مدونات

السيستاني.. بوابة التغيير الديموغرافي والتبعية في العراق..

معتضد الزاملي - كاتب عراقي
إن الظروف العصيبة والابتلاءات القاهرة التي فرضتها الصراعات الدولية والإقليمية على العراق جعلت منه بلداً هشَاً ضعيفاً وتربةً مناسبة لتجذير العوامل الخارجية بنجاح دون ممانعة ذاتية وشعبية يمكنها علاج الخلل أو استعادة نظام الشعور بالمسؤولية لدى الأغلبية، وسادت حالة فقدان الشعور بالانتماء للوطن نتيجة ضغط سياسة الحكومات المتعاقبة التي احتمت بغطرستها على ترهيب الشعب وتجهيله، تارة باسم الديمقراطية وأخرى باسم الطائفة والمذهب وأشدها وطأة خوض غمار حروب استنزافية أهلكت الحرث والنسل مما أدى وبشكل شبه تام إلى انهيار المنظومة الاجتماعية القائمة على حب الوطن وتعزيز الثقة بروح المواطنة، ونشأت دواعي ثقافة التبعية لدول الجوار كبديل احترازي ومنقذ موهوم إلى مستقبل مجهول من عودة شبح الماضي..

ورغم كون العراق في طليعة الدول الغنية بالموارد البشرية والطبيعية فهو أيضاً يُعد بلداً مصدراً للمفكرين والكفاءات والخبرات في شتى مجالات العلوم والمعارف، فقد فُرضت عليه سياسة التبعية والانقياد من الخارج حتى لا يستثمر طاقاته الوطنية الجبارة ليكون قوياً موحداً ومحاذياً لبلدان العالم، وهذا الاعتلال أحدث انتكاسة كبيرة في رسم خارطة العراق ديموغرافياً وسياسياً، خاضعاً أبداً تأخذه سياسة التبعية لدول الشرق والغرب يميناً وشمالاً، وخاصة الإقليمية التي تعتبر استقرار العراق واستقلاله خطراً على مستقبلها، فوجود عراق منقاد وضعيف تتخطف أمنه ووحدته طموحات ومصالح دول متآمرة يُسهل تدخلاتها غير المشروعة ويؤمن لها سلتها الاقتصادية بالنهب المنظم لثروات البلاد معززاً بإشعال الفتن والأزمات والاقتتال الطائفي..

وبينما يستنزف العراق طاقاته وتنهك قواه نتيجة الصراعات الداخلية وفشله بالخروج من دوامة العنف الطائفي، فقد تنتفي الهوية الوطنية أمام تجارة العقول وضعف الإرادة الحرة، فيصبح البلد مرتعاً لمن هب ودب من التنظيمات الإرهابية والمليشيات الإجرامية تستبيح دماء العراقيين وأعراضهم وأموالهم تتخذ من دعم المرجعيات الطائفية شعاراً لها في التمحور والتحزب وبالتالي تتشكل قيادات عشوائية غير مؤهلة فرضتها طبيعة الصراع، تتحكم بمصير العراق وشعبه وثرواته بمراعاة ووصاية الدول التي دعمتها ومرجعياتها وجندتها لمصالحها الخاصة..

وحتى يكون العراق تابعاً ومنقاداً لهيمنة مصالح دول ومسرحاً لتنفيذ أجندة مخابراتية دولية لا بد من إيجاد قيادات غير وطنية دينية وسياسية بإنشاء منظومة إعلامية فاسدة تروج لدور مرجعية وهمية ومن ثم تقوم هذه المرجعية بدور الريادة والأخذ بزمام القرارات المصيرية كالدعوة لانتخاب الفاسدين لتسليطهم على رقاب العراقيين ومقدراتهم وتداري الخدر والإعياء في أذهانهم وتنويمهم عن استنكار الواقع المرير والمطالبة بتغييره، وذلك من خلال طرحهم البديل الدائم والمعول عليهم وتلميع صورهم وأدوارهم بشكل مبرمج وبحجج مختلفة غير مملة، وهي في الحقيقة لجدوى استمرار مسلسل الخداع والتزيين لبقاء حالة الفساد والفوضى والحرمان الذي يُطلى بماء الذهب، ولغلق باب صحوة الشعب وإدراكه لخيوط اللعبة ولوضع حداً لنهاية المهزلة بالرجوع إلى حب العراق والإخلاص له، فقد يلجأ المتسلطون المفسدون إلى التعتيم الإعلامي والطعن والتشويه ضد الوطنيين المخلصين للحيلولة في إبقاء دولة الفساد والفاسدين وعدم الالتفات إلى قيادة وطنية حقيقية لأنها قادرة على توعية المجتمع بمخاطر الفساد والتبعية ووضع بصمة الخلاص وبالتالي تقلب الطاولة على المتآمرين وتكشف زيفهم..

فقد ساهمت مرجعية السيستاني الدخيلة على العراق وعروبته وحضارته وثقافته، في إنجاح طموحات الاحتلالات وتنفيذ مشاريعهم الخبيثة في طمس هوية العراق وتدميره وتمزيق وحدة شعبه وضياع ثرواته، تارة بالتأييد المعلن لقوى الاحتلال وتسميتهم بـ(القوات المحررة) و(القوات الصديقة) وتارة بالسكوت والإمضاء عن قبائح الاحتلال وشرعنة بقائه وفساد حكوماته الطائفية الفاسدة، وقد صرح مسؤولون وقادة لجيوش المحتلين في مقابلات متلفزة وفي مذكرات كتبوها عن فترة تواجدهم في العراق ومنها ما تناولوه بسخرية، فقد ذكروا تأييد وترحيب السيستاني بقوات الاحتلال وأكدوا أن رؤيته مشابهة لرؤاهم وتطلعاتهم في العراق، وتحدثوا عن الحماية التي ضمنها السيستاني لمصالحهم بإصداره فتوى تحرم على العراقيين التعرض لقوات الاحتلال وعدم عرقلة عملهم..

وبمقابل مواقف السيستاني المخزية على العراق وشعبه فقد حظي بالأموال والجاه والسمعة وبمقام المرجعية العليا التي لا منافس لها بضمان من أسياده المحتلين، وما لا يسع المقام لذكره، ومن المتابعات الوافية التي شخصت حقيقة الواقع أسبابه ودوافعه بعيون عراقية في محاضرات المرجع السيد الصرخي (السيستاني ماقبل المهد إلى مابعد اللحد) منها في رابط التقرير الفيديوي أدناه..