مقالات مختارة

الإنجازات.. للرئيس أم لشعبه؟!

1300x600
الرئيس عبد الفتاح السيسي يتحدث في كل خطاب له عن "الإنجازات"، ويصفها بلهجة تحد بأنها "غير مسبوقة".. والأخيرة تشير ضمنيا إلى معنى يريد توصيله للرأي العام، يفيد بأنه "تفوق" على من سبقوه وتعاقبوا على حكم مصر.

في منتصف مايو الماضي (2016)، قال وزير الكهرباء أمام الرئيس إن السد العالي خرج من الخدمة! صحيح أن السيسي "انفعل" وطالب الوزير بألّا يتحدث في هذا الموضوع.. وثار جدل حول: وماذا بعد خروج السد من الخدمة؟!

الجدل كان في سياق النيل من "كفاءة" النظام الذي جاء بعد 30 يونيو.. ولم يلتفت إلى أن "زلة لسان" وزير الكهرباء، ربما لم تكن عفوية.. بل جاءت في سياق "الخدمة" على تقديم صورة توحي بأن "الحاضر ـ السيسي" هو الأفضل من الماضي "السد ـ عبد الناصر"؛ فالسد خرج من الخدمة، ومع ذلك نجح الرئيس في حل مشكلة الكهرباء التي لم تنقطع خلال صيف 2016.. وهو -كما يراد منه- إنجاز غير مسبوق، تفوق على السد "العجوز" بكل ما يحمله ذلك من دلالة ومعنى. 

ولكن سؤالا يختفي خلف هذا الصخب الإعلامي والاحتفالي بالإنجازات، يتعلق حول ما إذا كانت تلك "الإنجازات" قد حققها الرئيس لنفسه أم لشعبه؟! 

ولا يمكن بحال أن ننكر على الرئيس أن هذا حقه وحق أي رئيس دولة في العالم، فالإنجازات تُضاف للطرفين: لرصيد الرئيس السياسي والتاريخي.. ولرصيد شعبه كتحسن في الخدمات والرعاية.. ولكن في الحالة المصرية، فإن هذا السؤال يمثل تحديا كبيرا للسيسي؛ لأن الإنجازات الضخمة بدت كأنها لتحسين صورة الرئيس، وليس لتحسين أوضاع الشعب المعيشية؛ فقناة السويس الجديدة، وشبكة الطرق، وربط مدن القناة بسيناء عبر أنفاق ضخمة، والعاصمة الإدارية.. قد تكون فعلا مشاريع ضخمة، ولكنها "صاخبة" ودون عائد سريع لشعب تدهسه عجلات الفقر والمرض، والجهل، والأمية، وتخلف التعليم، والفساد المتفشي في كل مؤسسات الدولة.. وتنتظره أيام أسود من قرن الخروب خلال شهور؛ سدادا لفواتير قرض صندوق النقد الدولي.

بدت تلك "الإنجازات".. وكأنها تهدف إلى جني مكاسب سياسية سريعة تعزز صورة "الزعيم السوبر" أمام الرأي العام.. وليست لجني ثمار سريعة للشعب المطحون تحت عجلات الفقر "الدكر".

هذه الصورة، تجعل السؤال عما إذا كانت الإنجازات للرئيس أم لشعبه سؤالا مشروعا وإصلاحيا في الوقت ذاته. بات من الواضح أن ثمة تعبئة تحشد المصريين صوب المسار الخطأ.. ولا أدري ما إذا كان وقت التصحيح قد فات أم لا.. إذ يظل ذلك رهن استعداد النظام للانفتاح على خبرات أكثر وعيا ونضجا ممن يعتمد عليهم حاليا.

المصريون المصرية