سياسة عربية

ناشطون بعد إقالة جنينة: أحلال للسيسي حرام على مرسي؟

السيسي أقال هشام جنينة من منصبه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات- عربي21
كشف إعفاء رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، من منصبه، الاثنين 28 آذار/ مارس الجاري، عن تناقض بين شخصيات وقوى سياسية، رفقت بالسيسي في قراره المشار إليه، مكتفية بإعلان تضامنها وتعاطفها مع جنينة، وموقف هذه الشخصيات والقوى ذاتها، المتشدد، من إعفاء الرئيس محمد مرسي، للنائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، من منصبه، بمقتضى إعلانه الدستوري يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.

وطالبوا وقتها تحت مظلة "جبهة الإنقاذ"، بإعادة عبد المجيد، ونظمت مظاهرات "مصر مش عزبة"، واستمروا في تهييج الرأي العام، معتبرين أن مرسي قد زالت شرعيته منذ قيامه بعزل النائب العام، وتعديه على الدستور، وفق تعبيرهم.

وعلى الرغم من عودة عبد المجيد لاحقا إلى منصبه بحكم من محكمة الاستئناف، إلا أنهم ظلوا في عدائهم لمرسي، حتى تم الانقلاب على حكمه، في حين اختفى بعضهم في ظروف غامضة عن التعليق على قرار السيسي بإقالة "جنينة"، ولزم الصمت، فيما ترفق بعضهم في إدانة السيسي، وأيده كثيرون منهم في هذا القرار.

البرعي.. اتهامات لمرسي دون السيسي

في هذا الصدد، رأى مدير "المجموعة المتحدة"، نجاد البرعي، أن "عزل هشام جنينة يساوي بالضبط عزل عبد المجيد محمود"، مضيفا أنه: "كلاهما كان التفافا من السلطة التنفيذية على أحكام الدستور، واستقلال جهات الرقابة"، على حد وصفه.

وتابع في تدوينات عدة على موقع التدوين المصغر "تويتر" القول: "من كانوا يشيرون على مرسي بما يفعله كانوا يحبونه، ويتصورون أنهم يساعدونه.. أتصور أن مستشاري السيسي اليوم شأنهم شأن مستشاري مرسي بالأمس".

وكان نجاد البرعي اتهم وقتها مرسي بأنه انتهك حرمة القانون، مطالبا بأن يعفي جميع مستشاريه القانونين من مناصبهم، ويعين "من يفهم في القانون جيدا"، معتبرا  عودة عبد المجيد لمنصبه مرة أخرى، بحكم الاستئناف: "قرار تاريخي يدل على عودة استقلال الوطن".

لكنه في هذا الموقف الجديد، استدعى التشابه التاريخي بين واقعتي مرسي والسيسي، إلا أنه اكتفى بنقد السيسي، بشكل غير مباشر، قائلا: "عزل هشام جنينة أسقط هيبة الجهاز المركزي للمحاسبات.. مبارك كان حريصا على حماية جودت الملط من أحمد عز، ولم يقدم رئيس من قبل على عمل مثل هذا".

وأردف: "في بلد يشغل مراكز متقدمة في مدى انتشار الفساد يغدو التخلص بشكل غير قانوني من رئيس الجهاز المركزي ضربة قوية لجهود المكافحة".

ومن جانبه، أشار الناشط السياسي محمد عصمت سيف الدولة في تدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى أن "غالبية من أدانوا عزل النائب العام لمبارك هم من طالبوا برقبة جنينة، ومن رحب بعزل عبدالمجيد محمود، أدانوا عزل جنينة"، على حد قوله.

"النور" يرفض نائب مرسي.. ويسكت عن "جنينة"

أولى هذه القوى السياسية حزب "النور"، ذو التوجه السلفي، الذي اكتفى مع قرار مرسي بموقف الحياد، فأعلن أنه لا يطالب بعودة عبد المجيد، لكنه طالب مرسي بإعفاء النائب العام الذي عينه، وهو المستشار طلعت عبد الله، على أن يتم تكليف المجلس الأعلى للقضاء، باختيار نائب عام جديد، يوافق عليه مرسي.

ولاحقا، عندما صدر الحكم بعودة عبدالمجيد إلى منصبه، كان حزب النور من أوائل المهنئين لعبد المجيد على هذه العودة.

أما في أزمة إقالة السيسي لجنينة، فقد آثر حزب "النور" الاختفاء التام، ولم يتفوه الحزب أو أي من أعضائه بكلمة في الوقوف إلى جانب جنينة، وحتى لم يبد أي تعاطف أو تضامن معه، ولا استنكر قرار السيسي، الذي يحمل، في حده الأدنى وفق قانونيين، شبهة عوار قانوني.

البرادعي وموسى وأبو الغار والغزالي.. أين هم الآن؟

وممن أدان ووقف بشدة ضد قرار مرسي بعزل عبد المجيد محمود، من أعضاء "جبهة الإنقاذ"، كل من الدكتور محمد البرادعي، والدكتور عمرو موسى، مع حمدين صباحي، وأعلن ثلاثتهم مجتمعين رفض إقالة عبد المجيد.

وعند إعلان رفض جبهة الإنقاذ لقرار مرسي، وصف أسامة الغزالي حرب، مرسي، بحضور خالد داوود، وحسين عبدالغني، بـ"الفاشية"، وبأنه "رئيس فاشل"، كما أنه وصف "الإخوان" بأنها جماعة فاشلة، وأدان إقالة عبد المجيد.

وفي الوقت ذاته لم ينبس كل من محمد البرادعي وعمرو موسى ببنت شفة إزاء قرار السيسي بعزل جنينة، على الرغم من أوجه الشبه بين موقفي مرسي والسيسي.



حمدين صباحي.. من صخب "الإنقاذ" للاكتفاء بتدوينة

أما ثالث الثلاثة "حمدين صباحي"، فقد وصف وقتها عبد المجيد محمود بأنه "أرجل نائب عام في تاريخ مصر"، مثنيا عليه، على الرغم من أن إقالته كانت "مطلبا ثوريا عاجلا ومالحا".

ولاحقا، زهد حمدين في إطلاق هذا الوصف على جنينة، اكتفى بتدوينة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أعلن فيها تضامنه وتعاطفه معه، ووصفه بأنه "قامة شريفة.. ولا يستحق العزل".

"المصريين الأحرار" والوفد والمؤتمر: "حلال هنا.. حرام هناك"


وهناك من الأحزاب والقوى السياسة من وقف ضد إقالة مرسي لعبد المجيد، ووقف مع السيسي ضد إقالة جنينة، وأبرزها أحزاب "المصريين الأحرار" لنجيب ساويرس، و"الوفد الجديد" للسيد البدوي، و"المؤتمر المصري" لعمرو موسى، و"الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" لرئيسه محمد أبو الغار، و"الجبهة الديمقراطية" (سكينة فؤاد)، وغيرهم، ممن أعلنوا رفضهم القوي لقرار مرسي، باعتبارهم مكونات ضمن "جبهة الإنقاذ"، وفي الوقت ذاته، تتضامن غالبيتها في الوقت الراهن مع السيسي في قراره بإقالة "جنينة".

مصطفى بكري وأحمد موسى: حالة خاصة

وقف كل من الإعلاميين مصطفى بكري، وأحمد موسى، ضد قرار مرسي بإقالة النائب العام الأسبق، في وقت تزعما فيه المطالب بإقالة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات.


وقاد بكري المعارضة وقتها ضد القرار، واعتبره غير قانوني، وأجرى أول حوار مع النائب العام المقال، وأظهره بطلا في صحيفته "الأسبوع"، حيث قال الأخير: "لن أستسلم"، في حين تضامن بكري، مع السيسي، بل واستبق قراره الأخير بإعفاء جنينة، فطالب بالفعل بعزله من منصبه، بل وطالب بمحاكمته، ومنعه من السفر.

أما أحمد موسى، فقد كتب في "الأهرام" يوم 6 حزيران/ يونيو عام 2012، مدافعا عن عبد المجيد محمود، فنفى أن يكون محسوبا علي النظام السابق،‏ أو أن يكون جزءا منه‏،‏ مؤكدا أنه لم يعمل تحت أجنحة رجاله‏،‏ وأنه رجل قضاء، ومحام عن الشعب كله‏، وليس النظام أو الحكومة، وأنه لا يخضع لسلطان، سواء من الرئاسة أو وزير العدل، على حد قوله.

ورفض موسى فكرة إقالة عبد المجيد محمود قائلا: "يبدو أن الداعين لإسقاط النائب العام يتحركون وفقا لأجندة محددة سلفا، ولا علاقة لها بأن هذا المسؤول مشهود له بالكفاءة والحياد"، مشيدا بما اعتبره "مواجهته الظلاميين والمنتقمين، ومن يتحركون خلفهم لكي يحصلوا علي جاه أو منصب".

وفي المقابل، اتهم موسى المستشار "جنينة" بالخيانة، ولم يخف شماتته في عزله.

وكتب على حسابه الشخصي في موقع "تويتر": "تحية للرئيس البطل السيسي، بعد إعفاء هشام جنينة من منصبه".