن العلاقات بينهما تحسنت بعد تولي بشار الأسد للحكم.
 
وأضافت الصحيفة أنه تم تضييق الخناق الدولي على كل من النظام السوري وحزب الله اللبناني خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي عمل على تشكيل شرق أوسط جديد مطلع سنة 2004.
 
كما ضاق الخناق عليهما أكثر بعد حادثة اغتيال الوزير الأول للبنان السني، رفيق الحريري، يوم 14 شباط/ فبراير سنة 2005، التي أعقبها فتح تحقيق دولي وجهت فيه أصابع الاتهام للنظام السوري ثم للحزب الشيعي، الذي أدين خمسة من كوادره في المحكمة الخاصة في لبنان بالتورط في حادثة الاغتيال. في المقابل، واصل نصر الله إنكاره تورط حزبه بالحادثة لكن لا يخفى على أحد أن حزب الله يعتبر "جوكر" النظام السوري في دمشق.
 
من جهة أخرى وخلال الحرب السورية، انقلبت الموازين وأصبح حزب الله هو "عراب " هذه الحرب، في حين أن النظام في دمشق أصبح مجرد حليف. وقد علق أحد مقاتلي حزب الله على هذا التغيير في موازين القوى قائلا إنه "قبل سنة 2011، كانت سوريا دولة ذات سيادة حيث كانت تراقب مرور الأسلحة الإيرانية المتوجهة لحزب الله وقد عاملنا بعض الضباط السوريون بعدائية، أما الآن لا يوجد من يمنعنا عن تمرير الأسلحة".
 
وأشارت الصحيفة إلى العلاقة التي تربط الحزب بإيران، إذ يعتبر قادة حزب الله الشيعي نظام الملالي في إيران مرجعا يحتذى به وآية الله، علي خامنئي، إماما تطاع أوامره. كما يحارب مقاتلو حزب الله تحت قيادة إيرانية وليس تحت قيادة النظام السوري. 
 
ووفقا للأستاذ في العلوم السياسية في جامعة بيروت، علي مراد، فإن "إنقاذ النظام السوري من السقوط، هو أولوية إستراتيجية، لأنه دون النظام السوري سيكون حزب الله في عزلة وفي حالة ضعف. كما يجب أن يبقى ممر طهران-بغداد-دمشق-بيروت مفتوحا".