سياسة عربية

مع إعلان السيسي تدابير "إصلاحية".. الجنيه ينزف والغلاء يتسع

أجرة وسيلة النقل الأهم في مصر مهددة برفع سعرها- أرشيفية
تحدث رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن إجراءات وصفها بالإصلاحية واللازمة التي سيتم اتخاذها في خلال الفترة المقبلة؛ لمواصلة خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطي النقدي، في وقت واصل فيه الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار، وسط توقعات قوية بخفض جديد في قيمته. وزادت أسعار الكهرباء، والحديد، مع ترقب زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وسيلة النقل الأهم لملايين المصريين يوميا.

ونقلت الصحف المصرية الصادرة الأحد عن السيسي تأكيده، في اجتماعه، السبت، برئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر، ووزير المالية عمرو الجارحي، ضرورة مراعاة محدودي الدخل، والفئات الأولى بالرعاية، وعدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية يتم اتخاذها، وفق قوله.

وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، علاء يوسف، بأن السيسي شدد أيضا خلال الاجتماع على أهمية توافر السلع الأساسية، والحفاظ على استقرار أسعارها.

وأضاف يوسف أن محافظ البنك المركزي استعرض السياسة النقدية، وخطط البنك لتعزيز التوجهات نحو سرعة إصلاح الهيكل المالي، كما عرض ملامح خطة الدولة لزيادة موارد النقد الأجنبي، على المدى القصير، مشيرا إلى أن الاحتياطي النقدي ارتفع ليصل إلى 17.54 مليار دولار بنهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي.

ومن جهته، عرض وزير المالية جهود وزارته من أجل تحقيق الإصلاحات الهيكلية للحفاظ على الاستقرار المالي، وتخفيض العجز في الموازنة العامة، والبدائل المطروحة لخفض الدين العام، الذي وصل إلى 98% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق صحيفة "الأهرام".

خبراء: الاحتياطي النقدي بالسالب لأول مرة

لكن حجم الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية لدى البنك المركزي، الذي أشار إليه المحافظ، أثار لغطا كبيرا حول حقيقته، وقيمته.

وقالت عضوة اللجنة الاقتصادية ببرلمان ما بعد الانقلاب، سارة جاد المولى، إن الاحتياطي النقدي الفعلي في مصر "صفر".
 
وتساءل الخبير الاقتصادي وائل النحاس: "هل فعلا الاحتياطي النقدي للبلاد صفر؟"، مطالبا البنك المركزي بمصارحة الشعب بالرقم الحقيقي للاحتياطي مهما كانت العواقب.

ومن جهته، قال رئيس الجمعية المصرية للاستثمار، الدكتور هاني توفيق، إن الاحتياطي النقدي بالسالب لأول مرة في تاريخ مصر، مؤكدا وصوله إلى سالب ثلاثة مليارات دولار.

وفرَّق "توفيق" بين الاحتياطي النقدي وسالب الاحتياطي النقدي، مشيرا إلى أن الاحتياطى الحالي هو قرابة 16.7 إلى 17 مليار دولار، أما صافي الاحتياطي تقريبا فهو (-3) مليار دولار.

وأوضح توفيق أن ذلك يرجع إلى ارتفاع فاتورة التزامات الدولة من قروض واستيراد سلع وتسديد التزامات تجاه مؤسسات دولية اقترضت منها الدولة، إضافة إلى ودائع موضوعة لدى البنك المركزي تخص دولا وجهات ومؤسسات وشيكات مستحقة الدفع، وأن حاصل طرح هذه الالتزامات سيؤدي إلى نتيجة بالسالب للاحتياطي من النقد الأجنبي.

وأضاف "توفيق" - في تصريحات صحفية الأحد - أن أزمة الاحتياطي النقدي خارج نطاق مسؤولية البنك المركزي، لأن الوضع باختصار هو أننا شعب ننتج أقل مما نستهلك، ونصدر أقل مما نستورد، ونستثمر أكثر مما ندخر، "يعنى هنضطر نمد إيدينا بره، بينما لو أصلحنا الميزان التجاري فسوف تتغلب كفة الصادرات على الواردات، وبالتالي سيتحسن الوضع، وينعكس لصالحنا تماما"، بحسب قوله.

توقعات بارتفاع جديد في سعر الدولار

إلى ذلك عاود سعر الدولار الأمريكي في سوق الصرف الموازية (السوق السوداء) الارتفاع،  وبلغ، الأحد، 11.05 جنيه.

 وتوقع الخبير المصرفي، محمد البنا، أن يصل سعر الدولار في البنوك الرسمية إلى 10.50 جنيه، ووصوله في السوق السوداء إلى 15 جنيها، في خلال أيام قليلة.

وقال البنا إن تلميحات محافظ البنك المركزي، طارق عامر، التي قال فيها، قبل أيام، إن البنك يتبع سياسة مرنة في سعر الصرف، تؤكد اتخاذه قرارا جديدا بتخفيض الجنية المصري أمام العملة الأمريكية مرة أخرى.

ورأى البنا أن تخفيض الجنية أمام الدولار سيكون له فوائد كثيرة منها تشجيع المستثمر الأجنبي على الاستثمار داخل مصر، لكنه حذر من توقعات مرعبة لسعر صرف الدولار في السوق الموازية.

حكومة السيسي ترفع أسعار الكهرباء

وفي حين يعاني أغلب المصريين من الغلاء الفاحش، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، محمد اليماني، في مداخلة هاتفية ببرنامج  "انفراد"، عبر فضائية "العاصمة"، أنه توجد فجوة كبيرة بين تكلفة إنتاج الكهرباء وشرائح البيع، وأن الدعم الأكثر لابد أن يكون للشرائح الأدنى استهلاكا للكهرباء.

وأضاف اليماني أن السيسي أصدر تعليماته بعدم المساس بالشرائح الثلاث الأولى، وهم للمواطن محدودي الدخل، وتتحمل الدولة 90% من قيمة الفاتورة، قائلا: "هناك سيناريوهات متعددة في ما يتعلق بأسعار الشرائح اعتبارا من يوليو 2016"، وفق تعبيره.

وحددت وزارة الكهرباء أسعار الشرائح التي سيتم تطبيقها من أول تموز/ يوليو الحالي، كالآتي:

الشريحة الأولى من 0 إلى 50 كيلو وات ستكون 7.5 قرش للكيلو وات. والشريحة الثانية من 51 إلى 100 كيلو وات 14.5 قرش للكيلو وات. أما الشريحة الثالثة فهي من 100 إلى 200 كيلو وات، بسعر 16 قرشا للكيلو وات..

بينما تبلغ الزيادة المقررة لبقية الشرائح طبقا لجدول رفع الدعم خلال 5 أعوام، الذي من المقرر أن يتم مده حتى 10 سنوات بتكليف من السيسي، سيتم تطبيق الزيادة بدءا من فاتورة تموز/ يوليو على الشرائح الآتية:

الشريحة الرابعة من 201 إلى 350 كيلو وات سيكون 35 قرشا للكيلو وات. والخامسة من 351 إلى 650 كيلو وات سيكون 44 قرشا لكل كيلو وات. أما الشريحة السادسة 651 إلى ألف كليو وات فتكون 71 قرشا لكل كيلو وات.

وأخيرا: الشريحة السابعة أعلى من 1000 كيلو وات، بسعر 81 قرشا للكيلو وات.

ارتفاع جديد في أسعار الحديد

وشهدت أسعار الحديد، السبت، زيادة تقدر بـ50 جنيها للطن، وقال رئيس غرفة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد الزيني، في تصريحات صحفية: إن سياسات البنك المركزي - التي تتجه صوب رفع سعر الدولار في السوق الرسمية - ستقابلها زيادة في السوق السوداء.

وشدد على أن قطاع مواد البناء من أبرز المتضررين من تلك السياسات؛ لارتباط القطاع بالدولار، متوقعا زيادة في أسعار الحديد تقدر بـ10% خلال الفترة المقبلة.

زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق

وغير بعيد، ألمح وزير النقل، جلال سعيد، إلى زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق قائلا إنه سيتم تقسيم زيادة سعر التذكرة على مراحل، وإنه "ليست عدالة أن أساوي بين راكب يستخدم 40 محطة مع الذي يركب محطة واحدة"، بحسب "المصري اليوم".

وأضاف: "أمامنا فرصة أن ننقذ المترو حتى لا يلحق بالسكة الحديد، الناس معتقدة أن الزيادة في سعر تذكرة المترو الهدف منها إرجاع الفلوس، التي أنفقت على إنشائه ده مش صح".

وتابع: "نحن نتحدث عن كيفية تغطية التذاكر مصاريف تشغيل المترو اليومية، ومرتبات العاملين، ومصروفات الكهرباء".

وأردف أن الخسارة 250 مليون جنيه، وأن الشركة التي تدير المترو عليها عجز 500 مليون جنيه، وعليها التزامات تجاه العملين، والكهرباء، وشركات النظافة.

أزمة الدولار.. كيف تفاقمت؟

وعانت مصر مع حكم السيسي من أزمة اقتصادية طاحنة، ظهرت آثارها على حياة المواطنين، فبدأ المصريون يشكون من الغلاء الفاحش في الأسعار، بسبب النقص الشديد في العملة الأمريكية، لأسباب كثيرة، منها تأثر السياحة في مصر بكثرة حوادث الطيران بداية من سقوط الطائرة الروسية في سيناء، ومرورا بخطف طائرة أخرى إلى قبرص، وآخرها تحطم طائرة "مصر للطيران" في مياه البحر المتوسط.

وأرجع خبراء النقص في كميات الدولار بمصر إلى عزوف المصريين بالخارج عن تحويل مدخراتهم به، وانخفاض دخل قناة السويس بسبب تأثرها بحركة النفط العالمية التي تشهد انخفاضا شديدا في سعر البرميل.

وتفاقمت أزمة الدولار في العام الماضي مع تزايد العجز في الميزان التجاري إذ تقدر الصادرات بنحو 22 مليار دولار في حين تتجاوز فاتورة الاستيراد 60 مليار دولار سنويا، ما اضطر البنك المركزي إلى السحب من احتياطي النقد الأجنبي لتمويل تلك الفجوة.

وأسهم توقف المنح النقدية والعينية من دول الخليج - التى دعمت مصر بنحو 12 مليار دولار في أعقاب انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 - خلال العام الحالي، في تزايد الضغط على الاحتياطي النقدي، الذي يعاني منه الاقتصاد المصري.