حقوق وحريات

سلسلة الإضراب عن الطعام تصل لمعتقلي بني سويف بصعيد مصر

اعتداء ضباط مديرية الأمن على أحد المعتقلين ما تسبب بتفجر الاحتجاج - أرشيفية
يشهد سجن بني سويف، بصعيد مصر، إضرابا عن الطعام، منذ بداية شهر رمضان؛ احتجاجا على سوء المعاملة التي يتلقاها المعتقلون السياسيون في السجن.

وتكتظ السجون في مصر بآلاف المعتقلين السياسيين، موزعين على سجون مركزية، وعمومية، ومراكز شرطة، ومقرات احتجاز، معروفة وغير معروفة، ويتعرض غالبية هؤلاء لمعاملة غير إنسانية، ولا تتفق حتى مع قوانين السجون في مصر، وفق حقوقيين وشهادات الأهالي.

ويقول عدد من أهالي المعتقلين لـ"عربي21" إن ذويهم أضربوا عن الطعام للتعبير عن رفضهم للمعاملة السيئة لهم ولأسرهم أثناء زيارتهم الأسبوعية، وليس لديهم ما يخسرونه أو يخافون عليه، أمام هذا الكم من الانتهاكات، والتجاوزات وغياب القانون، وعدم وجود مساءلة قانونية لمسؤولي السجون، أو رقابة حقوقية.

البداية بصفعة قوية


وآخر تلك السجون التي انضمت إلى مسلسل الإضرابات، كان سجن بني سويف بصعيد مصر، حيث استقبل المعتقلون رمضان بالإضراب عن الطعام، وفق شهادات ذويهم. 

وفي هذا الصدد، كشفت فاطمة، خطيبة المحامي المعتقل محمد السيد، لـ"عربي21"، أن الإضراب بدأ "منذ اليوم الأول في رمضان وحتى اليوم؛ احتجاجا على سوء المعاملة".

وأضافت فاطمة، التي اعتقل خطيبها منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على خلفية اتهامه بالشروع في قتل رئيس مباحث مركز ناصر ببني سويف: "لم نتصور أن يتعرضوا للاعتداء ويحرموا من الزيارات والطعام في أول يوم في رمضان.. هؤلاء (السجانون) ليس في قلوبهم رحمة أو شفقة، وينظرون إلى المعتقلين على أنهم أعداء".

وعن سبب اندلاع الأزمة، قالت: "إن ضابط المباحث محمد عبد الله قام بصفع المعتقل عبد الرحمن خليفة حسب الله، الطالب بالفرقة الأولى بكليه التربية، على وجهه، وسبه بألفاظ، لرغبته في لقاء مأمور السجن، فرد الطالب له الصفعة بأخرى، وعلى الفور تكالبت مجموعه من المخبرين المرافقين للضابط بالتعدي على الطالب المعتقل"، وفق قولها.

وتابعت: "شهدت العنابر حالة من الهرج والتضامن مع الطالب المعتقل، وعلى الفور تم الدفع بفرقة من "القوة الضاربة"، وتم التعدي على عدد من العنابر، وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، والمهيج للأعصاب، والحارق للجلد، قبل الإفطار، داخل الزنازين الصغيرة، ما أدى إلى حالات اختناق عديدة".

الإضراب مستمر

أما السيدة سامية جودة، والدة المعتقل كريم فتحي، الذي كان يعمل مندوب مبيعات في شركة أدوية، فقالت لـ"عربي21": "أبناؤنا مضربون عن الطعام في شهر مضان، في أجواء حارة، بل شديدة الحرارة في صعيد مصر، في زنازين سيئة التهوية والإضاءة".

وأضافت: "ابني موجود في زنزانة ضيقة خاصة بالجنائيين داخل سجن مؤقت بمبني من أربعه طوابق بجوار مديريه أمن بني سويف، ومبنى أمن الدولة، ولا يتحدث عن أي شيء يتعرض له، ويكتفي بالحمد والشكر، ولا يلقى أي معاملة آدمية".

وأكدت أن الأهالي حاولوا إدخال الطعام لأبنائهم طوال الأيام الماضية، ولكن دون جدوى. وقالت: "لم نتمكن من إدخال الطعام لهم، وهم مستمرون في إضرابهم".

وأضافت الأم: "منذ اليوم الأول من المشكلة، حاول الأمن احتجاز أحد الأهالي في مبنى أمن الدولة المجاورة، ولكنا احتججنا بقوة، ورفضنا المغادرة، حتى أفرجوا عنه، وإلا كان مصيره الحبس والتعذيب".

وعن طبيعة التهم الموجهة لولدها، قالت إنه "يواجه تهما بخرق قانون التظاهر، موضحة أنه "تعرض لإخفاء قسري لمدة شهرين، بعد اعتقاله في أيلول/ سبتمبر 2015، دون أن نعلم عنه أي شيء".

وذكرت أن ولدها "متزوج، وله طفلة، ولدت وهو في السجن، ولم يرها إلا دقائق"، مشيرة إلى جميع مطالب الأهالي "بمعاملة أبنائهم وفق القانون باءت بالفشل".

عن ظاهرة الإضراب


وعن ظاهرة الإضراب في السجون، يقول مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، عزت غنيم، لـ"عربي21": "ظاهرة الإضراب بدأت أواخر 2014، وأخذت منحى تصاعديا كبيرا، قبل أن تتحول إلى ظاهرو جزئية في سجون بعينها. فلكل إضراب ظروف وملابسات خاصة به".

وحول أنواع الإضراب، أوضح أن هناك "إضرابات كلية، كما حدث في سجن العقرب شديد الحراسة، وهناك إضراب جزئي في بعض السجون، كما حدث في الإسكندرية، وبني سويف، وبعضها ينجح، والبعض الآخر ينتهي مع الوقت".

وأضاف غنيم: "تختلف ردود فعل إدارة السجون تجاه المعتقلين المضربين باختلاف الإدارة، ويواجه الإضراب بطرق مختلفة، فبعض السجون تواجهه بالاعتداء والضرب، والسجن الانفرادي، كسجن العقرب ووادي النطرون، والبعض الآخر بالتفاوض مع إدارة السجن والحصول على أقل المطالب أو بعضها".

وحمّل مدير التنسيقية الإعلام والصحافة مسؤولية تجاهل معاناة المعتقلين وإضرابهم عن الطعام، الذي يكلف البعض صحته، بل وحياته، موضحا أن "الإضرابات في السجون احتجاجا على سوء المعاملة لا تحصل على أي اهتمام إعلامي من قريب أو بعيد، ولا حتى يتم الإشارة إليها".