بعد مرور ثلاثة أشهر على اتفاق حي
الوعر بحمص، والذي أبرم بين فصائل الثوار والنظام السوري، لم يلتزم الأخير بأحد أهم البنود وهو إطلاق سراح المعتقلين، بل ولم يكشف حتى اللحظة عن مصيرهم.
وفي هذا السياق، أوضح عضو في لجنة التفاوض، طالبا الاكتفاء بتعريفه باسم "الشامي" لدواع أمنية، أن "اتفاقية حي الوعر هي نتيجة عملية تفاوضية استمرت منذ الشهر السابع عام 2014، أي ما يقارب العام وخمسة أشهر، شهد الحي خلالها فترات تصعيد عسكري وفترات تهدئة، وانتهت المفاوضات بتوقيع اتفاق في الحي بتاريخ 1/12/2015".
ويضيف الشامي لـ"
عربي21": "وصل تطبيق الاتفاق للمرحلة الثانية، وهو لا يزال مستمرا من الناحية النظرية، ولكنه يعاني جمودا من الناحية الفعلية نتيجة تهرب النظام من الوفاء بعدة التزامات يرتبها الاتفاق، ولا سيما لجهة بيان وضع المعتقلين، وإطلاق سراح غير المحالين للقضاء، أي من هم لدى الجهات الأمنية خلال هذه المرحلة، والذي يشكل أبرز البنود في الاتفاق عامة والمرحلة الثانية على وجه الخصوص".
رأى الشامي أن الاتفاق "محكوم بالفشل بنسبة كبيرة في المستقبل"، ذلك أن "حقيقة الاتفاقية هي التزام كلا الطرفين بتنفيذ بنود واضحة، دون التقيد بوقت زمني معين، النظام ينفذ الاتفاقية على مبدأ حرق المراحل وذلك بتحصيل المكاسب والتهرب من الاستحقاقات، الأمر الذي يجعل الاتفاق محكوما بالفشل بنسبة كبيرة في المستقبل".
ملف المعتقلين
وكانت لجنة التفاوض في حي الوعر قد تقدمت 23 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كما يقول الشامي، بـ"قوائم اسمية هي مجموع ما وصلنا كلجنة تفاوض من أسماء معتقلين من رجال ونساء وأطفال، وتضم 7365 معتقلا من أبناء محافظة
حمص، وكان مقررا بموجب الاتفاق أن يتم بيان مصيرهم، وأماكن تواجدهم وتاريخ الإفراج عنهم، خلال المرحلة الأولى من الاتفاق ولكن تم تأجيلها للمرحلة الثانية نتيجة ضغوط كبيرة من النظام وتذرعه بالعدد الكبير وعدم إمكانية إنجاز ذلك خلال فترة المرحلة الأولى".
ويضيف عضو لجنة التفاوض: "لم يكشف النظام عن مصير أي معتقل حتى اللحظة، ونحن بانتظار ذلك خلال الأيام المقبلة بناءً على تعهدات ممثلي النظام وعلى رأسهم ديب زيتون رئيس شعبة المخابرات العامة، وطلال البرازي محافظ حمص، وقد سمعنا الكثير من الوعود والتعهدات التي لم نجد لها صدى على أرض الواقع حتى الآن".
وتابع: "نحن في لجنة التفاوض لن ننتقل للمرحلة الثالثة من الاتفاق إلا بإنجاز بند المعتقلين مهما امتد من الزمن، فلا قيمة لأي اتفاق لا يشمل بيان وضع المعتقلين وإطلاق سراحهم".
جدوى الاتفاق
وذكر الشامي أن "الحقيقة أنه خلال فترة تنفيذ الاتفاق كان هناك وقف تام لإطلاق النار من الطرفين، وتم كسر الحصار الغذائي المفروض على الحي جزئيا، حيث دخلت قافلتان لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ودخلت قافلة غذائية للجنة الدولية للصليب الأحمر، إضافة لدخول كميات من الأغذية بشكل يومي من معبر "الشؤون الفنية" التابع للنظام، الأمر الذي أعاد إنعاش الحياة في الحي".
ويضيف الشامي شارحا ما أسماها "نقاطا هامة تتعلق بالاتفاق": "النظام يحاول مساومتنا على حاجاتنا الإنسانية كحي محاصر بشكل تام، ويضم ما يقارب 14000 عائلة لتحقيق مكاسب سياسية، فاتفاق الوعر هو اتفاق إنساني بحت، ولا يتضمن أي جوانب أو نقاط سياسية، في حين روج النظام للاتفاق كمثال للاتفاقات السياسية التي تفضي بخروج مقاتلي المعارضة واستلام قوات النظام للحي، مع العلم أن من خرج من الحي في المرحلة الأولى لا يتجاوز عددهم 270 مقاتلا لديهم أسباب خاصة، ولا يتجاوزون 8 في المئة من المقاتلين الموجودين في الحي بشكل عام".
ولفت الشامي إلى أنه "حتى اللحظة، لم تنسحب الفصائل العسكرية من أي نقطة عسكرية، وإنما الوضع عسكريا هو أشبه بالتجميد التام، مع احتفاظ كل طرف بنقاط سيطرته".
ويشير عضو لجنة التفاوض إلى أن "النظام يتعاطى مع اتفاقية (حي) الوعر وفقا للمتغيرات السياسية والعسكرية في عموم
سوريا، فتراه متلهفا لتطبيق بنوده في فترات معينة مثل فترة ما قبل التدخل الروسي، والفترة الواقعة بين اجتماع فيينا وانعقاد مؤتمر جنيف 3، في حين تراه غير مهتم في فترات أخرى، ولا سيما بعد ازدياد الدور العسكري الروسي والتراجع العسكري لقوى المعارضة في مناطق ريف اللاذقية ، وريف حلب الجنوبي".
وبشأن آخر المستجدات المتعلقة بالحي الذي شهد زيارة وفد من الصليب الأحمر خلال هذا الأسبوع، قال الشامي: "حاولت منظمات دولية مثل الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة؛ إدخال مواد طبية (جراحية) إلى الحي، فكان النظام يرفض ذلك ويمنع إدخالها ويضع المنظمات أمام خيارين: إما إدخال قوافل المساعدات دون المواد الطبية الجراحية، أو عدم إدخال القوافل كاملة، فتختار المنظمات الخيار الثاني وتقف عاجزة أمام تعنت النظام ورفضه"، وفق تعبيره.