سياسة عربية

إجراءات "الكملك".. عبء آخر يواجه السوريين في تركيا

تعمل السلطات التركية على ضبط أوضاع كما ترحل غير القادرين على إعالة أنفسهم إلى المخيمات - أرشيفية
على أطراف مدينة أنطاكية، وأمام مبنى إدارة الهجرة، ينتظر اللاجئ السوري زهير (34 عاما) الخلاص، بعد أن قطع مسافة تقدر بحوالي 820 كيلومترا، للوصول إلى هنا (مكان إقامته القديم)، قادما من مدينة اسطنبول حيث يقيم وعائلته الآن.

المفارقة بحسب، زهير، أن يقطع كل هذه المسافة الطويلة التي استغرقت حوالي 17 ساعة، للحصول على ورقة حكومية (إذن نقل إقامة) تخول له نقل مكان بطاقة تعريفه "الكملك" إلى اسطنبول، بينما قد يكون من السهل الحصول عليها عن طريق الشبكة العنكبوتية في دقائق.

يمعن زهير النظر في شرطي تركي أمامه ثم يضيف لـ"عربي21": "كل شيء يفعلونه هنا بقصد التضييق على السوريين، فما معنى وجود كل هذا التعقيد إذن".

ويشترط قانون الحماية المؤقتة الناظم لأوضاع اللاجئين السوريين في تركيا، استخراج بطاقة التعريف "الكملك" من مكان الإقامة، قبل الاستفادة من مزاياها "المحدودة"، لكن هذا لا يبدو مقنعاً لزهير، فبرأيه "تركيا دولة واحدة".

وليس لزهير مأرب في "الكملك" إلا لأغراض صحية؛ لأن المشافي والمراكز الصحية تشترط حملها قبل استقبال الحالة المرضية، باستثناء الحالات الإسعافية منها.

وباستثناء الخدمات الصحية المجانية التي تقدمها المراكز الصحية الحكومية للاجئ السوري في حال كان الأخير مشمولاً بنظام الحماية المؤقتة، يقول لاجئون إن "هذه البطاقة لا تضيف شيئاً".

ويعزو محام تركي يعمل ببرنامج حقوقي (نصيحة قانون) موجه لتعريف السوريين بحقوقهم في تركيا، اشتراط قانون الحماية المؤقتة على اللاجئين السوريين، استصدار بطاقة التعريف من المدينة التي يقيمون بها، إلى المساعدات الأممية التي تقدم لكل ولاية تركية بحسب أعداد اللاجئين فيها.

ويشير المحامي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن هذه المعاملة تنطبق على المواطنين الأتراك، قائلا لـ"عربي21": "حتى المواطن التركي لا يحصل على العلاج المجاني في مدينة تركية ليست محل قيده، إلا في حال تم تحويله من مشافي مدينته رسمياً إلى مدينة أخرى".

ويضطر كثير من اللاجئين السوريين لدفع مبالغ مالية إلى سماسرة، لتسريع إجراءات استصدار "الكملك"، وخصوصا أن مدة استصدارها قد تمتد لفترة تزيد عن الأربعة أشهر.

وهذا ما حصل مع اللاجئة السورية مريم، التي قدمت مؤخراً إلى مدينة عينتاب التركية، والتي وجدت نفسها مضطرة لدفع مبالغ مالية لسمسار سوري حتى يسرّع لها من إجراءات استصدار الكملك لها ولطفليها، حتى تتمكن من تسجيلهم في مراكز التعليم المؤقتة السورية المقامة في المدينة.

تقول مريم لـ"عربي21": "بعد يوم كامل من الوقوف تحت أشعة الشمس أمام مبنى إدارة الهجرة في عينتاب، حصلت على موعد وهو بعد ثلاثة أشهر"، مضيفة: "لم يكن أمامي خيار إلا أن أدفع 125 ليرة تركية عن كل بطاقة، فالعام الدراسي على وشك الانتهاء والأطفال بحاجة إلى متابعة صفوفهم".

وتستطرد: "صحيح أن المبلغ الذي دفعته كبير ربما، لكن بالمقابل خلصني من الوقوف لساعات ولربما لأيام، لأنه وبعد الدفع بيوم واحد، دخلت إلى المبنى وانتهيت من كامل الإجراءات، وحصلت على البطاقة في يوم واحد".

مقابل ذلك، يشتكي لاجئون سوريون من معاملة وصفوها بـ"المهينة" يتعرضون لها من قبل بعض الموظفين الأتراك، في الإدارات مكان استصدار "الكملك".

وإلى جانب شكاويهم هذه، يرى كثير منهم أن معاملة الموظفين لهم باتت تتخذ طابع "عدم الاكتراث"، وخصوصاً بالنظر إلى حاجة الجدد منهم (غير المسجلين) الملحة إلى "الكملك".

ومن الجدير بالذكر أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا المسجلين منهم، بحسب آخر إحصائية رسمية تركية في العام الحالي، فاق الـ2.5 مليون لاجئ.